تزايد الاصابات بجدري القرود… يثير التساؤلات حول انتقاله

تالا الحريري

لا تزال التساؤلات تدور حول جدري القرود، بعد إعلان منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ بشأنه، فيما الدول غير مدركة للطريقة الأساسية لانتقال هذا الفيروس كي تأخذ الحيطة، لأن الافتراضات والدراسات مستمرة، وكالعادة عند ظهور أي فيروس جديد تبدأ التحليلات والشائعات حوله ويبدأ الهلع من لا شيء.

بعد إنتشار دراسة لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، تُبيّن أنّ فيروس جدري القرود ينتقل عبر غبار الجو بطريقة مشابهة لفيروس كورونا، نفى الباحثون إستناداً الى عدة دراسات نسبةً إلى مئات الاصابات، الفرضية التي تقول إن للهواء دوراً كبيراً في انتقال الفيروس. وبالتالي، تبطل هذه الدراسة أهمية عزل المرضى لأسابيع، كما يحدث في فرنسا حالياً وفي بلدان أخرى.

اما لناحية إنتقال المرض، فلا يزال الباحثون مترددين إلى حد كبير في وصف جدري القرود بأنه مرض ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي على الرغم من أنّ الاصابات الحالية تبيّن إرتباطها به. وبعد ذلك بات يثار تساؤل جديد، هل ينتقل الفيروس عبر الجلد لدى الاتصال الجنسي فقط، أم يمكن أن ينتقل عبر السائل المنوي؟.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنه “لدى دراسة الجينوم، نجد بعض الاختلافات الجينية، لكننا لا نعلم ما مدى أهمية هذه التغييرات الجينية، والأبحاث جارية لتحديد الآثار المحتملة لهذه الطفرات على انتقال المرض وشدته”.

من المعروف أنّ طريقة إنتقال هذا الفيروس تكون عبر الاتصال الجنسي أو من الحيوانات خصوصاً، لكن الغريب إنتقال فيروس من الانسان إلى الحيوان، فقد أشارت دراسة نُشرت في مجلة “لانسيت” مؤخراً إلى أول حالة تم فيها انتقال المرض من مصابين بشر إلى كلب، وهما رجلان أصابا كلبهما بالعدوى في باريس. وحتى الآن لم تُسجل سوى حالة واحدة، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، الخطر يكمن في نقل الفيروس إلى الحيوانات البرية وليس الأليفة.

وحسب مسؤولين في قطاع الصحة في الولايات المتحدة، ارتفعت حالات الإصابة بجدري القرود في البلاد إلى حوالي 6,600 حالة فيما أعلنت حالة طوارئ صحية عامة بعد تزايد عدد الإصابات. هذا الاعلان هدفه الحد من تفشّي جدري القرود في البلاد بالدرجة الأولى، ولتسريع وتيرة توزيع اللقاحات وتقديم العلاجات وتوفير الموارد الفديرالية.

وبعد نيويورك من حيث عدد الإصابات، جاءت ولايتا كاليفورنيا وإلينوي اللتان أعلنتا حالة طوارئ في وقت سابق من الأسبوع الجاري. وحتى الآن، أعلن عما يزيد عن 26 ألف شخص مصاب بجدري القرود، حسب بيانات صادرة عن مراكز الولايات المتحدة الخاصة بالسيطرة على الأمراض ومكافحتها.

تبقى التوصية الأساسية في إعطاء الأولوية للمثليين والعاملين في القطاع الخاص في الحصول على اللقاح كونهم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بجدري القرود. وبدأ العديد من البلدان حملات تطعيم، ويعود السبب إلى توافر لقاح الجدري في الأساس، لكن اللقاحات المستخدمة لم تطور خصيصاً ضد جدري القرود، لذلك تظل درجة فعاليتها غير واضحة مع العلم أنّها قادرة على منح نسبة جيدة من الحماية.

وأكد المدير الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية أحمد المنظري أنّ “اللقاحات وسيلة إضافية مكمّلة، فحالياً لا تزال إمدادات اللقاح محدودة، علاوة على أننا لا نزال لا نعرف مدى نجاحه. ‏ومع ذلك توصي منظمة الصحة العالمية بالتطعيم الموجَه لمن يتعرّضون أو يخالطون شخصاً مصاباً بجدري القرود، ومن يواجهون مخاطر تعرض مرتفعة كالعاملين الصحيين والعاملين في المختبرات، وذلك متى تتوافر تلك اللقاحات”.

وأشار إلى أنّ “سبعة بلدان في إقليم شرق المتوسط أبلغت المنظمة رسميّاً حتى 20 آب، عن 35 حالة إصابة بجدري القرود مؤكدة مختبرياً، ولم تُسجل وفيات ناجمة عنها .أما على الصعيد العالمي، فقد ظل عدد الحالات الجديدة المبلغ عنها أسبوعياً في ارتفاع مستمر، ولم يتغير الوضع سوى في الأسبوع الماضي عندما أُبلغ عن انخفاض بنسبة 21%. ومنذ 1 كانون الثاني 2022، أبلغت 96 دولة المنظمة عن أكثر من 40 ألف حالة إصابة مؤكدة مختبرياً، منها 12 حالة وفاة”.

ولفت الى أن “فاشية جدري القرود لا تزال آخذة في الانتشار إلى المزيد من بلدان الأقاليم الستة لمنظمة الصحة العالمية. ومع أن ذلك المرض يصيب في الغالب الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، يظل الجميع عرضة للخطر. فلقد تلقينا تقارير عن حالات عدوى بين الأطفال والنساء في إقليمنا وفي أنحاء عدة من العالم”.

شارك المقال