متحور جديد يقلق العالم… ولا خطر في لبنان حالياً

تالا الحريري

كان متوقعاً ظهور متحور جديد لفيروس كورونا في أوائل فصل الخريف، من دون استبعاد أن تكون المتحورات الجديدة هذا الشتاء أقرب إلى سلالات أوميكرون الأولية التي تجاوزها الآن إلى حد كبير النوعانB.A.4 وB.A.5.، وبالفعل ظهر المتحور BA.4.6 وهو نسخة جديدة من متحور BA.4، والذي يعود في الأصل إلى أوميكرون.

هذا المتحور الجديد أثار المخاوف، بعد انتشاره بسرعة في الولايات المتحدة وبريطانيا خلال الأيام الماضية، خصوصاً مع عدم معرفة طريقة ظهوره حتى الآن، وذلك حسب “Science Alert” الموقع المتخصص بالأخبار العلمية، وعلى الرغم من ذلك، إلّا أنّ الدراسات العلمية تتوقع أن يكون متحوراً مختلطاً.

وأشار مستشار العلاج الدوائي السريري للأمراض المُعدية ضرار بلعاوي، الى أنّ “الخوف من المتحور الجديد نتيجة احتوائه على طفرتين مختلفتين عن BA.5، موجودتين في البروتين الشوكي له، وهاتان الطفرتان أديتا الى تفادي الأجسام المضادة التي أنتجها الجسم بصورة طبيعية بعد تلقي اللقاحات، أو مع الأجسام المضادة المصنعة مخبرياً ولم تكن فاعلة بالنسبة الى هذا المتحور”.

حتى أنّ عقار “إيفوشيلد”، وهو العلاج الوحيد المتاح لحماية الأشخاص الذين يعانون من ضعف وظائف المناعة ضد فيروس كورونا، قد يفقد قوته ضد السلالة الفرعيةBA.4.6 . هذا العقار من إنتاج شركة “أسترازينيكا” البريطانية، وحصل على توصية إيجابية من لجنة تنظيمية في الاتحاد الأوروبي لعلاج البالغين والمراهقين المعرضين لتطوير أعراض حادة خلال الاصابة بفيروس كورونا. ووافقت وكالة الأدوية الأوروبية كذلك على هذا العقار، الذي يساعد في إعادة “أسترازينيكا” مجدداً إلى واجهة الجهود للتصدي للوباء بعدما أدت المخاوف من حدوث جلطات دموية إلى تراجع الطلب على لقاحها العام الماضي.

وذكرت جامعة أوكسفورد أن الأشخاص الذين تلقوا ثلاث جرعات من لقاح “فايزر” ينتجون أجساماً مضادة أقل استجابة لـBA.4.6، مقارنة بـBA.4، أو BA.5، وهذا ما يشكل قلقاً إذ يشير ذلك إلى أن لقاحات كورونا قد تكون أقل فاعلية ضد المتحور الجديد.

وحسب أحدث وثيقة حول متحورات فيروس كورونا من وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة (UKHSA) فانه منذ 14 آب من هذا العام، شكّل BA.4.6 نحو 3.3% من العينات في المملكة المتحدة. ونما منذ ذلك الحين ليشكل حوالي 9% من الحالات المتسلسلة.

كما طُلب فرض المراقبة الدقيقة للمتغيرات الجديدة بما في ذلكBA.4.6 ، لأنها قد تؤدي إلى الموجة التالية من جائحة كورونا.

أعراض المتحور BA.4.6

أمّا أعراض هذا المتحور فهي لا تختلف كثيراً عن أعراض المتحورات الأخرى فيما قد تكون الغالبية العظمى من الاصابات في الجهاز التنفسي العلوي وقليلاً ما تطال الجهاز التنفسي السفلي، وهذا ما لا يسبب دخول العناية الفائقة في غالبية الأوقات. والأعراض البارزة للمتحور الجديد هي الرشح وآلام في العضلات ودموع في العينين والسعال والحمى وسيلان الأنف والعطس وصداع في الرأس.

عبد الله: لا اجراءات تضييقية أو مكثفة

وعلى صعيد لبنان، أوضح رئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله لـ”لبنان الكبير” أنّ “المواكبة من وزارة الصحة واللجنة الوطنية لكورونا ولجنة الصحة النيابية تحدث وفق معايير منظمة الصحة العالمية. في الوقت الحاضر في لبنان نحن لسنا بصدد اتخاذ إجراءات تضييقية أو مكثفة، ونعتمد التدابير العادية فقط، أي الابتعاد عن التجمعات الكبيرة والتركيز على التلقيح”، مشيراً إلى أنّ “لا خطر مباشر في الوقت الحاضر، لكن نتوقع أن نشهد موجة جديدة في فترة الأعياد (عيد الميلاد ورأس السنة)”.

أمّا بالنسبة الى خطر الاختلاط في المدارس، فلفت عبد الله الى أنّ “الخطر أساساً لم يكن على الأولاد في المدارس بل على الأهالي وكبار السن لديهم. وكل المعايير التي كانت معتمدة سابقاً لا تزال متواجدة حتى الآن. لا يمكننا أن نخسر عاماً ثانياً وثالثاً”.

وبعد أن كانت نسب اللقاح تتراوح بين 40 – 45%، أكد عبد الله أنّ “هذه الأرقام تتضارب بسبب عدم وجود تعداد سكاني لبناني دقيق، لكن حسب اللجنة الوطنية وما يطرحه الدكتور عبد الرحمن البزري فإنّ نسبة اللقاح فوق الـ50 – 60%”. وقال: “هناك مسعى جدّي لإحضار اللقاح الجديد المقوّي ضد كورونا، والذي من الممكن أن يغطي نوعين أو عدة أنواع من الفيروس”.

اللقاح هو الحل الأمثل

ويبقى علماء الصحة وخبراؤها على موقفهم الأساس وهو أنّ اللقاح الطريقة الامثل حتى الآن لتوفير الحماية ضد هذه المتحورات، معتبرين أنّ تطوير لقاحات فيروس كورونا متعددة التكافؤ التي تستهدف أنواعاً متعددة يمكن أن يوفر حماية أكثر ديمومة. وأظهرت دراسة حديثة أن لقاح فيروس كورونا متعدد التكافؤ الذي يتم إعطاؤه عن طريق الأنف أثار استجابة مناعية قوية ضد السلالة الأصلية لـSARS-CoV-2، بالإضافة إلى نوعين مختلفين من القلق في نماذج الفئران.

بايدن يعلن نهاية كورونا

وفيما ينتشر المتحور الجديد في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن إنتهاء جائحة كورونا في بلاده، وهذا ما كان مفاجأة لمسؤولي الصحة إذ قال: “الجائحة انتهت… كما ترون لا أحد يرتدي أقنعة، الجميع في حالة جيدة جداً”.

وهذا ما يظهر تناقضاً واضحاً بين إعلان رئيس البلاد إنتهاء جائحة بينما هي بدأت للتو وقد تكون أقسى من تلك التي قبلها، كما يثير التساؤل حول السبب الذي دفع بايدن الى الاعلان عن هذا الخبر بصورة مفاجئة من دون التشاور مع مسؤولي الصحة العامة في بلاده حول صحة هذه المعلومات.

شارك المقال