سير الضنية لا تستسلم… ومشاريعها السياحية طموحة

جنى غلاييني

لطالما استقطبت سير الضنية السياح العرب والزائرين من كل المناطق اللبنانية، وهي اشتهرت بأسعار مطاعمها الرخيصة قبل الحرب فكانت مقصداً للطبقات المتوسطة وحتى الفقيرة، وهي اليوم بالرغم من كل ما يمر به لبنان من أزمات على كل الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ما زالت قادرة على اجتذاب الراغبين بقضاء أوقات ممتعة، لا سيما في الأعياد إذا لم يكن هناك إقفال بسبب كورونا وحتى في نهاية الأسبوع، وتعتبر هذه البلدة كنزاً من كنوز لبنان السياحية، والمعروفة بكرم أهلها وحسن جوارهم، وبروعة طبيعتها ولطف مناخها وبمأكولاتها اللبنانيّة الشمالية الشهيّة.
هي عروس المصايف اللبنانية، محبو السير في الطبيعة ينظمون الرحلات إليها باستمرار، يجذبهم إليها موقعها الجغرافي وأبنيتها التراثية وبيئتها النظيفة وجمال بساتينها وحقول الفواكه المتنوعة التي يشتم رائحتها الزوار وهم صاعدون نحوها في سياراتهم، لُقّبت بأجمل قرية لبنانية لسنة 2017 في مسابقة أجرتها جريدة L’orient Le Jour، تمتاز عن غيرها من القرى كونها تشرف على أعمق وادٍ هو “وادي جهنّم”، وفيها أعلى قمة قي الشرق الأوسط “القرنة السوداء” ويبلغ ارتفاعها 3088 متراً عن سطح البحر، بالإضافة إلى امتلاكها خزاناً طبيعياً للمياه العذبة من ينابيع وعيون، إذ تضم أكثر من 256 نبعاً، أضف إلى ذلك أشجارها المثمرة، ويتواجد فيها 1900 نوع نبات مما يدفع الباحثين في علوم البيئة إلى حماية الأنواع المتميزة الموجودة فيها وكذلك بالنسبة إلى بعض الطيور والحشرات.
بدءاً من الربيع تتحضر البلدة لاستقطاب الزوار، الذين قد يقضي بعضهم صيفاً كاملاً فيها، تفتح ذراعيها للقادمين من مختلف المناطق اللبنانية والعالم، وتعج فنادقها بكم متنوع من النزلاء، الذين يجدون المتعة والراحة، ومن أهم الفنادق “قصر الأمراء” الذي تأسّس سنة 2003 ويعود لصاحبه محمد جواد فتفت، بالإضافة إلى مطاعم الضنيّة المقامة في الهواء الطلق على مجرى مياه نبع سير، منهم مطعم أبو النّواس، مطعم شلالات النور، مطعم خضر آغا.

 

هذه البلدة الوادعة كان يؤخذ عنها سابقاً صورة سيئة في الإعلام، إذ كانت تُتّهم بأنها حوت تنظيمات متطرفة وإرهابيّة، ومن هذا المنطلق، لكن تغيّرت هذه النظرة من خلال مشروع أعالي الجبال في جبل الأربعين، ومشروع منتجع الزحلان، مما شجّع السياح من مختلف أنحاء العالم العربي إلى زيارتها لتصبح مقصداً لهم كلّ عام.
جنّة القرى اللبنانيّة، تحتضن أيضاً مغارة من أروع ما يكون، هي “مغارة الزحلان” لوحة نحتتها الطبيعة عبر ملايين السنين، وهي أكبر معلم سياحي لايزال قيد الإنشاء، حدثنا عنها ابن الضنية الشاب مصطفى الحاج وهو المشرف السياحي على المغارة، والذي يكرّس وقتاً لهذا الاكتشاف، ولاطلاع الزوار على كواليس هذه المغارة وخباياها. تتكوّن هذه المغارة من ثلاث طبقات، حيث يخرج من الطبقة الثالثة نبع الزحلان ويشكل نهراً. وتحتوي المغارة على آثار تاريخية، اذ عُثر داخلها على عظام بشريّة يقدر عمرها بثلاثين ألف سنة، وعظام لحيوانات الدببة والغزلان، كما تم العثور على بعض الأواني الفخارية يعود تاريخها إلى نحو سبعة آلاف سنة، بالإضافة إلى آلات دفاعيّة كالسكاكين وحراب صوان تعود لما قبل العصر البرونزي.
تشكّل سير الضنيّة لوحات طبيعية تجسّدت فيها كل مقاييس الجمال والسحر الطبيعي، حيث يعمل مشروع أعالي الجبال التابع لشركة “تليفريك الضنيّة” إلى تنفيذ المزيد من الأنشطة كبناء تليفريك يبدأ من سير الضنّية ليصل إلى جبل الأربعين، بالإضافة إلى بناء bungalows، يتيح لكل السياح قضاء أجمل الليالي في منتجع أعالي الجبال، كما سيبنى قطار معلّق يسلك طريق جبل الأربعين ليمر في منطقة الصفرة. وأهم نشاط ستقوم به شركة “تيلفريك الضنيّة” هو التزلّج الذي من المرجح أن يكون في منطقة القرنة السوداء، فضلا عن “قصر الأمراء” الموجودة في الضنية وعلى مقربة من غالبية المواقع السياحية، ويتمتع بمنظر خلاب يطلّ على جبال الضنية.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً