“الأركيلة” متنفس اللبناني… ولو صارت بمليون!

تالا الحريري

لا داعي لتكرار الأحاديث عن أضرار النرجيلة أو “الأركيلة” بالعربي الدارج والتنباك والسجائر التي باتت تصنف عموماً من أسباب أمراض الجهاز التنفسي، والمرض القلبي الوعائي، وأمراض اللثة، وضعف الصحة العقلية وغيرها الكثير. كما أنّ رأس النرجيلة الواحد يعادل 10 سجائر، فيما تتسبب النرجيلة برفع كمية السموم في الدم بنسبة 26% لأنها لا تمر عبر مصفاة بعكس السجائر. وعلى الرغم من تلك الأسباب الصحية فالكثيرون لا يستغنون عن النرجيلة في روتينهم اليومي وبعضهم يجعلها مفتاح نهاره. لكن مع الأزمات الاقتصادية التي يمر بها لبنان منذ سنوات عدة وإنهيار الليرة وإرتفاع سعر صرف الدولار بصورة جنونية، باتت أسعار كل المستلزمات خيالية ولم يعد راتب اللبناني الذي لا يصل إلى الحد الأدنى للأجور يكفي لإشباع حاجاته الأساسية، فماذا عن الكمالية منها؟

النرجيلة تعتبر من الكماليات، أو بالأحرى من آخر الكماليات التي يمكن التفكير فيها، ولكنها لدى المواطن اللبناني من أولوياته وقد تبدو أهم من أمور كثيرة في نظره. وفي ظل هذا الارتفاع المستمر في أسعار المعسل والفحم والتنباك يبقى الاقبال على محال النرجيلة كثيفاً والاستهلاك مرتفعاً.

“الريجي”: لائحة أسعار المعسل

وحسب لائحة إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي”، لأسعار مبيع أنواع السجائر والمعسل في لبنان، متضمنة الضريبة على القيمة المضافة، فإنّ الكيلو الواحد من المعسل قد يصل إلى 643 ألف ليرة لبنانية، بحسب نوعه، عدا عن تكاليف الفحم والسانيتا.

هذه حسابات النرجيلة للاستهلاك المنزلي، ولكن ماذا عن المقاهي؟ فعدا عن شراء الناس المعسل والتنباك لاحتياجاتهم الشخصية، تمتلئ المقاهي بمدخني “الأراكيل” ما يجعل سحابة الدخان تغطيها، ويبدأ سعر النرجيلة من 65 – 70 ألف ليرة لبنانية وصولاً الى 200 ألف وربّما أكثر حسب كل مطعم أو مقهى والمنطقة المتواجد فيها ومعاييره.

المعسل التهريب والمصنّع منزلياً

وهناك فئة أخرى تشكل نسبة كبيرة من اللبنانيين تبتاع المعسل التهريب الذي يكون أقل سعراً من الوزارة، فمثلاً الـ50 غراماً بـ35 ألف ليرة تقريباً، وسعر “كف” المعسل أي الـ250 غراماً يتراوح بين 120 – 135 ألف ليرة لبنانية، حتى أنّ البعض بات يصنّع المعسل في المنزل بإعتبار أنّه أقل كلفة، ويعتقد آخرون أنّه يمكن صناعته بتجفيف التفاح أو غيره من الفاكهة وزيادة السكر، ولكن فعلياً تصنيع المعسل في المنزل يحتاج إلى كل من التبغ الخام، عسل أسود أو سكر مقطّر، غليسيرين وأخيراً إضافة النكهة وقد لا تبدو كتلك المصنعة في المعامل.

وذكر أحد الشبان لـ”لبنان الكبير” أنّه لا يزور المقاهي ويفضّل أن يحضّر “أركيلته” في المنزل ويستمتع بها، وهي من الأساسيات بالنسبة اليه. وقال: “لا يمكنني أن أصحصح من دون تحضير الأركيلة إلى جانب كوب من النسكافيه، كما أنّ لا سهرة تكتمل لدي من دونها. فهي تسلّي بالفعل أكثر من الدخان وطعمها ألذ”.

وأوضح أنّ تعلّقه بها زاد في فترة الحجر أثناء جائحة كورونا، مشدداً على أنه “لو صارت تكلفني مليون ليرة شهرياً فلا فارق عندي، لأنني متأكد أنّ كل شخص مدمن على الأركيلة لن يوقفها بسبب غلاء الأسعار، فكل شيء بات غالياً هذه الأيام وليس المعسل والفحم فقط. قد أخفّف إستعمالها من 5 رؤوس إلى 3 أو إثنين ولكن لا غنى عنها في النهاية”.

شارك المقال