الصحة النفسية للأطفال ضحية انتشار الأوبئة

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

ترك فيروس كورونا خلفه رزمةً من المشكلات التي لم تقتصر على الصعيد الصّحي وحسب، بل شملت الصعيد الاقتصادي، الاجتماعي والنّفسي.

فتك بالجّميع كباراً وصغاراً، ولا يزال الكوكب يُلملمُ جراحه حتى الآن ويحاول التعافي. لكن الأطفال كانوا الخاسر الأكبر، فقد سرق منهم الوباء فترةً من حياتهم كانت أساسيّة للنمو وتكوين شخصيّتهم، والانخراط في المجتمع. سرق منهم طفولتهم وصحّتهم النّفسية.

خلق الوباء لدى الأطفال حالةً من الخوف والهلع، فبحكم صغر سنّهم لم يفهموا فعلاً ما كان يجري، ولم يستوعبوا علمياً الموضوع، ولكنّهم شاهدوا وتلقّوا المعلومات بطريقتهم. سيطر عليهم الخوف من كلّ شيء، وحتّى الآن بعد انحسار الوباء، لا يزال قسم كبير يعاني.

وما زاد الطين بلّة في لبنان، هو الحديث مجدّداً عن انتشار وباء الكوليرا، لتتوالى الارشادات في المدارس من جديد، ويبدأ الخوف لدى الأطفال.

وفي حديث لـ “لبنان الكبير” تقول المعالجة النّفسية هانيا كنيعو: “إنّ الحديث عن أزمة صحّية جديدة قد يخلق لدى الأطفال امّا تقبّلاً للارشادات الصّحية بحكم تجربتهم السابقة في موضوع كورونا، وامّا هلعاً لأنّهم عاشوا الخوف في السابق. ومع التّوعية التي تقوم بها المدارس للوقاية من الكوليرا وعدم انتشاره، سيكون على الأطفال التقّيد بالتّعليمات وفهم الموضوع، وهذا الأمر يعود أيضاً الى الأهل، الذين عليهم تنبيه أولادهم ولكن بطريقة لا تخلق لهم سرساباً وهلعاً من المرض عموماً، فمن الممكن أن تنشأ لدى الأطفال حالة خوف ترافقهم لفترة طويلة من حياتهم، ولهذا على الأهل أن يتصرفوا هم أيضاً بمسؤولية ومن دون مبالغات كي لا يقلّدهم الأطفال”.

وتؤكد كنيعو أن “الصّحة النّفسية للأطفال مهمّة كالجّسدية، وعلى الأهل أن ينتبهوا جيداً الى أدق التّفاصيل في حياة أولادهم اليومية وتصرّفاتهم لكي يكونوا على مقربة منهم وتقديم العلاج إن لزم الأمر”.

وتقول دنيا ع. وهي أم لثلاثة أطفال: “لاحظتُ تصرّفات ابني الذي يبلغ من العمر عشرة أعوام عندما بدأ موضوع الكوليرا ينتشر وقامت المدرسة بالتوّعية عنه، فقد تحوّل الأمر لديه الى سرساب، وأصبح يرفض تناول الخضار، ويدقّق بنظافة كل شيء حوله، اذ أنّه عاش وباء كورونا أيضاً ولم يكن يخلع الكمامة نهائيّاً. وأحاول قدر المستطاع تبسيط الأمور له لكي يتخلّص من الخوف الذي يعيشه”.

شارك المقال