معرض الكتاب يعود بعد إشكالات… شمعة في ظلام بيروت

حسين زياد منصور

يعود معرض بيروت الدولي للكتاب بدورته الـ 64، بعد غياب 3 سنوات، فقد حالت التظاهرات التي عمت بيروت ومختلف المناطق اللبنانية في العام 2019 دون افتتاح الدورة، وفي العام 2020 كان انفجار المرفأ الذي دمر المكان حيث يقام المعرض عند واجهة بيروت البحرية، وكذلك في العام 2021 بسبب أعمال الترميم، وفور انتهائها في آذار 2022 أقيم المعرض بدورته الـ 63.

الدورة الـ 63 التي عقدت في آذار الماضي في غير موعدها، شهدت مشاركة ما يقارب 90 دار نشر الى جانب 4 دور نشر من سوريا ومصر، و10 دور من إيران، في غياب كبرى دور النشر المحلية والعربية، وذلك لأسباب مختلفة، منها سياسي، ومنها لارتباط دور النشر بفعاليات خارج البلاد، ومنها بسبب الأزمة الاقتصادية، أو بسبب اغلاق بعضها أو توقف نشاطه على الساحة اللبنانية، ورافقها العديد من الاشكالات والانتقادات بسبب وجود صور لقاسم سليماني في أحد أجنحة دور النشر وتطورت الى اقتتال وتضارب.

اليوم وعلى الرغم مما جرى، الى جانب المشكلات والأزمات الاقتصادية التي يعاني منها اللبنانيون منذ أكثر من 3 سنوات وما تبعها من انهيار في قيمة الليرة اللبنانية وغيرها الكثير، يصر المنظمون على أن انعقاد المعرض في دورته الـ 64 في ظل الأزمة الاقتصادية مغامرة وانجاز، وأن هذا الحدث هو من معالم لبنان الثقافية، مع العلم أن عدد دور النشر المشاركة انخفض بمعدل النصف لما كان عليه قبل العام 2019.

المحلل السياسي فيصل عبد الساتر رحب في حديث لموقع “لبنان الكبير” بعودة المعرض الدولي للكتاب واستئناف نشاطاته في لبنان كما هو معتاد منذ أكثر من ٦٣ عاماً وها هو في دورته الـ ٦٤، “لكن لا أحد يختلف على أن الواقع في لبنان اليوم مختلف عن السنوات الماضية، وفي كل عام مع وجود هذه الطبقة السياسية يزداد الواقع سوءاً أكثر بكثير من أي وقت مضى، خصوصاً مع دخول الدولار الجمركي حيز التنفيذ، اذ سيؤثر على أسعار الكتب، وسيكون أثره كبيراً على المتذوق والمثقف اللبناني فضلاً عن تراجع دور الكتب على الصعيد العالمي”.

ورأى أن “ما حصل في الدورة السابقة، أمر مفتعل ومدبر لغايات معينة، واليوم لم يعد بإمكان من فعل ذلك التفكير بهذه الطريقة لأنه سيتعرض لرد إذا ما حاول القيام بسلوك كهذا، مع العلم أن هذا السلوك مرفوض، سواء كان الأمر متعلقاً بسليماني أو غيره، لأنه مرتبط بحرية الرأي والتعبير التي كرّسها الدستور اللبناني ويحافظ عليها. وما جرى لا يقدم أو يؤخر في طبيعة الاختلافات والانقسامات السياسية في لبنان”.

اما الكاتب والشاعر والصحافي يوسف بزي فأسف لـ “تحول أي نشاط ثقافي الى نوع من الترف، لا أهل بيروت ولا اللبنانيون قادرون عليه”، لافتاً الى أن “مناسبة معرض الكتاب تحولت من لحظة احتفاء بإنتاجية بيروت الثقافية ودور النشر اللبنانية والعربية الى لحظة تحسر على زمن ينقضي ودور ينطفئ وعاصمة تموت ببطء”.

وأشار الى أن “معرض الكتاب في السنوات الأخيرة توقف لأسباب قاهرة ثم عاد بطريقة رديئة، ويستأنف هذا العام ويبدو كأنه شبح لمعرض بيروت للكتاب”، معتبراً “أننا نستنفذ للأسف آخر ذخائر الذاكرة والثقافة ولا أرى أي إضاءة لمناسبة كهذه، فبيروت لم تعد جذابة لا كسوق ولا كمركز طبع ونشر ولا لدور النشر العربية والأجنبية”.

ورأى الكاتب والمخرج المسرحي يحيى جابر أن “اقامة معرض بيروت من ضمن محاولات الجميع لاستعادة بيروت أنفاسها، على مختلف الصعد من كتب وسينما ومسرح في ظل الأجواء والظروف التي نعيشها، والجميع يسعى كل على طريقته الى جعل بيروت تستعيد دورها ووظيفتها”.

وأكد أن “ثمن الكتاب في هذه الظروف ارتفع، فكل المعارض والدور تريد أن تستنهض نفسها بشكل أو بآخر، أولاً ضمن معرض الكتاب، ولكن مع تطبيق الدولار الجمركي سيكلف الكتاب مبلغاً باهظاً، بانتظار الآلية التي سيتبعونها، ولهم الاحترام والتقدير لأنهم يسعون الى إنارة شمعة في الظلام الذي يخيّم على بيروت”.

شارك المقال