زراعة الشعر الأكثر طلباً في تركيا… ماذا عن لبنان؟

جنى غلاييني

على مدار السنوات الست الماضية، كانت تشاهد في شوارع تركيا مجموعات من الرجال والنساء تتجول ورؤوسها مغطاة بالضمادات أو علامات حمراء زاهية… إنها علامة على واحدة من أسرع الصناعات نمواً في تركيا، هي عملية زراعة الشعر.

يزور الملايين من السياح الطبيين الدوليين تركيا كل عام، ويبحث بعضهم عن علاجات الرعاية الصحية، لكن معظمهم يزورها لاجراء جراحة تجميلية أو لزراعة الشعر. ولأنّ تركيا لديها مرافق طبية مرموقة وعيادات متقدمة مجهزة بأحدث الأدوات والتقنيات، غالباً ما يكون أطباؤها مهنيين مشهورين دولياً يقضون سنوات في إتقان حرفتهم وتنويع مهاراتهم، لذا أصبحت البلاد وجهة للسياح الطبيين الباحثين عن عمليات زراعة الشعر.

وتعد زراعة الشعر عملية دقيقة ومكلفة بحيث يقوم الطبيب أو الفني بفتح آلاف الشقوق الصغيرة في مقدمة فروة الرأس، ثم يأخذ بصيلات الشعر من مؤخرة الرأس ويدخلها في تلك الشقوق الموجودة في الأمام. إذا نجحت العملية فستؤدي إلى نمو شعر جديد وهو أحد الطرق لمكافحة الصلع. لكن في حال فشلت، سينمو الشعر في اتجاه غير طبيعي وهناك خطر كبير للإصابة بالتهاب الجلد والتندب.

وفي تركيا هذه العملية ليست مجرد إجراء طبي، اذ تقدم كل عيادة في اسطنبول تقريباً صفقة شاملة تشمل اصطحاب الزبون من المطار وإحضاره إلى الفندق بواسطة سائق خاص توفره العيادة، التي تكون حجزت غرفته فيه، كما تتولى نقل الزبون من الفندق الى العيادة في يوم العملية أيضاً.

تركيا الأهم في زراعة الشعر

أكد رئيس الجمعية التركية للسياحة الصحية الدكتور ثروت ترزي أر، أن تركيا استقبلت خلال العام 2022 أكثر من مليون سائح جاؤوا لإجراء عمليات زراعة الشعر، مشيراً الى أن قطاع السياحة الصحية حقق خلال هذا العام أرباحاً جيدة، والقطاع قدّم خدمات بقيمة نحو 4 مليارات دولار.

وأوضح أن نصف حجم التداولات البالغة 4 مليارات دولار في 2022 جرى تحقيقه في قطاع خدمات زراعة الشعر، لافتاً إلى إقبال كبير من الدول الأوروبية على تلقي خدمات الرعاية الصحية في تركيا، فيما تقوم مؤسسات الرعاية الصحية المحلية بعقد اتفاقات مع شركاء خارجيين لضمان حصول المواطنين الأجانب على خدمات عالية الجودة.

وعن الامكانات التركية الجاذبة، قال ترزي أر: “إن اسطنبول تتخذ خطوات واثقة نحو هدفها المتمثل في أن تتحول إلى عاصمة السياحة الصحية في العالم. وبدأنا إجراء عمليات زراعة الشعر بواسطة الروبوتات، وبإمكاننا زيادة جودة الخدمات الصحية باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة”. 

كلفة منخفضة

وعلى الرغم من كل هذه التقديمات، فإنّ كلفة عملية زراعة الشعر في تركيا تعتبر منخفضة مقارنة مع بلدان أخرى، كما أنها شائعة جداً، وما يزيد الأمر اهتماماً وحماساً، أن من يقوم بها جراحون مؤهلون تأهيلاً عالياً يجذبهم الطلب الهائل على هذه العمليات في البلاد.

ومن المساهمات الكبيرة في انخفاض كلفة العلاج في تركيا، الترويج الفاعل للسياحة العلاجية الذي تقوم به الحكومة، بحيث لا تدفع العيادات والمستشفيات التي تجري عمليات زراعة الشعر ضريبة القيمة المضافة. والميزة نفسها متاحة للعيادات التي تجري علاجات أخرى مثل طب الأسنان التجميلي أو الجراحة التجميلية أو التلقيح الاصطناعي للسياح الطبيين.

ولدعم معايير الرعاية العالية في البلاد وحماية السياح الطبيين، يجب أن تكون العيادات والمستشفيات التي تنفذ مثل هذه الإجراءات معتمدة من وزارة الصحة التركية. وبالتالي، يمكن لهؤلاء السياح الباحثين عن زراعة الشعر في تركيا أن يتطلعوا إلى مستوى عالٍ من الرعاية والمهنية.

العمليات الناجحة مكلفة

الدكتور ربيع عاشور، المتخصص في العمليات التجميلية والجراحية، عزا عدم تفوّق لبنان في عمليات زراعة الشعر الى أن “هذه العمليات تتعلق بسياسات الدول، وهذه السياسات في لبنان بعيدة جدّاً عن طريقة التفكير في إدارة شؤون الدولة، والأمر يحتاج الى خطة صحية متكاملة”.

وشرح لـ”لبنان الكبير”، الفرق بين عمليات زراعة الشعر في لبنان وتركيا، قائلاً: “هناك معلومة مهمة جّداً يجب معرفتها وهي أنّ العمليات الناجحة في تركيا أصلاً مكلفة، ما يعني أنّ ليست كل عمليات زراعة الشعر بكلفة متدنية تكون ناجحة في تركيا، فهي كلبنان فيها مراكز جيدة وأخرى غير جيدة”.

ولفت عاشور الى أن الأسعار المتفاوتة في عمليات زراعة الشعر في لبنان سببها أنّ “البلد في حالة من الفوضى، فيمكن أن نجد أي فني قد أجرى دورات في عملية زراعة الشعر يبدأ بسعر 300 دولار وما فوق، ولكن المراكز المكفولة والتي تعطي نتيجة فاعلة في لبنان لا يقل سعر عملية زراعة الشعر فيها عن 1500 دولار، والفرق بين هذه الأسعار يعود أيضاً الى التقنيات التي تعتمد في زراعة الشعر”.

وأشار الى أن “عمليات زراعة الشعر في لبنان لا تزال تجرى ولكن ليست بالكثافة التي كانت عليها من قبل، وأكثر المقبلين عليها هم المغتربون اللبنانيون الذين يعرفون قيمة زرع الشعر في لبنان”.

شارك المقال