تغير المناخ يُنذر… بما هو أخطر!

جنى غلاييني

أظهر تقرير جديد أن السنوات الثماني الماضية كانت الأكثر حرّاً على الاطلاق، بحيث أدى التركيز المتزايد للغازات المسببة للحرارة في الغلاف الجوي إلى دفع درجات الحرارة العالمية نحو نقطة تحول خطيرة.

وأشار تحليل أجرته خدمة “كوبرنيكوس” لتغير المناخ في الاتحاد الأوروبي، الى أن العام 2022 هو العام الخامس من حيث الدفء على كوكب الأرض منذ بدء التسجيلات. وأوضح أن أوروبا سجلت العام الماضي الصيف الأدفأ وثاني أحر عام عموماً، ولم يتم تجاوزه إلا بحلول العام 2020.

ووصف التحليل العام 2022 بأنه “عام من الظواهر المناخية المتطرفة” التي جلبت موجات حر غير مسبوقة في أوروبا، وفيضانات مميتة في باكستان، وفيضانات واسعة النطاق في أستراليا، وشهد وصول البحر المتجمد الجنوبي إلى أدنى مستوى له على الاطلاق.

وذكر أن متوسط ​​درجة الحرارة السنوية بلغ 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي، مسجلاً السنة الثامنة على التوالي من درجات الحرارة على الأقل درجة واحدة فوق الفترة المرجعية 1850 إلى 1900. وسلط الضوء أيضاً على ارتفاع تركيز الغلاف الجوي لثاني أوكسيد الكربون والميثان، وهي غازات الدفيئة القوية التي تحبس الحرارة في الغلاف الجوي وتسخن الكوكب.

قبل أن يبدأ البشر في حرق كميات كبيرة من الوقود الأحفوري، كان تركيز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي يبلغ حوالي 280 جزءاً في المليون. وفقاً لـ “كوبرنيكوس” فقد بلغ متوسطاً ​​سنوياً قدره 417 جزءاً في المليون في العام 2022، بزيادة قدرها 2.1 جزء في المليون مقارنةً بالعام 2021. وتظهر السجلات أن تركيز الكربون في الغلاف الجوي لم يكن بهذا الارتفاع في حوالي مليوني عام.

وأكدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن العالم بحاجة إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى النصف تقريباً بحلول العام 2030، وتحقيق صافي صفر بحلول العام 2050 للحصول على أية فرصة لإبقاء الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

وفي حديث مع الخبيرة والاستشارية في سياسات التكيف مع تغير المناخ الدكتورة ريم خميس، توضح لـ”لبنان الكبير” أنّ الارتفاع الحاصل في درجات الحرارة سببه تأثير الاحتباس الحراري الذي يعود الى الثروة الصناعية التي اتُكل فيها كثيراً على البترول والكربون وغيرها من المواد الملوّثة، لافتة الى أنّ التلوث ليس هو ما يؤدي الى تغير المناخ بل مواد محدّدة وتنبعث حين يكون هناك تلوث كثاني أوكسيد الكربون والميثان وغيرها… وهذه الغازات ينتج عنها احتباس الحرارة.

وتشير الى أن “أشعة الشمس تبقى محبوسة في الغلاف الجوي وتنبعث الأشعة في كل الاتجاهات ما يسبب ارتفاعاً في الحرارة، وليس المقصود فيها هنا الدرجات وحسب، إنّما لديها مضاعفات ثانية، فعندما ترتفع الحرارة ترتفع الرطوبة وتزداد نسب التبخّر أكثر في كل السطوح المائية لتتسبب بتساقط أمطار غزيرة، ما ينتج عنه فصل شتوي قاسٍ وفصل صيفي حار جدّاً، فلا يعود هناك اعتدال حراري في فصلي الخريف والربيع. كما ويسبب هذا الأمر ارتفاعاً في سطوح المياه، وذوبان للثلوج خصوصاً في لبنان، حيث نشهد تقلّصاً في مدّة موسم التزلج، وازدياداً في الجفاف”.

وتشرح خميس أكثر عن المضاعفات التي يسببها تغير المناخ، بالقول: “حين ترتفع درجات حرارة البحار بالطبع ستؤثّر على الثروة السمكية وتشكّل تهديداً لوجودها. كما أن من شأن الحرارة أن تؤثّر على الزراعة، إضافة الى تأثيرها في الثروة الحيوانية وذلك لوجود حيوانات تعيش في أماكن بدرجات حرارة محدّدة، فتصبح هناك هجرة للحيوانات أو الطيور الى أماكن أكثر دفئاً أو برداً حسب ما يناسبها، وهذا ما يؤثّر في الزراعة فيصيب النباتات بالأمراض، وإذا كان هناك جفاف حاد فقد تنتج عنه فيروسات تهدد صحة الانسان، لذا كل هذه الأمور مرتبطة ببعضها البعض بطريقة ما”.

وتحذر من “أنّنا نعيش كارثة بيئية ومناخية، لما نشهده من تداعيات، والأمر سيتضاعف في حال لم نستطع أن نخفّف من الانبعاثات. والمشكلة التي نعاني منها اليوم هي النظام الاقتصادي العالمي الذي يعتمد على الغاز والبترول. وفي لبنان نظراً الى غياب الكهرباء والاتكال على المولدات التي تعمل على المازوت، فبالتأكيد ستسبب انبعاثات الغازات التي تؤدي الى احتباس الحرارة”.

وعن كيفية الحد من التغير المناخي المتسارع، تشدد خميس على وجوب “الاتكال على الطاقة البديلة والتأقلم مع تغير المناخ من خلال التخفيف من الانبعاثات، لكن في حال لم نستطع التأقلم مع المناخ ولم نقدر على التخفيف من الانبعاثات فبالتأكيد سنكون أمام كارثة مناخية كالتي نعيشها اليوم، ولكن يمكن أن تتضاعف وتزداد خطورة أكثر فأكثر”.

كلمات البحث
شارك المقال