بدائل للتدفئة بالبلاستيك والكرتون… والأضرار خطيرة

راما الجراح

فصل الشتاء في لبنان إلى جانب أزمات معيشية ومالية صعبة تقف أمام رب الأسرة لتأمين ما يلزم عائلته، أقله لتدفئتها، جعله يلجأ إلى بدائل، وابتكار وسائل، للاستمرار قدر المستطاع في بلد أقل ما يقال فيه إنه خالٍ من الركائز الأساسية للحياة الكريمة. غياب كهرباء الدولة، والفواتير المرتفعة لمولدات الاشتراك جعل المواطنين عاجزين عن استعمال المدفأة الكهربائية، والقدرة المادية الصعبة بعدما أصبح أكثر من نصف سكان لبنان في خانة الفقر حالت دون استطاعتهم شراء مادة المازوت للتدفئة، حتى أن عدداً كبيراً من العائلات يعجز عن شراء الحطب والغاز لاستخدامهما بسبب الارتفاع المستمر في أسعارهما.

يعاني اللبنانيون اليوم من أزمة تدفئة حادة، فقد وصل طن الحطب إلى ١٠٠ دولار، وجرّة الغاز ٦٠٠ ألف ليرة لبنانية، أما بالنسبة الى المازوت فحدث ولا حرج، لأن أسعار المحروقات تواصل قفزاتها اليومية كلما ارتفع الدولار، وصفيحة المازوت تساوي ٩٠٠ ألف ليرة في “دولة جهنم” الحارقة بأسعارها والباردة بجوها. يلجأ المواطنون إلى تدابير للتخفيف من تكلفة التدفئة، كارتداء ملابس شتوية ثقيلة مع وضع قبعة صوف وغطاء سميك حولهم، وفي هذه الحالة يمكن إشعال صوبيا الحطب “عالخفيف” لتقليل المصروف وقد لا يحتاجون الى إشعالها.

من البدائل التي لجأ اليها الناس في منطقة البقاع وضع كل ما يتوافر أمامهم في الصوبيا بدلاً من الحطب. يقول الحاج ي. أ، الذي يستعمل صوبيا الحطب للتدفئة منذ سنوات، في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “الأوضاع المادية ليست جيدة، وعائلتي مؤلفة من ٧ أشخاص، نجلس جميعاً في غرفة واحدة، الأطفال يدرسون معاً على الرغم من صعوبة ذلك، ولكن لا أستطيع إشعال أكثر من صوبيا في المنزل، وبكل صراحة بدأت بتجميع ثياب قديمة وأحذية، إضافة إلى بقايا الكرتون التي طلبتها من محال تجارية عدة لاستعمالها للتدفئة عند إنتهاء طن الحطب الذي استطعت شراءه لفصل الشتاء”.

أما وفاء. غ، من منطقة حمانا المعروفة بصقيعها الذي يمتد إلى ما بعد فصل الشتاء، فتستعمل عادةً صوبيا على المازوت، ولكنها اضطررت هذا العام إلى ترك منزلها وعملها والانتقال الى منزل إبنها في بيروت حتى إنتهاء الشتاء، وتأسف “لأننا نعيش في بلد يجبرنا على التخلي عن أعمالنا التي تعتبر شغفنا في الحياة واللجوء إلى مكان يمكن أن نبقى فيه على قيد الحياة كي لا نموت من الصقيع في منازلنا. أنا أرملة واعتدت أن أسند نفسي بنفسي من راتبي في العمل، ومع اشتداد الأزمة لم يعد راتبي يكفي حتى لتأمين التدفئة لنفسي”.

بالنسبة الى الغاز، يشير أبو علي، صاحب محل لبيع الغاز الى أن “إرتفاع الأسعار مخيف، وهناك عائلات كانت تقضي فصل الشتاء على مدفأة الغاز لتوفير المصروف، ولكن الغاز أصبح اليوم كارثة، وأعرف عدداً كبيراً من العائلات التي اشترت صوبيا مستعملة غالباً من (بورة الحديد) شكلاً تعتبر للحطب، ولكن مضموناً تضع فيها بلاستيك، كرتون وحتى أحذية، ولا ننكر أن دخان هذه الأشياء مضر جداً وخطير، ولكن فلتؤمن الدولة حقهم في التدفئة وبعدها نحاسبهم”.

لم يشتد الصقيع بعد، حتى أن معدلات الأمطار مقارنة بالعام الماضي لا تزال دون المعدل العام، ومع ذلك هناك الكثير من المواطنين عاجزين عن تأمين التدفئة للأيام المقبلة التي يتوقع أن تحمل صقيعاً وأمطاراً، والله يستر…

شارك المقال