مستقبل التعليم في لبنان أمانة في رقبة المسؤولين

السيد محمد علي الحسيني

إن الوضع كارثي في لبنان على كل المستويات ولا أحد يختلف في ذلك، ولكن هناك أولويات ومصالح عامة كحد أدنى لا يجب المساس بها، ومن بينها مستقبل تعليم أبنائنا الذي ما زلنا نراهن عليه فلبنان يكبر بأبنائه، وجيل المستقبل هو من سيصنع مجد هذا الوطن من جديد، ونحن نثق بهذا الجيل الذي عاش مرحلة صعبة ستجعله أكثر وعياً وإصراراً على النجاح، الا أن ما يحزننا أكثر شل حركة التعليم بصورة نهائية، ولا شك في أن ذلك ليس في صالح مستقبل هذا الجيل الذي ولد من رحم هذه الظروف الصعبة، ولكن ينبغي أن لا نحرمه من حقه في التعلم مهما كانت الأوضاع والتحديات.

استياء التلاميذ من الاضراب ومسؤولية الحكومة

يواجه قطاع التربية في لبنان صعوبات كبيرة حاله حال بقية القطاعات، فالوضع سيء جداً دفع بالمعلمين إلى فتح إضراب شامل لا سقف زمني له إلى أن يتم الاستجابة لمطالبهم، وضع جعل التلاميذ يستاؤون أكثر من احتمال إلغاء الشهادة الرسمية، ومخاوف يعيشها أيضاً أولياؤهم من مستقبل مجهول في غياب أي مؤشرات لحلحلة الأزمة. وللأسف القول بأن المشكلة معقدة في لبنان بسبب الانهيار الاقتصادي الذي انعكس وباله على حياة اللبنانيين، وما يقوم به المعلمون يأتي في إطار الضغط على وزارة التربية لتمكينهم من مستحقاتهم، وهم يؤكدون أنهم لا يرغبون في استمرار هذا الاضراب لكنهم مضطرون لذلك إلى حين الاستجابة لمطالبهم. ويبدو أن جلسة مجلس الوزراء الأخيرة كانت مخيّبة للقطاع التربوي، فقد اقتصرت المقررات على منح 5 ليترات بنزين يومياً، وفق آلية مؤجلة تصدر لاحقاً بالتعاون بين وزارات التربية والمالية والطاقة، فيما تأجل البت ببند الانتاجية بالليرة اللبنانية، وكذلك عدم صرف منحة الدولار، إضافة إلى سقوط مطلب تثبيت سعر الصيرفة للحفاظ على قيمة أجور الأساتذة في مواجهة تفاوت سعر صرف الدولار.

المطالبة بالحقوق من دون الإضرار بمستقبل التلاميذ

إننا نتعاطف مع المعلمين الذين يمرون بأقسى الظروف الاقتصادية التي يواجهونها في أكثر المراحل سوداوية في تاريخ قطاع التعليم، وللأسف لم نر أي تحرك رسمي جدي لإصلاح الأوضاع ومحاولة ترقيع ما يجب ترقيعه. لا شيء إيجابي إلى الآن ما يزيد في حالة الاضطراب لدى المؤسسة التربوية ككل. في المقابل، فإن المعلمين بين نارين نار الاستمرار في الاضراب إلى حين تحقيق المطالب ونار حرمان التلاميذ من الدروس، وهذا ما جعل بعض المعلمين يقدم على إحداث خطوة إيجابية إلى حد ما لمحاولة إحداث شيء من التوازن، فالحس الإنساني لدى المعلمين وحرصهم الشديد على محاولة تقديم المساعدة للتلاميذ تجعلنا أكثر تفاؤلاً وامتناناً للعمل الذي يقوم به بعض الأساتذة، نظير ما قامت به بعض المعلمات من تحويل بيوتهن إلى صفوف مجانية لتدريس المنهج التعليمي، في محاولة لإيقاد شمعة أمل وإنقاذ المستقبل الدراسي للتلاميذ، هي مساع مشكورة ولكننا نتمنى أن تفتح قنوات تواصل مع التلاميذ لمحاولة إدراك ما فاتهم من الدروس، والاستمرار في المطالبة بحقوقهم، كما نأمل من وزارة التربية معالجة الأوضاع كي لا يضيع مستقبل أبنائنا.


*أمين عام المجلس الإسلامي العربي

شارك المقال