المهدي بشرى إسلامية

السيد محمد علي الحسيني

إن فکرة ومبدأ المنقذ العالمي، ليست فکرة ومفهوماً طارئاً، إنما تضرب بجذورها في أعماق تاريخ کل الأمم والملل والشعوب والأديان والطوائف التي تؤمن بها بصورة أو أخرى، غير أن الفرق في الدين الإسلامي (الذي هو أکمل الأديان وأکثرها نضجاً وقرباً وفهماً للانسان) كونه لا يعتبرها مجرد فکرة أو مبدأ خيالياً أو من مبتدعات أفکار الإنسان ذاته، إنما هي حقيقة وأمر واقع يؤمن به المسلمون إلى حد اليقين، وينتظرون ظهور هذا المصلح الکبير الذي سيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً.

القيادة المهدية في ضوء الآيات القرآنية

لا شك في أن الإيمان بالامام المهدي ينطلق أساساً من القرآن الکريم، حيث وعد الله عز وجل الأمة الاسلامية بيوم يستلم فيه زمام الأمور أناس تقاة لائقون للقيادة وجديرون بها على الأرض، ومن خلالهم تتم النصرة للدين الإسلامي الحنيف. وقد فسرت معظم هذه الآيات وربطت بظهور الإمام المهدي، ومنها:

1ـ “ولقد کتبنا في الزبور من بعد الذکر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون”.

2- “وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا”.

3ـ “ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين”.

فالآيات الکريمات سابقة الذكر تدل بوضوح على أن العالم سيصل لا مناص إلى اليوم الذي تظهر فيه القيادة المثالية اللائقة على مختلف الأصعدة، ويقيناً أن المعني بها هو شخص واحد وهو المهدي.

اتفاق سني شيعي على مجيء المهدي لتوحيد الأمة

قد يعتقد البعض خطأ أن موضوع الإمام المهدي فکرة أو بدعة مذهبية، لكن حقيقة الأمر أنها عقيدة إسلامية المنبت والمنشأ والجذور، وهناك الکثير من الأحاديث عن المهدي في مصادر أهل السنة والجماعة، خصوصاً ما يحفل به کتاب “عقد الدرر في أخبار المنتظر”، حيث جاء في الباب الأول منه في بيان أنه من ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم)، عن أم سلمة (رض) قالت: “سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) يقول: المهدي من عترتي، من ولد فاطمة (رض)”، وهو حديث أخرجه الإمام أبو عبد الرحمن النسائي، في سننه، والإمام الحافظ أبو بکر البيهقي وغيرهما.

وعن أبي سعيد الخدري (رض)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) قال: “تملأ الأرض ظلما وجورا، فيقوم رجل من عترتي، فيملأها قسطا وعدلا، يملك سبعا أو تسعا”، أخرجه الحافظ أبو نعيم.

وتأکيدنا وتقديمنا لما قد ورد عند أهل السنة والجماعة بخصوص الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) لکي نؤکد على أن هناك الکثير من القواسم المشترکة والجوامع بين مذهبي أهل السنة والشيعة الإمامية في عقيدة الإيمان بظهور المهدي، وقد ورد الکثير من الأحاديث بشأنه لدى الشيعة لکننا نذكر قسماً منها على سبيل المثال لا الحصر، کما سندرجه أدناه:

قال أمير المؤمنين علي (ع) على المنبر: “يخرج رجل من ولدي في آخر الزمان، أبيض مشرب حمرة، مبدح البطن عريض الفخذين عظيم مشاش المنكبين، بظهره شامتان، شامة على لون جلده، وشامة على شبه شامة النبي (ص)”. ويذکر مؤلف کتاب “ينابيع المودة” أن النبي (ص) قال: “المهدي من ولدي تكون له غيبة إذا ظهر يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً”.

ومن هنا يتبين أن موضوع الإمام المهدي من المواضيع المهمة التي تجمع بين المذهبين السني والشيعي، وتشد من التلاحم والتقارب والتآلف بينهما وتؤكد على المصير المشترك الذي ينتظر هذه الأمة الواحدة.


أمين عام المجلس الإسلامي العربي

شارك المقال