كارثة صحية بقاعاً… مستشفى “أطباء بلا حدود” يغلق أبوابه قريباً!

راما الجراح

مستشفى نموذجي وشبه مجاني، يقدم الاستشفاء وغالبية الخدمات الطبية للمرضى من مختلف الجنسيات من دون تمييز بينهم، افتتحته منظمة “أطباء بلا حدود” وتولت العمل فيه، وأصبحت الأمل الوحيد للأهالي للاستشفاء في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان والتعقيدات الصحية والمشكلات التي يعاني منها المواطن إن كان من الضمان الاجتماعي أو من الغلاء الكبير في الفحوص والتحاليل وغيرها.

منذ ست سنوات بدأ هذا المستشفى عمله في بلدة برالياس بعد اتفاق عُقد بينه وبين وزارة الصحة اللبنانية وبمتابعة نواب والمنطقة وفعالياتها وأبرزهم النائب السابق عاصم عراجي الذي أصّر على المضي في هذا المشروع الأهم خصوصاً في يومنا هذا. “أطباء بلا حدود” هي منظمة دولية مستقلة وإنسانية تقدم الرعاية الصحية المجانية للأشخاص المحتاجين، من دون أي تمييز. بدأت عملها في لبنان عام ١٩٧٦، ومنذ العام ٢٠٠٨ تعمل في البلد من دون توقف، وتقدم رعاية طبية مجانية لأكثر الفئات حاجة في لبنان، سواء أكانوا من اللبنانيين أو اللاجئين أو العمال المهاجرين، وهي موجودة في ١٠ مواقع مختلفة في البلاد. وتشمل خدماتها تقديم الرعاية في مجالات الصحة النفسية والصحة الجنسية والانجابية وطب الأطفال والتطعيم والأمراض المزمنة، ويجري فريق “أطباء بلا حدود” المؤلف من ٦٠٠ عضو حوالي ١٥٠ ألف استشارة في العام من شمال البلاد إلى جنوبها.

وفي حديث لموقع “لبنان الكبير” قال رئيس لجنة الصحة النيابية النائب السابق عاصم عراجي: “لا يمكن إلا أن نشكر منظمة أطباء بلا حدود على فتحها المستشفى في منطقة برالياس الذي أصبح عوناً للأهالي من كل الجنسيات بخدمات طبية مختلفة وبصورة مجانية، ونشهد لها بأنها قامت بأكثر من ٦ آلاف عملية جراحية طوال السنوات الست الماضية، ولا يخفى على أحد حجم الأزمة التي يعاني منها لبنان من كل النواحي وخصوصاً في القطاع الصحي، ومن هذا الباب نحن نسعى ونفاوض اليوم مع المنظمة من جهة ووزير الصحة فراس الأبيض من جهة أخرى، كي لا يقفل المستشفى أبوابه بعد انتهاء مدة الاتفاق بينه وبين الوزارة في آخر شهر أيار المقبل”.

أضاف: “هذا المستشفى نموذجي ويقدم خدمات كبيرة منها إجراء حوالي ستة آلاف عملية جراحية، وجزء من هؤلاء المرضى كانت لديهم جهات ضامنة وكانوا غير قادرين على دفع الفروق في المستشفيات الخاصة، وفي فترة جائحة كورونا افتتح أول قسم لمعالجة هذا الفيروس القاتل في منطقة البقاع وكان له الفضل الكبير في إنقاذ مئات المرضى بدءاً من إجراء اختبارات كوفيد-19، مروراً بعلاج المرضى وعزلهم، وصولاً إلى التطعيم في جميع أنحاء البلد. وحتى في فترة الكوليرا، جهز المستشفى ١٠ أسِرّة لاستقبال المرضى المصابين​ تماشياً مع القدرة الاستيعابية والاحتياجات، كما إستقبل آلاف المرضى في قسم الخدمات الخارجية وكل هذا مجاناً ومن دون دفع أي بدلات مالية، الى جانب حوالي مئة وخمسين موظفاً وكادر طبي وتمريضي معظمهم من منطقة البقاع وكانوا يتقاضون رواتبهم بالدولار”.

وأكد عراجي أن “المنظمة أبلغتنا أنها بدأت بتقليص خدماتها وصرف عدد كبير من الموظفين، وستسلم المستشفى إلى وزارة الصحة أواخر شهر أيار وهذا ستكون له إنعكاسات سلبية على بلدة برالياس والمناطق المجاورة وخصوصاً في هذه الأوضاع المالية الصعبة وعدم تمكن جزء كبير من اللبنانيين من الدخول الى المستشفيات الخاصة”، مناشداً المنظمة “إكمال هذه المهمة الانسانية ولا سيما أن وزارة الصحة في الوقت الحالي غير قادرة على إدارة هذا المستشفى نظراً الى الظروف المالية التي تمر بها مؤسسات الدولة”. وأوضح أنه حاول مراراً وتكراراً إقناع المنظمة بالبقاء “ولكن لغاية هذا التاريخ لم أجد جواباً نهائياً، وسيكون لنا موقف بالتعاون مع المواطنين في الوقت المناسب إذا لم نتوصل إلى حل يضمن إستمرار الخدمات الطبية للأهالي”.

وأكد مصدر خاص مقرب من المنظمة لموقع “لبنان الكبير” أن “قرار المنظمة بتسليم المستشفى الى الوزارة جدّي حتى اللحظة، وليس هناك أي تطور في الملف بنية تمديد الاتفاق حتى اللحظة لأن الوضع الحالي أدى إلى تفاقم حاجات السكان، وأصبحت أعداد العاجزين عن تحمل تكاليف السلع الأساسية كبيرة جداً، والمنظمة تعيش أساساً أحوالنا الصعبة وتدرك مدى تدهور الوضع وتراجع قدرة المواطنين على الحصول على الرعاية، وحاولت قدر المستطاع تقديم المساعدة، ولكن وصلت إلى مرحلة أصبحت قدراتها محدودة، ولم يعد باستطاعتها الاستجابة لكل الحاجات، وهي محبطة بسبب هذا الموضوع وخصوصاً بسبب الناس الذين اعتادوا منها على الدعم الطبي على مدى ٦ سنوات”.

مصير الناس معلق بين قرار المنظمة من جهة، والمفاوضات لاعادة تمديد الاتفاق مع وزارة الصحة من جهة أخرى، ويبقى الأمل بإستمرار العمل فيها في بلد أصبح فيه بصيص الأمل شبه مستحيل قبل إنتخاب رئيس جديد.

شارك المقال