معاناة مرضى غسيل الكلى… من عرسال الى الهرمل!

راما الجراح

“لم أستطع الذهاب إلى الموعد المحدد لغسيل الكلى لأنني لم أكن أملك تكلفة الجلسة، وهذه المشكلة لم تكن في الحسبان، كنا نذهب إلى مركز عرسال القريب من منزلنا بكل سهولة ونخضع للجلسة مجاناً”، هكذا يصف أحد مرضى الكلى معاناته، مناشداً محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر التراجع عن قراره “فنحن جميعنا اليوم مديونين لدفع تكلفة الجلسات في الهرمل والقرار مجحف بحقنا”.

وكان المحافظ خضر أصدر توجيهاته منذ حوالي شهر بإغلاق المحال التجارية التي يشغلها سوريون وأربعة مراكز صحية تقدم خدمات صحية للسوريين واللبنانيين على حد سواء وكان يستفيد منها مرضى الكلى بصورة أساسية وشبه مجانية، وبعد الاغلاق بات أقرب مركز للغسيل يبعد نحو ساعة ونصف الساعة في السيارة، ما يعني تحمل المرضى أعباء ومشقات إضافية، وبحسب “هيومن رايتس ووتش” فان ٨٩٪ من اللاجئين في لبنان هم ما دون خط الفقر، ما يعني عجز الأكثرية عن الحصول على الرعاية الصحية اللازمة وخصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي الصعب والارتفاع الكبير الذي تشهده الخدمات الطبية في لبنان.

وأكد مفتي بعلبك – الهرمل بكر الرفاعي في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنه على تواصل مع المحافظ من جهة والمسؤول عن المركز في عرسال عمير الحجيري من جهة ثانية لاعادة فتح المركز في الوقت المناسب من دون أي مشكلات، “وتقدموا بطلب رسمي إلى المحافظ طالبين فتح المركز أقله من الناحية الانسانية بقدر ما يعين المرضى في تلك المنطقة ويخفف عنهم تكاليف العلاج من جهة وإرهاق الطريق بعد الجلسات من جهة أخرى. بدوره قام محافظ بعلبك بتحويل الطلب إلى وزارة الصحة التي أرسلت فريقاً إلى عرسال للكشف عليه ولكن كان مقفلاً، عندها كان الرد منهم أنه لا يمكنهم إعطاء إذن لمركز مقفل أساساً، لذلك أنا طلبت من عمير فتح المركز والتوكل على الله”.

أما المحافظ خضر فأوضح أن “طبيب القضاء كشف على المركز وتبين أنه لا يستوفي أدنى المواصفات ليكون مركزاً لغسيل الكلى ويعرّض حياة الناس للخطر، وهناك شروط معينة يجب أن تكون متوافرة في المركز وهي غير موجودة، بالإضافة إلى تشغيل أطباء سوريين بصورة مخالفة للقانون، وبالتالي طلبنا من المرضى إستخدام مركز الهرمل القريب من منطقة عرسال، وأبلغنا القيّمين عليه بإصلاح وضعه حتى يصبح مطابقاً للمواصفات الصحية والقانونية وعليه يمكنهم فتحه من جديد”.

وقال في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “تواصل معنا المفتي بكر الرفاعي من أجل هذا الموضوع، ولكن عندما يكون بين يدي تقرير رسمي حول هذا المركز لا يمكنني غض النظر، ولا سمح الله في حال توفي أحد المرضى سأتحمل المسؤولية لأنني كنت أعلم وبالتالي لا أستطيع تحمل ذلك في حياة الناس، ولا يمكنني الآن إعطاء مسوغ قانوني وأكسر القانون، فليطبقوا الشروط ونحن معهم”.

وأشار المسؤول عن مركز غسيل الكلى عمير الحجيري الى أنه لم يفتح المركز حتى اليوم بعد إقفاله “لأنني لم ألمس أي حل جدّي في الموضوع، ومَن سيحميني إذا جاءت أي دورية ووجدته مفتوحاً وقامت بتشميعه؟ هنا تكبر المشكلة وأنا لا أستطيع تحمل كل هذه الأعباء، وهذا ما لا أريده أن يحصل. صحيح المركز غير رسمي، ولكن لا أملك الامكانات المادية لتأمين رخصة وخصوصاً في هذه الأوضاع الصعبة، ولو وجدت من يساعدني في ذلك لما قصرت! وهذا المركز افتتح منذ العام ٢٠١٣ تقريباً، وتوقف الدعم عنه من الصليب الأحر الدولي، والهلال الأحمر، وغيرهم من الجمعيات عام ٢٠٢١ والسبب أنهم اضطروا منذ أزمة كورونا إلى وقف الدعم عن عدة مشاريع بسبب الميزانية”.

أضاف :”في مركزنا ٧٠٪ من المرضى لبنانيون و٣٠٪ من الجنسية السورية، وقدراتنا محدودة وراتب الممرض ٣ ملايين فقط، يعني هذا المركز يعتبر تطوعياً، وعلى الرغم من محدودية قدراتنا إلا أننا نساعد الناس ونعتبر عونهم في مشكلتهم الصحية هذه، ولذلك أطلب من محافظ البقاع أن يأتي بشخصه إلى المنطقة ويرى ويسمع حاجة الناس الكبيرة الى هذا المركز، وأطلب من وزارة الصحة أن ترسل مره ثانية فريقها إلى عرسال مع التواصل معنا للكشف على المركز الذي نوفر كل الشروط الصحية فيه على قدر استطاعتنا، على أن يتم فتحه ومساعدتنا في تطبيق كل الشروط لأن الناس هنا في أمس الحاجة إليه”.

وشرح الناشط السوري في عرسال أحمد حمزة أن “هذا المركز أنشأته مستشفى الهيئة الطبية في عرسال منذ بداية النزوح السوري إلى لبنان، أي منذ أكثر من ١٠ سنوات تقريباً، وهو غير مرخص بصورة رسمية منذ ذلك الحين ولم تأتِ أي شكوى عليه ولم نبلغ عن أي إشكالية لا من وزارة الصحة ولا من أي جهة رسمية تجاهه، وهناك مرضى من الجنسيتين اللبنانية والسورية، وفجأة أتى قرار المحافظ بشير خضر منذ حوالي الشهر بإقفال المركز، وقمنا بالتواصل مع منظمات الأمم المتحدة والجهات المختصة ولكن من دون جدوى”.

وأشار الى أن “المرضى اليوم يذهبون إلى مركز في الهرمل، وتكلفة الجلسة ٥٠ دولاراً، ما عدا تكلفة أجرة الطريق، بعد أن كانت الجلسة مجانية في مركز عرسال، عدا عن التعب الذي يتكبده المريض بعد حوالي ٤ ساعات من جلسة غسيل الكلى. الموضوع لا يجب أن يُستهان به، هناك أناس تحتاج إلى جلسة كل أسبوع، ولا يخفى على أحد الوضع المأساوي الذي يعيشه أهالي عرسال وسكانها تحديداً وعجزهم عن تأمين تكلفة الاستشفاء. وهذا المركز فيه أساساً جهازان فقط لغسيل الكلى ولا يتحمل أعداداً كبيرة من المرضى، يكفي أن نقول انه يؤمن حاجات المرضى في عرسال عموماً بالقدرات المحدودة”، مناشداً أصحاب الأيادي البيض والانسانية أمثال محافظ بعلبك “الوقوف إلى جانبهم ومساعدتهم في المضي بقسم غسيل الكلى في عرسال فهؤلاء الناس عاجزون عن دفع تكاليف الجلسات أجرة للطرقات”.

شارك المقال