المغترب اللبناني وتلبية الواجب الانسانية

السيد محمد علي الحسيني

يمر لبنان بظروف استثنائية ومرحلة صعبة في تاريخه، تتطلب تحرك كل مواطن لبناني أياً كان وحيثما وجد، فاليوم لبنان الوطن بحاجة إلى كل أبنائه ليتحركوا من أجل إغاثته وإعادة إعماره وترميمه من تداعيات الجمود السياسي الحاصل والأزمة الاقتصادية التي ضربت مختلف المجالات ومقومات الحياة، ونحن نؤمن بأن اللبناني المغترب أكثر تمسكاً وحباً لوطنه ومستعد ليقدم الغالي والنفيس كل بحسب إمكانياته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وعدم السماح بانهياره.

لبنان يمتحن أبناءه 

يواجه لبنان أسوأ أزمة إقتصادية أودت بالبلد إلى شفا حفرة من الانهيار المؤكد، أزمة تسببت بجعل ما يقارب ثمانين بالمئة من الشعب يعيش تحت خط الفقر، بل وتسببت بتعطيل المدارس والجامعات وتردي مستوى المعيشة إلى الأسوأ وانهيار الخدمات العامة وانهيار الليرة أمام الدولار وضعف القدرة الشرائية للمواطن، وانعكست هذه الأوضاع كلها على الحياة الاجتماعية التي انفجرت وباتت تداعياتها تبدو جلية من خلال ما نسمعه وتنقله الصحف والمواقع اللبنانية والعالمية التي تحدثت عن أن سوء الظروف المعيشية دفع ببعض الأسر إلى إرسال أبنائها إلى دور الأيتام بسبب عجزها عن تأمين الغذاء لهم، ناهيك عن زيادة الجرائم خصوصاً جرائم السرقة والسطو المسلح في ظل غياب الدولة. للأسف هي ظروف صعبة وحالات محزنة تجعل اللبنانيين جميعاً داخل لبنان أو خارجه أمام امتحان صعب للعمل الفردي والجماعي لاسعاف هذا الوطن الذي يئن من الوجع، وجع دواؤه تكاتف اللبنانيين يداً بيد لإخراج لبنان من أزمته.

الوطن… يستغيث أبناءه المغتربين

يشكل المغتربون اللبنانيون الذين يعيشون خارج الوطن أكثر من خمسة عشر مليوناً – وفقاً لبعض الاحصائيات – وهم الغالبية العظمى بالمقارنة مع المقيمين الذين يقدر عددهم بأربعة ملايين، وهو البلد الذي تعيش غالبية أبنائه في الخارج بسبب الأزمات المتعاقبة والحروب الأهلية التي دفعت بغالبية الشعب إلى الهجرة والاغتراب، ولا شك في أنهم استطاعوا أن يحققوا تميزاً وإنجازات كبيرة وتركوا بصمتهم في مختلف المجالات سواء في التجارة أو الطبابة وغيرها، وقد تفضل الله عليهم من النعم وعوضهم خيراً لقاء هجرتهم وصبرهم، لكن ما يميز المغترب اللبناني أنه يحن إلى وطنه ويأمل دائماً العودة إليه، كيف لا وهو الذي تغنى به الشعراء وقال فيه نزار قباني: “قومي من نومكِ يا سلطانة، يا نوَّارة، يا قنديلاً مشتعلاً في القلبْ قومي كي يبقى العالم يا بيروت..”، وفي الحنين إليه قالوا: ستظلّ جبلاً شامخاً ترنو اليك الأرواح، وتتعلّق بك القلوب، وتشخص لك الهمم مهما أثخنتك الجراح يا لبنان.

إن الشعب اللبناني المغترب اليوم أمام نداء انساني وطني يدعوه ليقف وقفة تاريخية للحفاظ على وجود هذا الوطن، وأقل الايمان المساهمة كل بحسب إمكاناته والوقوف إنسانياً مع أهلهم وإخوانهم، فمن رحم الأزمات يولد الرجال، وما حك جلدك إلا ظفرك، وتقديم المساعدة في مثل هذه الظروف وهذه المحنة واجب وطني وإنساني، ولا ننسى ما قاله رسولنا الأكرم (ص): “الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ”.


*أمين عام المجلس الإسلامي العربي

شارك المقال