تلوث الشاطئ اللبناني… يستوجب معالجة مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة

تالا الحريري

بداية فصل الصيف تعني بداية موسم السباحة والغطس والنزول إلى البحر. فالسباحة من أكثر النشاطات التي يمارسها الكثير من اللبنانيين حتى في الفصول الأخرى. حين تبدأ درجات الحرارة بالارتفاع نرى الشواطئ “مفوّلة”، فغالبية الناس تستمتع بالسباحة في البحر أكثر من البركة أو البيسين، على الرغم من تلوثه بسبب عوامل عديدة أولها الانسان، ويتكرر المشهد نفسه كل سنة سواء داخل مياه البحر أو على الشاطئ.

من أكثر الشواطئ التي تثير الجدل كل سنة بشأن تلوثها شاطئ الرملة البيضاء وصيدا. ومؤخراً تداولت معلومات عن نفوق الأسماك في بحر صيدا نتيجة تلوثه ويعود ذلك إلى القاء مخلفات الصرف الصحي فيه. الا أن أحد صيادي السمك في صيدا نفى لـ”لبنان الكبير” نفوق الأسماك في بحر صيدا، مشيراً إلى أنّ “مياه الصرف الصحي تنزل منذ زمن إلى البحر لكن لا علاقة لذلك بتلوثه، فالموج يتقلب وبالتالي تتغير المياه لذلك لا يوجد ما يسمى بتلوث البحر”. وقال: “الصياد يمكن أن يعرف سبب موت السمكة بمجرد رؤيتها، فقد تكون مسممة أو فاقدة للأوكسجين أو بسبب الشمس”.

أما الصحافي والباحث البيئي منير قبلان فأكد لـ”لبنان الكبير” أنّ “الكل يعرف أنّ جزءاً كبيراً من بحر لبنان ملوث وذلك حسب تقارير ودراسات صادرة عن معهد البحوث العلمية الذي أجرى مسحاً لهذا الشاطئ في نقاط مختلفة وتبين أنّ هناك تلوثاً كبيراً في مياه البحر. تختلف هذه النسب من مكان إلى آخر، ولكن هناك تركيز أساس على منطقة بيروت وصيدا ومناطق مختلفة. هناك عشرات الأسباب لهذا التلوث ولكن في الدرجة الأولى السبب هو رمي النفايات الصلبة في البحر والتي تضم البلاستيك، إلى جانب المطامر القريبة جداً من البحر والتي يطفو عليها الموج ويسحب النفايات”.

ورأى أن “الأخطر من ذلك مياه الصرف الصحي غير المعالجة الذي تشغل النسبة الأكبرمن تلوث مياه البحر، وكان يفترض بمحطات التكرير التي بنيت في عدة نقاط في المدن الرئيسة لاستيعاب مياه الصرف الصحي أن تعالج هذه المياه وتتخلص من الرواسب وبالتالي تنزل المياه النظيفة إلى البحر. هذا لم يحصل بسبب عدم تسليم المتعهدين منشآتهم الى الدولة بحجة عدم دفعها مستحقاتهم، وحينها وقع خلاف بين الدولة والمتعهدين، وكانت هناك محطات لم تستكمل بعد ومضخات تتوقف بسبب شح المازوت، وهنا كان من المفروض أن تبت الأجهزة الرقابية والقضائية في هذا الموضوع لأنه كلما تأخرنا في معالجة هذا الموضوع كلما زادت نسبة التلوث في البحر”، موضحاً “أننا نتحدث عن تعذر معالجة مياه الصرف الصحي وبالتالي وصولها إلى البحر مياهاً مبتذلة فيها كميات من الكيميائيات ورواسب ومخلفات بشرية وعندما نتكلم عن نزولها إلى البحر من دون معالجة فهذا يعني أنّ هناك تغيراً في حموضة البحر والجو الذي يفترض أن تعيش فيه الكائنات البحرية”.

وشرح قبلان عن مخاطر البلاستيك في مياه البحر “فهناك بلاستيك كبير ومواد بلاستيكية مجهرية وتلك تكون نتيجة تحلل البلاستيك الكبير. وحسب معهد البحوث، الملابس تحتوي على مواد بلاستيكية ونتيجة الغسيل تتفكك هذه المواد وتنزل إلى المياه وتذهب إلى البحر. هذه المواد الملوثة يتناولها السمك الذي يتلوث منها وكذلك المخلوقات البحرية التي تعتبر مصدراً غذائياً للانسان، وبمجرد تناوله هذه الاسماك يدخل مواد ضارة الى جسمه ما ينعكس على صحته سلباً مع الوقت”.

ولفت إلى أنّ “الحل من ناحية الصرف الصحي هو اعادة صيانة الشبكات التي تؤدي إلى المضخات ومحطات المعالجة لأن فيها تسربات كبيرة وهذا ما يسبب روائح كريهة في الشوارع السكنية”. وقال: “نحن مع فرز النفايات والفرز من المصدر واعادة التدوير، فهناك تجارب ناجحة في لبنان حدثت نتيجة جهود الناشطين والجمعيات ودور وزير البيئة والوزارة التي ترعى هذه العمليات وتعطيها من خبراتها. لا يكفي اليوم الحديث عن صيانة وإعادة العمل بمحطات التكرير، بل علينا أن نحاسب الناس الذين تقاعسوا عن القيام بالمنشآت والمحطات لأن هذه الاموال دفعت من المال العام وبالتالي يجب أن نعمل بطرق علمية لمعالجة مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة حتى نحد من تلوث مياه البحر من أجل الحفاظ على البحر والثروة السمكية، فلذلك ضرورة اقتصادية وصحية وسياحية”.

شارك المقال