عينكم على “البطيخ” و”الخس”… الحرارة تهدد الزراعة

عبدالرحمن قنديل

يبدو أن حرارة صيف 2023 وكوارثه البيئية باتت تشكل خطراً وجودياً في العالم الذي شهد أكثر أسبوع سخونة في تاريخ البشرية خلال الأيام الماضية ولا نزال في صدد إرتفاعات كبيرة في درجة الحرارة ونسبة الرطوبة، وفق توقعات خبراء الأرصاد حول العالم، سيكون لها تأثير سلبي على الأمن الغذائي العالمي وقد يؤدي الى فشل المحاصيل الزراعية بسبب التغيرات المناخية.

رجحت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن تشهد فترة ما بين العامين 2023 و2027 إرتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة، معتبرة أن شهر حزيران الماضي كان الأكثر دفئاً على كوكب الأرض. وبحسب المنظمة فإن عتبة 1.5 درجة مئوية المسجلة ما قبل الثورة الصناعية سيتم تجاوزها بصورة مؤقتة وبتواتر أكبر، محذرة في الوقت نفسه من تطور ظاهرة “النينيو” المناخية الطبيعية التي تترافق عموماً مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة في الجفاف في بعض أنحاء العالم وأمطار غزيرة في مناطق أخرى.

لا تقتصر هذه الظاهرة على فصل الصيف الحالي، بل يتوقع أن تستمر مستويات الحرارة في الارتفاع، كل سنة أعلى من سابقتها، ويعيد خبراء البيئة أسبابها إلى التغيّرات المناخية التي يتسبب بها الاحتباس الحراري، بينما حذر أخصائيو الصحة العامة وعلم الاجتماع من التبعات الخطيرة لهذا الواقع على صحة الانسان، وتأثيراتها الكبيرة في مستقبل البشرية.

ولأننا لا نزال ضمن قطر العالم، على الرغم من الجنون السياسي في لبنان، يسأل لبنانيون قلقون من أحوال الطقس عن تداعيات هذا الخطر على بلدهم في خضم الأزمات التي يمر بها؟

كشف رئيس تجمع المزارعين في البقاع إبراهيم ترشيشي لـ”لبنان الكبير” أن “التقلبات المناخية التي يعيشها العالم يتأثر بها لبنان، لكن بوتيرة أقل بالنسبة الى ما يحدث على صعيد العالم أي ليس بقساوة الحرارة التي شهدها حالياً”.

وأشار إلى أن “درجات الحرارة المرتفعة تأتي بحدود خمس الى سبع ساعات يومياً، لفترات طويلة من 10 الى 25 يوماً بصورة متواصلة وهذه من الظواهر التي يشهدها لبنان للمرة الأولى، ففي السابق كانت درجات الحرارة ترتفع وتلامس الأربعين، لكن هذا الارتفاع يبقى محصوراً بثلاثة الى أربعة أيام وبين ساعتين أو ثلاث لا أكثر في اليوم. لا شك في أن المحاصيل الزراعية تأثرت بدرجات الحرارة، لكن لا يزال المزارع اللبناني يدوّر الأمور بطريقته المعتادة”.

وأوضح أن “الانتاج الزراعي تأثر بإرتفاع درجات الحرارة لأن هناك نباتات كانت بصدد أن يظهر انتاجها بعد شهر، وبات يظهر اليوم كالبطيخ مثلاً، اذ هذا الانتاج ظهر بصورة كاملة لمرة واحدة ما أدى الى كساده في السوق ونزول سعره بين 12 و13 ألف ليرة للكيلو في وقت كان سعره بين 30 إلى 35 ألف ليرة، ما يؤدي الى نفاده من السوق، كذلك بالنسبة الى الخس، وهذا ما يشكل تفاوتاً في غزارة الإنتاج ما بين قلته وزيادته، الأمر الذي يؤدي الى تغيير في الأسعار ما بين تدنيها وتزايدها بصورة تفوق التوقعات”.

وأكد ترشيشي أن “هناك تغييرات في العالم نالت أوروبا وشمال أفريقيا الحصة الأكبر منها. فأوروبا التي كانت تعرف بطقسها الماطر والمثلج واعتمادها على الرّي من خلال الأمطار دخلت الآن ضمن نطاق درجات الحرارة المرتفعة التي أدت بدورها الى معاناتها من مشكلات الشح في المياه، ما شكل خطراً بالنسبة الى الأنهر فيها بسبب قلة الشتاء وإنعكس سلباً على محاصيلها الزراعية وهذا ما أدى الى غلاء كبير في الأسعار في بعض الأصناف، ولبنان يعاني من المشكلات نفسها إذ بات أكثر إحتياجاً الى مياه الري بصورة أكبر، إضافة الى أن الينابيع باتت تجف بوتيرة أسرع ويمكن أن تشكل تداعياتها خطراً كبيراً على مستقبل الزراعة عموماً إن كان على صعيد العالم أو حتى على صعيد لبنان”.

وتوقع “أن تخف المساحة المروية من الأراضي بالاضافة الى الزراعة والانتاج ما يؤدي الى إرتفاع الأسعار والكلفة أكثر من السابق، ومن الممكن أن نشهد فقدان أصناف بصورة نهائية إن كان على صعيد البلدان المجاورة أم على صعيد لبنان، وهذا مؤشر على أن العالم ذاهب الى تحديات أصعب في هذا المجال ومصير الصمود ومقومات المواجهة فيها مجهول”.

شارك المقال