“عروس بيروت”… حين يتحول الركام إلى حياة

نسرين قمورية

بيروت الجميلة، بيروت القويّة، بيروت الحياة، من هذه الألقاب انطلقت فكرة تمثال “عروس بيروت” للمهندس هاني تبشراني الذي نحته بكل حرفيّة تحت إشراف شقيقه المهندس حبيب تبشراني. رفع النصب التذكاري في شارع باستور بمنطقة الجميّزة، ليظهر صلابة بيروت وقدرتها على الصمود.

أيّام قليلة تفصلنا عن الذكرى السنويّة لانفجار الرابع من آب الذي خطف أرواح شباب لبنان، فما كان من هاني إلاّ أن خلّدها بتمثال “العروس” التي تأبى الاستسلام. يقول تبشراني لــ”لبنان الكبير”: “التمثال مصنوع من الردميات والزجاج التي خلّفها الانفجار، وهنيئاً لنا، شباب الوطن من لم يتوانوا يوماً عن تقديم المساعدة وتوظيف طاقاتهم للنهوض بأرضهم”.

تمثال عروس بيروت

لماذا “عروس بيروت”؟

تتألّق العروس اللبنانيّة بأناقتها لتطلّ بأبهى صورتها فارضة جمالها بين الحاضرين، يقول هاني: “العروس هي المرأة اللبنانيّة القويّة القادرة على تخطي كل ما يعترضها وترفض الاستهوان بها، فلا خدوش في وجهها بل كمال من رحم المعاناة وتاجها إكليل من زجاج تطاير في المكان وتربّع على رأسها ليكمل إطلالتها بطعنات من أمل”.

وعن وجه العروس  يضيف: “وجه عروستنا يشبه حبيبتي التي اتصلت بي يوم الانفجار باكية في بيروت، وأنا بعيد عنها في بتغرين لا أعلم مصدر ما سمعت فسارعنا إلى بيروت علّنا نقدّم عوناً للمتضررين”.

منطقة الجميّزة أمانُ “العروس”

بعد مرور أسبوع على الانفجار، بادر الاخوان تبشراني إلى جمع الردم والزجاج من الجميزة، وفي سؤالنا عن سبب اختيار هذه المنطقة بالتحديد يستطرد قائلاً: “الجميزة، منطقة التراث والصخب وهي من أكثر المناطق تضرراً، فأردنا أن نحوّل الركام إلى حياة، جمعنا كل قطعة بأيدينا ونحن على يقين بإتمام عمل يترك أثراً طيّباً لمستقبلنا”.

تمثال “عروس بيروت” ليس بحلّته النهائيّة اليوم، هناك جدران مرتفعة أسماها تبشراني “بجدران الموت”، تم تصميمها لكتابة أسماء الضحايا، مشدّداً في حديثه على توصيف “الضحايا”، معتبراً “انّهم ضحيّة إهمال لم يكن لهم أي ذنب فيه”. 

إقرأ أيضاً: إنفجار المرفأ… البحث عن عدالة دولية

وتابع: “عروس بيروت ليس عملاً لأفخر به شخصياً، بل إنجاز لكل اللبنانيين والفضل يعود لوالدنا المهندس سيمون تبشراني”.

بيروت كما لم نشهدها من قبل، عادت لتلملم جراحها وتنتفض من تحت الركام. يطلق هاني صرخة عبر منبر “لبنان الكبير”: “نحن الشباب، ندرس في لبنان ونتعب ولنا قوّة عظيمة، وجمال أعمالنا سننقله لأولادنا بذكراها الجميلة لا بمرارة عيشها”

ختم قائلاً: “بيروت ستتعمّر، تتعمّر، تتعمّر!”.

هذه بيروت العصيّة على الانكسار وعروسة لبنان التي لا تعرف إلاّ القوّة والجمال.

شارك المقال