مكافحة حرائق الأحراج… بالذكاء الاصطناعي

عامر خضر آغا

اعتادت أحراج لبنان وغاباته أن تلتهم النيران وجهها الأخضر بفعل العوامل المناخ والطقس الخارجة عن سيطرة الدولة لا سيما لناحية ضعف القدرة على مواجهة الحرائق المتمددة بأحدث السبل التكنولوجية واللوجيستية، وحماية تلك الأحراج التي باتت تشكل المتنفس الأخير للبنانيين مع استمرار التقلص الكبير في المساحات الخضراء المتآكلة في لبنان، وآخرها حريق منطقة بسري الذي وصل امتداده حتى خراج بلدة بسابا في اقليم الخروب، ويتكرر حصوله سنوياً ليصل الى داخل بيوت البلدة مثل العديد من الحرائق من دون وجود أي ممارسة استباقية حمائية رادعة لسلامة المواطنين وممتلكاتهم.

تجلى “تطرف الطقس” بصورة واضحة كأحد العوامل البارزة في اندلاع الحرائق على وجه الدوام في الموجات الحارة المتتالية، الا أنَّ القاسم المشترك بين حرائق هذا العام والأعوام السابقة هو الافتقار إلى الجهوزية الأولية والاجراءات اللازمة للتنبه من اندلاع الحرائق لدى البلديات ومراكز حراسة الأحراج المسؤولة عن حماية الأحراج والحقول في ظل استمرار التفلت في حرق النفايات بموادها الصلبة والقابلة للاشتعال السريع على حد سواء، اضافة الى اطلاق المفرقعات النارية وكل مصدر مشابه لها. وكان من نتائج هذه الحرائق فقد لبنان العديد من أشجاره المعمرة وتصحر المناخ أكثر والأهم فقدان التربة المحروقة لبنية متينة ما يجعلها غير صالحة للزراعة ويزيد من حدة تأثير الكتل الحارة.

وفي هذا الصدد، أطلقت وزارة البيئة سابقاً “الاستراتيجية الوطنية المحدّثة للحدّ من مخاطر حرائق الغابات في لبنان” بهدف تنسيق الجهود المبذولة من الوزارات المعنية ودعم الاستجابة الوطنية لتحسين إدارة مخاطر الحرائق، تقليص مخاطر الاندلاع المتكرر لحرائق الغابات والإبقاء على الجهوزية المحلية التامة في المحافظات اللبنانية وخصوصاً القريبة من الغابات والمعرضة بصورة أكبر للحرائق في فصل الجفاف. الا أنَّ هذه الخطة لم يرتقِ مستوى الالتزام بها الى المخاطر المحدقة.

اقامة أبراج مراقبة وتوظيف حراس

وأكد الخبير البيئي مازن عبود لموقع “لبنان الكبير” أنَّ “هناك مشاريع أساسية لا بد من توافرها وتمويلها حتى تتمكن الجهات المعنية بالملف من بلديات ووزارات من ردع توسع الحرائق وأهمها تدعيم جهوزية الدفاع المدني بكل ما يحتاجه من أدوات أولية، وتفعيل دور المحاكم في تحديد أسباب الحرائق والبت بمحاسبة المرتكبين، وانشاء الطرق المهيأة في الأحراج والتي يجب على الجمعيات والمؤسسات المسؤولة في هذا الشأن أن تقوم باستمرار بتنظيفها، بالاضافة الى اقامة أبراج مراقبة وتوظيف حراس بصورة دورية تتوافر لديهم كل قدرات المراقبة الدقيقة داخل الأحراج وانشاء برك المياه في المكان الطوبوغرافي المناسب لطبيعة الأراضي.

ورأى أن “الخطوة المهمة التي تمنع لبنان من وقف الحرائق والحد منها هي عدم ادخال أجهزة الذكاء الاصطناعي AI التي تستطيع أن تتنبأ بإمكان اندلاع الحرائق عبر دراسة معدلات الجفاف والحرارة، وتقدر على أن تحل أيضاً مكان أبراج المراقبة لجهة المراقبة ذات الدقة العالية والتي تعطي التعليقات والاقتراحات لكل حادثة وتكون عادة متقنة للترصد من المراقبة البشرية”.

الدفاع المدني على أهبة الاستعداد للمواجهة

عانى الدفاع المدني ولا يزال نقصاً كبيراً في قدرته على مكافحة الحرائق والحد منها بالنوعية والسرعة المطلوبة خصوصاً مع التفاقم غير المحدود للأزمة الاقتصادية التي تشكل دائماً خطر الشلل الكلي للجهاز لعدم قدرته على شراء المواد والمعدات التشغيلية اللازمة وصيانتها في الفترات المحددة، وما أبقاه صامداً هو الكادر البشري الكبير والمتراص والذي دائماً ما يكون على أهبة الاستعداد للمواجهة والتضحية، اضافة الى عقبات أخرى تجسدت في عدم تجديد التأمين للعناصر والآليات.

وأشار المكتب الاعلامي للمديرية العامة للدفاع المدني لموقع “لبنان الكبير” الى أنَّ “المديرية العامة تعاني حالياً من صعوبات جمّة نظراً الى المهمات المتعددة والكثيرة الملقاة على عاتقها، ومن بينها إخماد حرائق الغابات في البلدات اللبنانية كافة ونشر التوعية بين صفوف المواطنين والمقيمين حفاظاً على الثروة الحرجية، وأبرزها: النقص في العتاد والتجهيزات (ثمة نقص في الاطارات والخراطيم الضرورية لإخماد النيران وسواها من المعدات) كما أن الآليات بمعظمها باتت قديمة العهد وتحتاج إلى صيانة دائمة، والأعطال الميكانيكية لعدد من الآليات نظراً الى الاستهلاك اليومي وعدم قدرتنا على تأمين التصليحات المطلوبة نظراً الى إصرار الكاراجات على تقاضي أجور التصليح بالعملة الأجنبية (الفريش دولار)، وأزمة المحروقات إذ تزود حالياً آليات الدفاع المدني بالمحروقات، بكميات محددة من المحطات العسكرية التابعة للجيش اللبناني، وعدم توافر المياه في العديد من المناطق اللبنانية، ما يضطر العناصر الى استخدام معدات يدوية لإخماد الحرائق، وتستقدم صهاريج مياه لتغذية آليات الاطفاء من البلدات المجاورة”.

شارك المقال