“برنامج أمان”… جولة ثانية لاستهداف أسر جديدة

منى مروان العمري

الأزمات التي يعيشها اللبنانيون جعلتهم يفقدون إحساسهم بالأمان في بلد ليس لديه أدنى مقوّمات العيش الآمن، ولعل الأزمة التي بدأت منذ العام 2019 وما تبعها من انهيار العملة الوطنية وفقدانها لأكثر من 85% من قيمتها كانت ضربة موجعة على رؤوسهم، ما أدى الى تلف كبير في كل الأوردة والشرايين الحيوية والأساسية المفترض أن تكون على الأقل بصحتها السليمة. فالغالبية تعاني وتكابد الأوضاع الصعبة في المعيشة والحياة، وهي محرومة من كل مقومات السلامة والتي لا يعكس وجودها إلا واقعاً تهالكت الصحف والأقلام في التعبير عنه.

في آذار 2022، أصدرت الحكومة اللبنانية أول مؤشر متعدد الأبعاد للفقر، استناداً إلى بيانات مسح الأسر المعيشية 2018 – 2019 على 19 مؤشراً، تتوزع على 5 أبعاد: التعليم، الصحة، الرفاه المالي، البنية التحتية الأساسية ومستويات المعيشة. ووجد التقويم أن 53.1% من السكان في العام 2019 (أي قبل الأزمة) كانوا يعيشون في فقر متعدد الأبعاد.

في المقابل، أشار الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين في حديثٍ سابق، إلى إحصاءات حصلت في نهاية العام 2022 تظهر أن طبقة الأثرياء في لبنان بلغت 5%، والطبقة الوسطى 40%، بعدما كانت 70%، لتشكّل نسبة الطبقة فوق خط الفقر 30%، والطبقة تحت خط الفقر 25%.

بانتظار التمويل من البنك الدولي

وفي هذا الصدد، عملت وزارة الشؤون الاجتماعية على برامج للمساعدات، والمستفيد هم “العائلات الأكثر فقراً لتخطي الصعوبات المعيشية والاقتصادية”، وليس لجميع اللبنانيين.

ومن البرامج التي جرى تنفيذها في شهر كانون الثاني 2021، بحسب ما أوضحت وزارة الشؤون الاجتماعية في وقتٍ سابق، برنامج مموّل من البنك الدولي، ويستهدف 150 ألف أسرة لبنانية من الأسر الأكثر فقراً، ويقدّم مبلغاً شهرياً قدره 20 دولاراً لكل فرد من أفراد الأسرة، على أن يكون الحد الأقصى للأفراد المستفيدين 6 أفراد، بالاضافة إلى مبلغ ثابت بقيمة 25 دولاراً للأسرة الواحدة، ويؤمن أيضاً تحويلات نقدية لتغطية النفقات المباشرة للدراسة، لـ87 ألف طفل (أعمارهم بين 13 و18 سنة) من الأسر المستفيدة والمسجلين في المدارس الرسمية بمساريها العام والمهني تتراوح بين 200 و300 دولار عن كل تلميذ خلال العام الدراسي (حسب الصف والمسار التعليمي)، بالاضافة إلى الرسوم المدرسية التي تدفع مباشرة للمدرسة، مع إشارتها إلى أنه سيتم التحقق من أهلية العائلات المستهدفة من خلال زيارات منزلية للتأكد من صحة المعلومات المقدمة.

وفي هذا السياق، أشار مصدر مطلع على برنامج “أمان” لموقع “لبنان الكبير” إلى “أننا قمنا بإطلاق برنامج أمان على أساس سنة واحدة فقط لمساعدة العائلات الأشد فقراً في المجتمع، لكن بسبب عدم تحسّن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية منذ بداية اطلاق البرنامج حتى اليوم، ارتأت اللجنة المتخصصة أن تمدد المساعدة لستة أشهر اضافية، وبعدها توقفت، ولكن الناس كانوا يطالبون بعدم توقف البرنامج لذلك مددنا 6 أشهر وهكذا حتى عمل لمدة سنتين. أما في ما يخص هذه السنة، فقد أجرت وزارة الشؤون الاجتماعية مفاوضات مع البنك الدولي لمنح قرض اضافي يلبي احتياجات الأسر المشتركة في البرنامج، ووافق البنك على هذا الطلب، واليوم نقوم بالاجراءات اللازمة مع الحكومة اللبنانية لنيل الموافقة، وعندها سيتم تحويل القرض على مصرف لبنان والمباشرة بالدفع للأسر المشتركة والتي ستشترك بعد الانتهاء من الجولة الثانية”. وقال: “ليست لدينا الآن أموال لمساعدة الأسر الأشد فقراً، نحن بانتظار التمويل من البنك الدولي”.

هل للبرنامج نصيب من تسميته؟ 

وبحسب المصدر المقرّب فان “البرنامج عندما انطلق كان العدد الذي سيعمل عليه هو 150 ألف عائلة، ونحن اليوم لدينا 93,500 مستفيد من أمان، فليس كل الذين سجلوا انضموا الى البرنامج، بل هناك معايير محددة وضعها البنك الدولي ولا علاقة لوزارة الشؤون بهذه العملية، فالمانح هو الذي وضع الشروط والمعايير وفي ضوئها تجري الأمور، واليوم نجري جولة ثانية من الكشف على الأسر الأشد فقراً والتي تستوفي هذه الشروط، وما بين أيدينا اليوم هو 69 ألف أسرة قيد الدرس حتى نخرج بالعدد الأخير المستوفي للمعايير المطلوبة”.

وأكد المصدر أن “هناك من يتصلون بنا على الخط الساخن ليطلبوا المساعدة ويستنجدوا بنا، لكن نحن نأسف فلا نستطيع المساعدة لأن البرنامج مكنن ولا نستطيع تغيير النتيجة ولا حتى إعادة النظر في الطلب المقدّم”.

ورأى الخبير الاقتصادي أحمد جابر أن “هناك العديد من الأسر إمكاناتها جيدة ومنضمّة الى البرنامج بينما نجد أسراً تحت خط الفقر مهمشة وليست ضمن البرنامج، لذلك هناك ضرورة لاعادة النظر في المعايير المخصصة للبرنامج”، معتبراً أن “ما نحتاجه اليوم ليس دعم الأكل والدواء والأسر، نريد دعماً للقطاعات الانتاجية، للصناعة والزراعة، نريد أن نؤمّن على فرص عمل والحد من البطالة وندعم القدرة الشرائية للمواطن”.

أضاف: “هذه السياسات هي التي أوصلت البلد الى ما نحن عليه اليوم، غيّروا الأساليب واستبدلوها بتلك التي تفيد القطاعات الانتاجية التي ستستردّ القدرة الشرائية”.

شارك المقال