السلاح المتفلت يقلق الطرابلسيين… والثأر يرعبهم

إسراء ديب
إسراء ديب

يحصد السلاح المتفلّت في مدينة طرابلس قتلى وجرحى بشكلٍ شبه يومي، في ظلّ فوضى أمنية وإهمال رسمي لملف السلاح العشوائي، ما يُقلق أهالي المدينة الذين لا يملك الكثير منهم أسلحة لمواجهة بعض العصابات أو الأفراد المسلّحين المنتشرين بين الطرقات لا سيما الشعبية منها، محاولين مطاردة أهدافهم بخاصّة في أوقات متأخرة من الليل، مثلهم مثل “خفافيش الليل” الذين لا يخشون لومة لائم ويسرحون ويمرحون في المدينة، بلا حسيب أو رقيب.

ولا نُبالغ عندما نقول إن معظم جرائم السرقة أو القتل مؤخرًا، باتت تحصل عبر الدراجات النارية التي أصبح بعضها يُشكّل خطرًا كبيرًا على المجتمع الطرابلسي في الأشهر القليلة الماضية. أمّا عن الأشهر المقبلة، فلا تُنذر إلّا بالأسوأ أمنيًا واقتصاديًا، بسبب انهيار معايير الدولة ما يزيد من حدّة الفوضى التي تجعل من البلاد مسرحًا متاحًا لكلّ مثيري الفوضى والشغب.

عملية ثأر أم حادث عابر؟

في الساعات الأخيرة، أقدم مجهولون على متن دراجتين ناريتين على إطلاق النار من رشاشات حربية باتجاه كلّ من عامر مرعب ومرافقه طلال عمران، وذلك في منطقة القبة، ما أدّى إلى مقتلهما وإثارة حالة رعب في طرابلس خوفًا من تداعيات هذه الحادثة التي “تُثير الفوضى وستُؤدّي إلى نتائج كارثية ودموية في حال لم يتمّ درء الفتنة بشكلٍ تام”، وفق ما قاله متابع لهذا الملف لـ “لبنان الكبير”.

وفي التفاصيل، فإنّ عملية قتل مرعب وعمران اللذين ينتميان إلى تنظيم “جند الله” والمسؤول عنه الشيخ كنعان ناجي في طرابلس (وهو تنظيم موجود منذ السبعينيات، ووفق بعض المصادر فهو يضم عدداً كبيراً من شباب طرابلس)، تأتي كردّ فعل أو ثأر على مقتل يحيى حسون في منطقة أبي سمراء في طرابلس عام 2013، واتُهم حينها التنظيم بأنّه المسؤول عن عملية القتل هذه، مع العلم أن مخابرات الجيش قامت بالإمساك بملف القضية حينها، حيث أوقف شخصان متهمان بمقتل حسون، أمّا هذه الجريمة مؤخرًا التي كانت موجهة ضدّ أنصار للتنظيم فهي جاءت “لثأر آل حسون، ولم تكن عملية عشوائية أو حادثة عابرة”، وذلك بحسب مصدر طرابلسي مطّلع.

أمّا مصدر آخر، فرأى أن هذه الجريمة ليست من تخطيط آل حسون، معتبرًا أن “استغلال الجريمة التي وقعت عام 2013 في هذه الظروف القاسية التي تمرّ بها طرابلس حاليًا، ما هو إلّا مخطّط واضح لإدخال المدينة في فتنة لا نهاية لها ومواجهات مسلّحة دموية بين تنظيمين مسلّحين في أبي سمراء”.

تشييع هادئ

بعد عملية قتل مرعب وعمران، تمّ تشييعهما ودفنهما في منطقة باب الرمل وذلك بهدوء من دون إطلاق رصاص وذلك التزامًا بتوجيهات الشيخ ناجي الذي ترأس اجتماعًا مسبقًا، داعيًا إلى عدم استباق التحقيقات ورمي الاتهامات جزافًا بخاصة أن الكاميرات في المنطقة ستُظهر الفاعلين، مشدّدًا على أن “موضوع الاغتيال هو عند الأجهزة الأمنية التي ستتعرّف على الجناة، لا سيما وأنّ المعلومات تُشير إلى سقوط جريح من طرف مطلقي النار”.

ناجي: لا مواجهات مسلحة

وفي اتصال مع الشيخ ناجي، أكد لـ “لبنان الكبير” انتظارهم للتحقيقات لمدّة 48 ساعة، ويقول: “أتوقع صدور نتائج التحقيقات في هذه المهلة ولهذه الجريمة المنظمة والمدبّرة بسبب وجود شهود وكاميرات مراقبة، وبعد معرفة هوية الفاعلين سنُسلّم القضاء هذه المسألة”، مشدّدًا على “ضرورة التأكّد من الفاعلين الذين ارتكبوا هذه الجريمة” بعد كمين قويّ جدًا ومدبّر لهما”.

ولا يتوقّع ناجي حصول مواجهات مسلّحة حتّى الآن مع أي طرف، ويقول: “ليس واردًا الاشتباك حاليًا مع أي طرف كان، وكلّ ما نكترث به هو معرفة الحقيقة وليس بالضرورة أن يكون آل حسون هم من ارتكب هذه الجريمة”.

إقرأ أيضاً: سهام ” البرتقالي” المصلحية تصيب عمق التحالفات الوطنية

بدورها، نفت عشيرة “آل حسون” في بيان نشرته مسؤوليتها عن هذه الجريمة، مؤكّدة أنّها “لا تنكر وجود حقّ لها عند الشخص المغدور إلّا أنّها تُعلن عدم مسؤوليتها عن تنفيذ هذه الجريمة وقد لجأت إلى القضاء في حينه، وتُهيب بالقوى الأمنية العمل على كشف مرتكبي هذه الجريمة بأسرع وقت ممكن درءاً للفتنة وحقنًا لدماء الأبرياء في طرابلس”.

علوش: الفراغ يتسبب بتجاوزات

من جهته، رأى نائب رئيس “تيار المستقبل” مصطفى علوش أن الوضع اللبناني حاليًا وفي ظلّ الفراغ الحاصل على المستوى الرسميّ، يُشجّع البعض على القيام بتجاوزات، وقال لـ”لبنان الكبير”: “إنّ عملية الاغتيال التي وقعت في طرابلس لا نُدرك فعليًا ما إذا كانت ثارًا أم لا، ولكن لا بدّ من انتظار التحقيقات الرسمية والعودة إليها، ولكن في حال بقيت هذه التحقيقات مجهولة، يُمكن القول إن هناك مخطّطًا مقصودًا يستهدف مدينة طرابلس، ولكن في حال وصلت التحقيقات إلى نتيجة ما، سنتأكّد من وصول الدولة إلى مرحلة الاهتراء ما دفع البعض وسمح له باعتماد شريعة الغاب”.

شارك المقال