رغم استحداث مدارس طوارئ… العام الدراسي لطلاب الجنوب مهدد!

راما الجراح

في السابع والعشرين من الشهر الماضي، عرض وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عبّاس الحلبي على مجلس الوزراء خطّة الطوارئ التي أعدّتها وزارته، للتعامل مع قطاع التعليم في حال نشوب حرب في لبنان كي لا يجد القطاع التربوي ولاسيّما الرسمي منه نفسه ضحيّة غياب هذه الخطط. وأقرّت الخطة الاعتماد على التعليم عن بُعد بشقيّه، المباشر الذي يتضّمن إعداد الأساتذة الدروس، وتعليم الطلّاب مباشرة، وغير المباشر، الذي يقوم على توزيع الدروس المعدّة سلفاً للطلّاب، وهي طريقة شبه جديدة على الأساتذة والطلّاب على حدّ سواء.

استمرار الاشتباكات على الحدود الجنوبية ونزوح أكثر من ٣٠ ألف شخص، أثرا على أكثر من ٦ آلاف طالب من المناطق الحدودية بحسب تقرير “اليونيسف” الأخير بعد إقفال المدارس الرسميّة والخاصّة جنوب لبنان. وفي حين لم تتوقّف الدروس في المدارس الخاصّة إلّا نادراً، إذ اعتمدت على التعليم عن بعد أو نقل طلابها النازحين إلى فروع تابعة للمدرسة المقفلة بالتنسيق مع الأهالي، لا يزال طلاب وأساتذة المدارس الرسميّة جنوباً يحاولون تلمّس مصيرهم ومصير العام الدراسي.

التلاميذ في منازلهم بلا تعليم

أكدت يسرى، وهي أم لثلاثة أولاد، من بلدة الخيام الجنوبية أن ابنتها الكبرى تدرس في الثانوية الرسمية، والصغيرة في المتوسطة الرسمية ولم تتعلما نهائياً هذا العام، لأن الأزمة اندلعت قبل أن تفتتح المؤسسات التعليمية الرسمية العام الدراسي الجديد، إذ كان من المفترض أن يبدأ في ٩ تشرين الأول 2023، لكن اندلاع عملية “طوفان الأقصى” قبل ذلك بيومين وما رافقتها من توترات على الحدود الجنوبية أدت إلى اعتداءات إسرائيلية مستمرة لم تسمح بفتح المدارس، فبقي المئات من التلاميذ من دون تعليم.

وأوضحت يسرى في حديثها لـ “لبنان الكبير” أن ابنها في المدرسة الخاصة يتابع دروسه عبر الانترنت وبصورة طبيعية، ولم يفته شيء من المنهج الدراسي، ومن هنا يمكن ملاحظة اللاعدالة في التعليم”.

وكان وزير التربية أكد حرصه الشديد على سلامة التلاميذ بالدرجة الأولى، وعلى تأمين التعليم لهم بأي طريقة كانت، كي لا يُحرموا منه، وقال: “نحن لن نوفر جهداً إلا وسنبذله لتأمين التعليم للجميع”.

استحداث مدارس طوارئ

وأوضح مستشار وزير التربية لشؤون التعليم نادر حديفي عبر “لبنان الكبير” أن “مدارس طوارئ استحدثت في مناطق قريبة على النازحين تسمح لهم بالوصول إليها بأعداد معينة تزداد كل فترة. هذه المدارس مقدمة ضمن مشروع ممول من اليونيسف لتأهيل مراكز وأبنية جاهزة لوجيستياً، وأجهزة كمبيوتر، وغيرها، وفتحها كمدارس لطلاب الجنوب”.

واعتبر حديفي أن “المشكلة الأساسية هي وجود نسبة من الناس في منازلها على الحدود الجنوبية، ومنهم لا يملك القدرة على الانتقال إلى هذه المدارس التي تعتمد أيضاً أسلوب الأونلاين في التعليم في حال توافرت شبكة الاتصالات في الجنوب بصورة مقبولة ولكن هذا الحل ليس مضموناً. الواقع أننا نحاول بشتى الطرق إنقاذ الطلاب وتعويض ما فاتهم من المناهج الدراسية”.

وقال: “البارحة وجّه طلاب الجنوب كتاباً إلى وزير التربية عباس الحلبي شرحوا فيه معاناتهم، ومأساة تأخرهم عن زملائهم في المدارس، وطالبوا معالي الوزير بتأجيل العام الدراسي، لذلك نحاول داخل الوزارة مساعدتهم لإنقاذ عامهم الدراسي ضمن خطة وآلية مدروسة وآمنة”.

بين النزوح والتعليم

اشتداد وتيرة القصف الاسرائيلي ليلاً ونهاراً عند الحدود الجنوبية أدى إلى زيادة حركة النزوح إلى النبطية وصور بصورة كبيرة، وروى أحد النازحين للموقع أنه اضطر إلى الانتقال إلى قضاء النبطية وإدخال أبنائه الى المدارس الرسمية في هذه المنطقة كي لا تفوتهم دروسهم، ولكن ليس بحوزتهم كتب مدرسية، حتى المنهج الدراسي اختلف كثيراً بين مدرستهم الخاصة وهذه المدرسة، ولكنها الطريقة الوحيدة حتى لا يبقوا من دون تعليم.

وقالت هبة عيسى، وهي أم لـ ٤ أبناء كانوا في مدرسة خاصة في المنطقة الحدودية أيضاً: “لا يزال أبنائي من دون تعليم حتى اليوم، فلا البقاء في بلدتهم ولا النزوح نحو بيروت سمحا لهم بالدراسة، ونحن نخشى أن يخسروا العام الدراسي الحالي”.

شارك المقال