اليوم العالمي للمهاجرين… “النزيف البشري” يكبّد لبنان خسائر كبيرة

عمر عبدالباقي

“الهجرة هي الرحلة التي يخوضها القلب بعيداً عن وطنه، بحثاً عن حياة أفضل وأمان يلامسان جوهر الكرامة الانسانية”، هذه العبارة العميقة التي صاغها الأديب اللبناني جبران خليل جبران تلخّص تجربة الهجرة التي يعيشها العديد من الناس حول العالم. فالهجرة ليست مجرد رغبة في السفر أو رؤية بلدان أخرى، بل هي قرار يتّخذ بناءً على الاحتياجات والظروف الشخصية والاجتماعية الصعبة المحاطة في البلد الأم، ومن هذه الفكرة يأتي اليوم العالمي للمهاجرين في 18 كانون الأول كوسيلة لتقدير واحترام الأشخاص الذين تركوا أوطانهم وعاشوا تحت ظروف الغربة المبنية على المعاناة. ومن المعروف أن لبنان كان ولا يزال واحداً من البلدان التي تشهد نسبة هجرة عالية في العالم، وحتى اليوم يستمر هذا الاتجاه ويتطور ليصبح واحداً من أكثر البلدان استقطاباً للمغتربين في الخارج.

ومع ذلك، فإن التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها لبنان منذ ثلاث سنوات تقريباً دفعت العديد من المواطنين إلى اتخاذ قرارات صعبة بمغادرة وطنهم والبحث عن فرص جديدة، وما يحصل قد يكون عادياً عندما نرى ان نسبة البطالة في لبنان قد تخطت الـ 35% وفق منظمة العملِ الدولية.

مع اقتراب نهاية هذا العام، يمكن القول ان حالة الهجرة في لبنان وفقدان الأمل لدى اللبنانيين قد تفاقمت خصوصاً بعد “ثورة 17 تشرين” التي اعتبر العديد أنها ستكون المحطة الفاصلة التي تغير الحال اللبنانية، ولكن للأسف لم تغيرها الا الى الأسوأ من النواحي كافة، ناهيك عن الأوضاع الأمنية المتدهورة وصولاً من انفجار 4 آب 2020 الى يومنا هذا وما يشهده لبنان من تهديدات أمنية بامكان امتداد الحرب في غزة اليه. وأشار لباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين لموقع “لبنان الكبير”، الى أن إجمالي عدد المهاجرين من لبنان حتى الآن في العام 2023 يبلغ حوالي 180,000 مهاجر، سواء كانوا هجرة شرعية أو غير شرعية.

على الرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية حول عدد طالبي الهجرة في لبنان، إلا أن التوقعات تشير إلى أن هناك نسبة كبيرة من الأشخاص الراغبين في الهجرة، وهذا الوضع حتماً يؤدي إلى تكبد البلاد خسائر كبيرة، إذ يُعَدُّ العنصر البشري أحد أبرز مقوماتها، ومنها الأيدي العاملة المحترفة التي نشهد أيضا على قلتها في الساحة اللبنانية من أطباء ومهندسين ومعلمين.

ابراهيم .ح شاب عشريني هاجر بداية هذا العام الى ايطاليا بسبب استيائه من الحال الاقتصادية المعروفة، ومن التعرض لأي مشكلة تجعله غير قادر على نيل حقوقه بموجب القانون. وقال: “أعمل حالياً في مجال البناء صباحاً، وفي خدمة الطلبات في مطعم مساء، والحمد لله وضعي الحالي جيد، ولا أفكر في العودة إلى لبنان، لأكثر من زيارة”.

الاكثر توجها للهجرة

كشف مدير أحد مكاتب السفريات في بيروت محمود العجوز لموقع “لبنان الكبير” أن “الدول الأوروبية تعتبر حالياً الوجهة الرئيسة التي يلجأ إليها اللبنانيون الباحثون عن الهجرة، وهذه الدول تحظى بسمعة قوية كوجهة مفضلة للمهاجرين. وبعد ذلك، تأتي كندا كواحدة من الدول التي تفتح أبوابها للهجرة في بعض الأحيان، ما يجعلها خياراً مغرياً للعديد من اللبنانيين. وتأتي البرازيل في المرتبة التالية، وتعتبر وجهة مهمة لأولئك الذين لديهم أقارب هناك ويمكنهم تأمين فرص عمل فيها. ولكن العين بصيرة واليد قصيرة، والأمور تكون معقدة لنيل التأشيرات الى هذه الدول خصوصاً هذه الأيام للبناني”.

شارك المقال