السجون على أبواب الانفجار… الاكتظاظ يفوق 182٪ من قدرتها الاستيعابية

عمر عبدالباقي

في الأوقات الصعبة والمحن التي يمر بها لبنان، تتعاظم التحديات التي يواجهها المجتمع بأكمله، وتتأثر خصوصاً مئات الأرواح المحبوسة خلف أسوار السجون، حيث تنعدم الراحة والسلام بين جدرانها، وتزداد الضغوط والمعاناة، في الوقت الذي يعاني فيه من هم خارج السجون من صعوبة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية ولا سيما الحصول على الأدوية الحيوية والعلاجات اللازمة لأمراضهم المزمنة ومنها أدوية السرطان مثلاً، فكيف الحال بمن هم داخل السجون؟

وفقاً لمصدر أمني مطلع لموقع “لبنان الكبير”، أن الوضع في السجون لم يشهد تحسناً حتى الآن وهذا يعود الى بداية الأزمة الاقتصادية، ومن بين التحديات التي تواجهها السجون مشكلة الاكتظاظ، بحيث هناك نسبة كبيرة من السجناء الأجانب، ويشكل السوريون نحو 30% منهم، بينما الجنسيات الأخرى حوالي 12-13%.

عدا عن المستلزمات الصحية والغذائية المعدومة في السجون، فالحالة النفسية للسجناء وتحديداً في سجن رومية أصبحت كارثية من دون الوصول الى أي حلول علاجية فاعلة لهم. وأشار “المركز اللبناني لحقوق الانسان” الى ارتفاع عدد السجناء المحرومين من الأدوية التي هم بأمسّ الحاجة اليها، وقد تزداد حالتهم سوءاً إن لم يتلقوا علاجهم الموصوف، وحتماً ذلك يقف في وجه عملية إعادة التأهيل الضرورية للانخراط في المجتمع من جديد.

صبلوح: السجون مراكز لتخريج المجرمين

أما المدير العام لـ “مركز سيدار للدراسات القانونية” المحامي محمد صبلوح فرأى في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “موضوع السجون قضية شائكة تتحمل مسؤوليتها جميع الحكومات المتعاقبة وهناك اهمال من الحكومة اللبنانية بشأن هذا الملف”، معرباً عن أسفه لأن “السجون أصبحت الآن مراكز لتخريج المجرمين، فتتعدد صرخاتها ومنها مشكلة الاكتظاظ التي وصلت إلى مستوى يفوق 182٪ من قدرتها الاستيعابية، بحيث تحولت النظارة إلى سجون دائمة، في حين يجب أن يبقى الموقوف فيها لمدة لا تتجاوز 48 ساعة بموجب القانون. وللأسف، لعبت السلطة القضائية دوراً سلبياً في هذا السياق، اذ لم تلتزم بالمهل الزمنية المحددة في الاجراءات القضائية التي وضعها القانون. كما أن الاجراءات القضائية المعقدة والاضرابات تلعب أيضاً دوراً كبيراً في تأخير إجراءات المحاكمات للسجناء”.

وعن الحال الصحية للسجناء المطلع عليها صبلوح، أكد أن “هذا الشق في السجون حالته خطيرة للغاية، بحيث بدأ الأطباء والممرضون بالاضراب بسبب عدم تلقيهم أتعابهم المستحقة والتي تغطي بدل النقل. كما أن السجناء أصبحوا هم من يتحملون تكاليف العلاج الطبي الخاص بهم، وهذا يشكل صعوبة كبيرة، بحيث إن غالبية السجناء فقيرة وغير قادرة على تحمل تكاليف علاجها، فيتم اللجوء الآن إلى الجمعيات الخيرية لمعرفة ما إذا كانت تستطيع تغطية التكاليف الطبية”.

واستشهد صبلوح باحدى الحالات المأساوية، قائلاً: “أوقف سجين في العام 2023، وكان بحاجة إلى عملية راسور في القلب، ولكن جمع مبلغ 7500 دولار، استغرق ثلاثة أشهر، وعندما نقل إلى المستشفى، توفي بسبب تأخر دخوله اليه نتيجة عدم قدرتنا على تأمين المبلغ في الوقت المناسب.”

وفي ما يتعلق بالمشفى الموجود في سجن رومية، أوضح صبلوح أنه “يتسع لـ 1050 سجيناً، ولكن يقيم فيه الآن ما بين 6000 إلى 7000 سجين، من دون أي اهتمام بالحالات الطارئة، فالتشخيصات تتم بصورة عشوائية، وقد تكون هناك حالة تعاني من مشكلات في القلب مثلاً فتعطى أدوية للمعدة، وبعدها نشهد حالة وفاة جديدة جراء سكتة قلبية وتناول أدوية خاطئة”.

وعبّر صبلوح عن استيائه من عدم تأمين الغذاء الكافي للسجناء، بحيث خفضت كمية الطعام بصورة كبيرة من دون توفير أي حلول، لافتاً الى معلومات تم تداولها منذ حوالي ستة أشهر، وتفيد بأن المورّد الذي يؤمن الكميات الغذائية للسجون لم يعد قادراً على أن يزودها بها، بسبب عدم تلقيه المستحقات المالية بالتزامن مع ارتفاع سعر الدولار، فقامت الحكومة بوضع حلول استثنائية لوقت محدد، لكن الصرخة تعود الآن مجدداً.

صبلوح أوضح أنه قدم بعض المشاريع القانونية من خلال النائب أشرف ريفي وبعض النواب الآخرين، وأيضاً وزير الداخلية بسام مولوي قدم مشروع قانون يهدف إلى حل مشكلة الاكتظاظ وإعادة ترميم السجون “ومع ذلك، يبدو أن هذه القضية ليست ضمن أولويات المجلس النيابي في الوقت الحالي”.

شارك المقال