لا تقصير مع نازحي الجنوب… والأحزاب تكمل مهمة الجمعيات

نور فياض
نور فياض

لم تنطفئ جبهة الجنوب على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على بداية الاشتباكات، التي يرد خلالها العدو الاسرائيلي على تلقيه ضربات قاسية، بطريقة جنونية على القرى الحدودية الآمنة ما استدعى نزوح غالبية سكانها الى مناطق أكثر أمناً غير آبهين بما سيترتب عليهم من مصاعب، فالمهم لديهم البقاء على قيد الحياة. ووصل عدد النازحين بحسب دراسة أجرتها الأمم المتحدة، الى اكثر من ٨٠ ألفاً، تتفاوت طبقاتهم الاجتماعية. فكيف هي أحوالهم؟

تحوّلت المدارس في مدينة صور الى مراكز ايواء لسكان المناطق الحدودية الذين بلغ عددهم ٣٠٠ عائلة وفق بلدية صور، وعلى الرغم من كثرة المتطلبات الا أن جمعيات الامام الصدر لا تزال تقدّم لهم الوجبات اضافة الى جمعيات أخرى تؤمّن لهم احتياجاتهم. اما القسم الآخر فمنهم من سكن في شقق مقدّمة من الخيّرين وآخرون استأجروا أو سكنوا عند أقاربهم.

وفي النبطية، يؤكد أحد المتابعين لملف النازحين في حديث لموقع “لبنان الكبير”، أن “عدد العائلات النازحة في النبطية بلغ ٧٧٥ عائلة أي ما يقارب ٢٨٠٠ شخص، بعضهم لدى أقاربهم، ومنهم من أتوا الينا وسعينا الى ايجاد شقق مجانية لهم ومنهم من استأجر من دون الرجوع الينا”، مؤكداً أن “لا أحد استأجر بـ ٦٠٠ دولار، انما المرتاحون مادياً فضّلوا استئجار شقق مفروشة تراوح سعرها بين ٢٠٠ و٢٥٠ دولاراً”.

وفي ما يتعلق بالمساعدات، يشير الى أنها “تأتي من الجمعيات عبر هيئة ادارة الكوارث في المحافظة ومن ثم توزع على البلديات حسب المتطلبات، ولكن بعد شهر من الأحداث، غابت هذه الجمعيات وأكملت الأحزاب هذه المهمة”، لافتاً الى أن “حزب الله يؤمّن وسائل التدفئة اضافة الى حصص وبونات غذائية، كما يؤمّن الفرش ومستلزمات المنزل، اما البلدية فتساهم في الاشتراك اذ تحسم ١٠% على الفاتورة وتنظر الى الطبقة غير القادرة على الدفع. ونحن نعمل من الثامنة صباحاً حتى العاشرة ليلاً لخدمة النازحين كافة وخطنا مفتوح للجميع.”

وفي بلدة أنصار، اشتراك الكهرباء مقدّم مجاناً، ويقول أحد النازحين من عيتا الشعب: “لا يمكن أن ننكر معاناتنا من اقفال مصالحنا، لكن نشكر الله أننا لم نتعذّب، فنحن نسكن في منزل مفروش ببلاش والجميع يؤمّن لنا مستلزماتنا، وحتى الاشتراك مجاناً أيضاً”. ويعرب عن خشيته من أن “تستمر هذه الحرب ونصبح غير قادرين على تأمين متطلباتنا، ولكن متلنا متل غيرنا الحمد لله أننا بخير.”

في المقابل، يوضح خليل النازح من العديسة الى كوثرية السياد، “نزحنا عند اشتداد وتيرة القصف الى بيروت عند أخت زوجتي لكننا لم نرتح بسبب صغر المنزل ولا أحد يستطيع أن يتصرف براحة في منزل مشترك وليس له، لذا قررنا الذهاب الى منطقة ثانية لنفتّش عن منزل كما فعل الجميع، وعند مرورنا بكوثرية السياد، سألنا أحد المواطنين الذي رحّب بنا وتواصل مع الجهة المعنية وأمّن لنا منزلاً غير مفروش، وهبّت النخوة بالجيران الجدد الذين سارعوا الى تنظيفه. واتصل أحدهم بنا وأعطانا مستلزمات المنزل (أدوات تنظيف، فرش…) وكذلك الجيران. اما الحزب فأعطانا منذ فترة مئة دولار، والبلدية أمّنت لنا طاقة شمسية صغيرة.”

ويؤكد خليل أن “مصالحنا متوقفة وأسعى اليوم جاهداً الى تأمين عمل في المحلة التي أسكن فيها، فالوضع المادي يتطلب ذلك”، آملاً “أن نعود الى مصالحنا وضيعنا في القريب العاجل، ولكن يسوانا ما يسوى غيرنا، المهم أن نعيش في منزل يأوينا.”

وبالنسبة الى بعض النازحين، بات المأوى مصدر رزق له عبر بيع البضائع، كما فعل حسن الذي حوّل المنزل الى دكان يعوضه خسارة رزقه، بانتظار عودته إلى قريته. ويشدد على أن “لا تقصير تجاهنا من المعنيين، ونحن لا نحتاج شئياً، انما يزعجنا بعدنا عن ضيعتنا”.

تحديات عدة ستواجه النازحين في الأيام المقبلة، ان كان من حيث تأمين الأدوية والطبابة وخصوصاً أن هذا القطاع لديه معاناة في وزارة الصحة، أو من حيث التعليم على الرغم من “الأونلاين”، لكن هذا القطاع يعاني أيضاً من مشكلات وخصوصاً في التعليم الخاص. هذه المشكلات ربما تعوّدها المواطن طوال حياته في السلم قبل الحرب، لكن ماذا لو طالت فترة الاشتباكات ونفد مخزون المواد الغذائية؟

شارك المقال