الجنوب يزيّن شوارعه استقبالاً لرمضان… رغم الظروف الأمنية

نور فياض
نور فياض

لا رفاهية في مائدة رمضان، زينة خجولة في شوارع لبنان. هكذا عنونت الصحافة السنوات الفائتة عن واقع الشهر الكريم اثر الأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان وأنقصت من الطقوس الرمضانية، اذ تخلّت مناطق عدة عن الفوانيس وبعضها عن المدفع وغيرها عن عادات كانت محطة أساسية في هذا الشهر.

وغابت الزينة التي كانت مقصداً للفرجة والتباهي وسط تنافس مناطق عدة على من حصدت الزينة الأجمل. وكانت المناطق الجنوبية أيضاً تقيم الافطارات أسبوعياً كبلدة انصار.

اليوم تضاف الى الأزمة الاقتصادية، الأحداث الأمنية، حيث الجنوب لا يزال يعيش على وقع الاعتداءات الاسرائيلية منذ خمسة أشهر وأهله ينزحون الى المناطق الأكثر أمناً، ومن المنطقي أن نشهد أيضاً نقصاً في الزينة، والغاء المزيد من الطقوس وأمور أخرى اعتدنا رؤيتها في رمضان.

وعلى الرغم من كل ما ذكر، ستتحدى مدينة النبطية أصوات القصف وجدار الصوت والاغتيالات التي جرت مؤخراً فيها لتحتفل بشهر رمضان كما يجب.

يقول عضو بلدية النبطية صادق اسماعيل عبر “لبنان الكبير”: “النبطية ستقيم شهر تسوق بالاضافة الى عدة فعاليات احتفالية، فنحن على الرغم من الظروف الأمنية التي نعيشها لا نريد أن ننغص فرحة الأطفال.”

ويلفت الى “أننا بدأنا نجهّز مع تجار النبطية لهذا الحدث الذي سيتخلله توزيع جوائز عدة منها: سيارة، ألبسة، أدوات كهربائية وغيرها. وسنقيم عشاء للتجار خلال شهر رمضان وقد نقيم أيضاً عشاء قروياً يكون فيه الأكل الجنوبي الطبق الرئيسي لسكان النبطية كافة”.

ويعتبر علوية أن “هذا الحدث هو وجه من أوجه المقاومة والصمود، اذ نحن نمارس حياتنا بصورة طبيعية كما أننا نحتضن اخوتنا من الشريط الحدودي الذين هم أهلنا وناسنا ونحاول أن ننسيهم ما يحدث من اعتداءات. وبهذا العمل أيضاً، نوجّه عدة رسائل أولاً: نمارس حياتنا الطبيعية من دون أي خوف بفضل من يحمينا في الجنوب، وطبعاً نحزن على ما تتعرض له غزة لكننا لا نخاف من العدو. اما الرسالة الثانية فهي أن العدو يريد نشر الذعر والرعب لدى أبناء الجنوب من خلال جدار الصوت الذي يخرقه دائماً لكننا لا نريد تحقيق مراده، فالناس لا تتجاوب مع مشروعه.”

ويوضح أن “الزينة حاضرة هذه السنة ان كان عبر تزيين الشوارع أو حتى بوضع فانوس كبير في ساحة النبطية، ومن المظاهر الاحتفالية التي حضرناها اقامة خيمة كبيرة في السوق ليلعب الأطفال و يفرحوا في هذا الشهر الفضيل، مشيراً الى أن “كل من يشتري من المحال سواء كانت راعية للاحتفالات أم لا سيدخل اسمه في القرعة حتى لو اشترى بقيمة ضئيلة، ونهار العيد سيكون الحدث الأكبر وهو سحب القرعة واعطاء الجوائز للرابحين وبذلك ننشّط الحالة الاقتصادية. ومن المشاركين في الدعم: التجار، محافظة النبطية واتحاد بلديات الشقيف.”

في المقابل، وبعكس ما يحدث في النبطية وعلى غير عادتها، ستخلو مدينة صور من فوانيس رمضان والزينة المرتبطة بالشهر الكريم، والتي ستقتصر على زينة خجولة من أصحاب المطاعم.

في السياق، يعتبر نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي عبر “لبنان الكبير” أن “هذه السنة من أصعب السنوات التي مرّت على مدينة صور، فلا زينة حتى الآن ولا أجواء احتفالية كما كانت خلال هذه الفترة في السنوات السابقة، فعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية، كنا نزيّن الشوارع وكانت الأجواء الرمضانية حاضرة. اما اليوم بسبب الأوضاع الأمنية أي الحرب القائمة في الجنوب، فاقتصرت الزينة على مداخل المطاعم، التي زيّن أصحابها الشارع المقابل لهم بالأضواء، كما وضعوا في الداخل كل الرموز الرمضانية من فانوس، هلال وتمر لاستقبال الصائمين على مائدتهم.”

ويوضح صبراوي أن “الجيد هذه السنة أن الأيادي البيض والمغتربين سيوزّعون الحصص الغذائية والأموال على العائلات الفقيرة والصيادين”، قائلاً: “عادة في كل رمضان يزيّن التجار في الأيام العشرة الأخيرة السوق ونفتح المواقف للسيارات مجاناً ومن الممكن أن نقوم بذلك هذه السنة.”

حلَّ رمضان على وقع الحرب المشتعلة على الحدود الجنوبية، ولا خيار أمام اللبناني الا التأقلم والتعايش مع هذه الأوضاع غير المستقرة، وهو الذي اعتاد الأزمات وواجهها مهما كانت شدّتها.

شارك المقال