قلعة الشقيف “شوكة في عين” اسرائيل… من يحمي المعالم الأثرية؟

فاطمة البسام

موقعها الاستراتيجي وتاريخها الممتد منذ الحروب الصليبية جعل منها محطة لأهم المعارك، ونقطة مراقبة يمكن منها رصد التحرّكات الاسرائيلية في أجزاء من الجليل وهضبة الجولان، وصولاً إلى جبل الشيخ.

قلعة شقيف أو قلعة الشقيف واحدة من القلاع والحصون الأثرية الواقعة في جنوب لبنان، التي يبلغ عددها 25 من شماله حتى جنوبه، أصبح بعضها مقصداً سياحياً، والبعض الآخر أُهمل.

تقع القلعة في منطقة أرنون الجنوبية، في قضاء النبطية، وترتفع عن سطح البحر نحو 710 أمتار، وتبعد 50 متراً عن القذائف والصواريخ الاسرائيلية في الحرب الدائرة منذ 7 أشهر.

يشير المراسل طارق مروة، من بلدة النبطية لموقع “لبنان الكبير”، الى أنه أثناء تغطيته للقصف الذي طال بلدة أرنون عدّة مرّات مؤخراً، كان قريباً من مطعم قلعة شقيف الذي لا يبتعد سوى 50 متراً عن القلعة نفسها.

ووفق مروة، هذه المعالم محمية بموجب القوانين الدولية، ويمنع إستهدافها، إلاّ أن الجيش الاسرائيلي “مش فارقة معه”، فهو يستهدف بسلاح المدفعية الأحراج الواقعة أسفل القلعة بين وقت وآخر، متذرعاً بأن المقاومين يطلقون الصواريخ من منصات قريبة من القلعة.

رئيس بلدية أرنون فواز قاطبي يقول لموقع “لبنان الكبير”: “لا يمر يوم منذ بداية الحرب لا يجوب فيه طيران الاستطلاع الأجواء فوق القلعة بالتحديد نسبة الى موقعها الإستراتيجي الذي يجعلها نقطة مهمة للمراقبة، فيخاف العدو من تمركز المقاتلين داخلها، لذلك فهي تحت عدسات المسيّرات”.

ويضيف فواز: “حتى الآن لم تتعرض شقيف لاستهداف مباشر، لكنّها حتماً تعرضت لتصدعات نتيجة القصف القريب منها، ومن المتوقع أن تتعرض لغارات بسبب موقعها”.

أثناء حرب تموز 2006 ظلّت القلعة صامدة، وتم ترميمها وافتتاحها فيما بعد بصورة رسمية سنة 2017.

كما حاول الجيش الاسرائيلي قبل التحرير تدميرها، فانتفض أهالي أرنون والبلدات المجاورة في وجهه ومنعوه من ذلك، بحسب فواز، وعلى ما يبدو بقيت “شوكة في عيونهم”.

ويوضح عالم الآثار محمد حسن، لموقع “لبنان الكبير”، أن هذه المعالم محمية بموجب الاتفاقيات الدولية، وبالتحديد “إتفاقية لاهاي” الصادرة عام 1954، وترعاها المنظمة العالمية لحماية التراث العالمي، التي تصنّف بموجبها المعالم، أثرية، تراثية وغيرها.

وبحسب حسن، تتم حماية هذه المرافق في الحروب، بوضع علامة زرقاء من المديرية العامة للآثار، وتسمى إشارة “الدرع الأزرق”، للدلالة على الممتلكات الثقافية بهدف حمايتها من التعديات.

ويعتبر الجنوب اللبناني منطقة خصبة بالآثارات، والمعالم التاريخية التي يعود عمرها الى آلاف السنين، وهي حتماً مهددة بالخطر لأن المعارك تدور بالقرب منها مثل قلعة تبنين، موقع شحيم، قلعة شقيف وغيرها.

ويعتبر حسن أن من الأجدى حماية هذه المعالم بدلاً من التبليغ عن تدميرها، مناشداً المجتمع الدولي التدخل الفوري لدحض روايات الجيش الاسرائيلي التي تقول إن المقاومين يتحصنون داخلها.

وحاول موقع “لبنان الكبير”، التواصل مع المديرية العامة للآثار، من أجل الإحاطة بالموضوع من الجوانب كافة، إلاّ أن المعنيين لم يقدموا جواباً واضحاً.

وفي العام 2017 بث التلفزيون الاسرائيلي فيلماً وثائقياً عن معركة قلعة الشقيف في جنوب لبنان عام 1982، وبالصوت والصورة جمع الفيلم شهادات جنود الكوماندوز الاسرائيلي الذين شاركوا في المعركة. ويتضح مما كشف أن جيش الاحتلال بقيادة آرييل شارون، حين احتل لبنان استصعب احتلال قلعة الشقيف، فوضع خطة للتقدم نحو صيدا وترك القلعة من شدة المقاومة فيها، واكتفى بقصفها بطائرات “اف 16” والصواريخ بمختلف أنواعها وبواسطة المروحيات الحربية من دون جدوى.

شارك المقال