“TikTok live” كاد ينهي حياتها في زحلة… التنمر والشهرة خطر حقيقي!

راما الجراح

يتباهى بعض الأهالي بأولادهم وهم يرقصون على “تيك توك” في عمر الـ٤ و٥ سنوات، يسمحون لهم بفتح حساب على التطبيق، فيزداد عدد متابعيهم وتزداد شهرتهم شيئاً فشيئاً حتى يصلوا إلى مرحلة الإدمان على تصوير فيديو مباشر لكسب الهدايا والمال كل فترة، وهكذا حتى يصلوا إلى المعاناة من مشكلات نفسية بسبب كمية التنمر التي قد يتلقاها المراهق على هذا التطبيق، ما يفتح أمامه إحتمالية التفكير الانتحاري بصورة كبيرة، وهذا ما يحصل في مجتمعنا.

تمتلئ منصّة “تيك توك” منذ ٤ أيام بفيديوهات تعاطف مع فتاة لبنانية تبلغ من العمر ١٦ عاماً بعدما أقدمت في مدينة زحلة في البقاع على إطلاق النار على نفسها أثناء بث مُباشر على تطبيق “تيك توك” عن طريق الخطأ، عندما كانت تلهو ببندقية صيد فإنطلق منها طلق ناري أصابها، ما استدعى نقلها إلى أحد مستشفيات زحلة للمعالجة، وعلى الفور فتحت القوى الأمنية تحقيقاً في الحادثة، وأكد أهلها أن إصابتها ليست خطيرة وتخضع للعلاج.

رسائل مؤلمة يتم تداولها عن الفتاة بأن الحادثة قد تكون محاولة انتحار، وغيرها من الأخبار التي تنتشر على اثر حادثة كهذه، ولكن من المؤكد أن هناك طلقة نارية أصابت الفتاة كادت أن تنهي حياتها على الهواء مباشرة بسبب “tiktok live”، لذلك من الواجب الاضاءة على جانب التوعية، احتياطاً وحثّاً لكل عائلة على التأكد من الدائرة التي تحيط بأولادها، ومن سلامة مشاعرهم وما يواجهونه في هذه المرحلة الحسّاسة من أعمارهم، ومراقبة حساباتهم.

المعالجة النفسية غادة الهواري شككت في حديث عبر “لبنان الكبير” برواية “الرصاصة الخاطئة”، التي تم تداولها في منطقة زحلة عن أن الفتاة أصيبت بها، متوقعة أن يكون ما حصل “عن سابق تصميم، لأن التعلق بهذا التطبيق إلى درجة الإدمان الحاد يؤدي بالإنسان إلى التفكير بصورة مختلفة وغريبة عن الطبيعة، ويصبح لديه هوس بزيادة المتابعين من خلال التصوير المباشر والحديث مع الناس”. وأسفت لأن “التنمر على هؤلاء الأشخاص عبر التعليقات على الفيديو المباشر كثيرة، وبالتالي لا يمكن لصاحب الفيديو الرد على التعليقات بسبب سياسة التطبيق ونظامه، لذلك تصل بهم الأمور إلى القيام بتصرفات قد تودي بحياتهم بسبب الشهرة”.

وروت الهواري حالة مريض مراهق يبلغ من العمر ١٣ عاماً تقوم بمعالجته حاول الانتحار ثلاث مرات وهو “Tiktoker”، وخلال جلسات العلاج تبين أن أهله يقومون بتشغيله على “تيك توك” بطريقة ساخرة ليتلقى الهدايا الافتراضية ويكسب أموالاً قد تفوق الـ ٢٠٠٠ دولار في الشهر الواحد، وبذلك يتمكن من دفع قسط مدرسته واعطائهم راتباً شهرياً، حتى وصل إلى مرحلة الشهرة التي جعلته انساناً يحتاج بصورة دائمة الى تصوير فيديوهات مباشرة، حتى زاد التنمر عليه من خلال “تيك توك”، وفي مدرسته وفي الحي والطريق ووصل إلى مرحلة الانتحار. ونصحت الجميع بعدم تنزيل “تيك توك” بسبب خطورته على الصغير والكبير.

كل المراهقين عموماً يملكون هواتف ذكية، وهناك انتشار واسع لوسائل التواصل الاجتماعي واستخدام العديد من المنصات ومنها “تيك توك” بصورة أساسية والتي تحتل جزءاً كبيراً من وقتهم، وهي سيف ذو حدين، من جهة الطفل أو المراهق يمكن أن ينمي مهاراته الابداعية وقدراته التعبيريه، ومن جهة أخرى انعكاسها على شخصيته ونموه وتحصيله الدراسي، وبالتالي دور الأهل والأخصائيين متابعته وتوجيهه لأنهم لا يستطيعون منعه، بحسب الدكتورة في علم النفس الاجتماعي واختصاصية العلاج النفسي سلام شمس الدين.

وأكدت شمس الدين أن “حاجات الطفل العاطفية وعدم قدرته على اشباعها خصوصاً تجاه أهله يؤدي به إلى اللجوء الى وسائل التواصل عبر تنزيل صور وفيديوهات في محاولة لتحقيق الذات وإشباع حاجته الى الحب والاهتمام”، مشيرة إلى أن “الأولاد يمكن أن يتعرضوا إلى التنمر الالكتروني الذي قد يشكل خطراً حقيقياً على حياتهم، وقد يقعوا ضحية أشخاص خطيرين في المجتمع، كما يمكن أن يؤثر على تنشئة الأهل الذي يسعون إلى بناء شخصية أولادهم بصورة صالحة، وعلى سلم القيم والأخلاق عند الأولاد والمراهقين”.

أضافت “استخدام تيك توك لدى المراهقين اذا لم يكن لاشباع حاجة معينة فهو لكسب المال، وفي حال لم يستطيعوا تحقيق rate عالٍ أو نسبة كبيرة من المشاهدين على الفيديو المباشر يمكن أن يتسبب ذلك بالشعور بالاحباط ويترجم إلى قلق أو اكتئاب وأفكار انتحارية”.

وعن الحالات التي تواجهها في عيادتها، قالت شمس الدين: “الحالات التي تأتي إلى العيادة عموماً تشير إلى أن الامور تخرج عن سيطرة الأهل شيئاً فشيئاً بسبب عدم مراقبتهم لأولاهم بالطريقة الصحيحة، والأولاد يبذلون جهداً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون من الأفضل لو بذلوه على أنشطة رياضية وفنية وغيرها. للأسف ضبط الهواتف في أيدي الأولاد أصبح صعباً، لذلك يجب المراقبة والتوعية بصورة جيدة، وتزويد الأولاد بقيم أخلاقية ودينية”.

شارك المقال