“مش دافعين” لزحلة!

راما الجراح

منذ سبعة أعوام لم يشعر أهالي زحلة و16 قرية بقاعية بأنهم محسوبون على لبنان من حيث انقطاع التيار الكهربائي، بعد نجاح شركة كهرباء زحلة في نيلها الامتياز لإدارة قطاع الطاقة في المنطقة وتشغيله ليغذيها بالكهرباء 24/24. وكان ابن بيروت أو الشمال أو ابن الجنوب عندما يسمع خبرية كهذه يُفاجأ بوجود مشروع كهذا في لبنان، ولم تحاربه مافيات الفساد التي تحكمنا منذ 30 سنة حتى اليوم أو توقفه. يمكن أن يعود السبب إلى رضى الناس الكبير عن مشروع كهذا وبالأخص أن المواطن البقاعي المشترك في كهرباء زحلة وصل إلى مرحلة لم يعد يشعر متى تنتقل كهرباء الدولة إلى كهرباء زحلة، فضلاً عن أن جميع المنازل تتمتع بالحرية الكاملة في استخدام كميات الطاقة طوال الشهر من دون تحديد 5 أمبيرات أو غيره!

فواتير المواطنين

مشروع كهذا يعود بالراحة على المواطن اللبناني المتعطش لخدمات كهذه تُشعِره ولو للحظة بأنه في بلد يسعى مَسؤُولوه لتأمين خدمات شعبه ويهمهم أمره، لكن “عين وصابت” الشركة، تغلغل الفساد، قامت الانتفاضة، انقطعت المواد الأساسية من السوق، لا مازوت كافياً لتأمين احتياجات الناس ولا المعامل وتالياً لا كهرباء، حتى وصلنا إلى تقنين قاسٍ جداً لا يتعدى 4 ساعات تغذية كهربائية طوال النهار وارتفاع جنوني في الأسعار ودخلنا مرحلة “مش دافعين”، الحملة التي أطلقها أهالي البقاع بوجه الفواتير التي وصلت من كهرباء زحلة والتي لا تقل عن مليون ليرة للمنزل الصغير وتتخطى الـ5 ملايين لأصغر سوبرماركت موجودة في البلدات.

ويشكو المواطنون من أرقام الفواتير التي فاقت خمسة أضعاف ما كانت عليه من قبل، وبات أغلبها يفوق الراتب الشهري لرب الأسرة. ويروي المواطن حسين. ي أنه اضطر إلى التعامل مع جابي الكهرباء بطريقة لا أخلاقية لأول مرة في حياته لأنه أتى بفاتورة مليون و٤٠٠ ألف في الوقت الذي يتألف منزله من 4 غرف فقط ولا يملك أدوات كهربائية تتسبب بهذا الارتفاع في الفاتورة وهو من الأشخاص الذين سيمتنعون عن الدفع.

وبلال صاحب ميني ماركت، يملك ثلاجة واحدة للمياه والمشروبات الغازية في محله بعدما باع الثلاجات الأخرى بسبب سوء التغذية الكهربائية، وهو صُدِم بأرقام الفاتورة ويقول إنه “من غير المنطقي أن أكون من الأشخاص الذين يشغّلون ثلاجة وحيدة في المحل لمدة 4 ساعات نهاراً وساعتين في الليل وفي النتيجة يُجبروني على دفع 3 ملايين و470 ألف ليرة! وبمقارنة بسيطة، قبل أزمة المحروقات وعندما كنت أملك 3 ثلاجات في المحل وأشغلها على مدار الساعة كانت فاتورتي لا تتعدى الـ800 الف ليرة شهرياً، لن ادفع الفاتورة وهذا أقل واجب”!.

البلديات تنتفض والشركة ترد!

نقمة المواطنين كبيرة ووجعهم أكبر، حتى رؤساء البلديات ورجال الدين في العديد من القرى البقاعية رفعوا الصوت وطالبوا شركة كهرباء زحلة بتوضيح عن الفواتير، ومنهم رئيس بلدية الفرزل ملحم الغصان الذي طلب من الناس التريث في دفع الفواتير ريثما يبتّ موضوعها.

وجاء الرد من شركة كهرباء زحلة أنه كان يجب أن يكون من المبادرين الذي يحصرون طلباً كهذا بالعائلات غير الميسورة أصحاب الاستهلاك الخفيف بشكل مساعدة اجتماعية، ورفضت الشركة رفضاً قاطعاً الطلب من الناس التريث في الدفع، وأكدت من جهتها أنها تعمل تحت سقف القانون وأن أي عمل مثل هذا هو خارج عن مهام البلدية، ويعرّضها للملاحقة القانونية.

وحذّرت الشركة من أن “عدم تسديد الفواتير يعني عدم شراء المازوت الذي يُحرق اليوم في معمل الشركة والذي يغذي البلدة وباقي المناطق بالتيار الكهربائي، فهل يتحمّل رئيس البلدية مسؤولية قطع التيار وعواقبه تجاه أهل البلدة وباقي المواطنين”؟

الحملة قائمة والتهديد لا ينفع!

وضمن حملة “مش دافعين” التي ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي، دعا أهالي منطقة بر الياس والجوار إلى التوقيع على عريضة لمقاطعة الدفع. ولمعرفة تفاصيل أكثر عن هذه الخطوة، يشرح الشيخ وليد اللويس أحد المبادرين للقيام بهذه الخطوة أن “فاتورة هذا الشهر كانت ظالمة ومجحفة بحق المواطنين وغير منطقية لأنها زادت أعباء الناس، والحجة أنه تسعير وزارة الطاقة، لكن من وجهة نظرنا أنها ظالمة بارتفاع سعرها، وظالمة لأن شركة كهرباء زحلة تعهدت منذ سنتين أن تقوم بتركيب عدّاد آلي حتى يستطيع المواطن معرفة كهرباء الدولة من كهرباء زحلة وبناء عليه يستطيع ضبط مصروفه ليوفّر في صرفه للكهرباء، فلا شك كانت الفاتورة قد انخفضت كثيراً، كما أنها ظالمة بهذا التعتيم والالتباس الذي تتعمده الشركة”.

ويضيف: “تم الاعتراض في كل القرى التي تتغذى من هذه الشركة على الفواتير ليس لأننا سنأكل حقها، إذ لطالما كان الأهالي يدفعون الفاتورة بنسبة 100%، لكن هذه المرة نعترض على الظلم الذي نشعر به، ونقول للشركة التي تحجّجت بتسعيرة وزارة الطاقة؛ إذا كانت هذه حجتكم ألم تطلب وزارة الطاقة من شركتكم منذ أكثر من سنتين بضرورة تركيب عدادات؟ أين هي؟ ولماذا تبرزون شيئاً وتخفون آخر!”.

وطالب اللويس الشركة بـ”إعادة النظر بالفواتير، والتعويض على المواطنين بمفعول رجعي يمتد إلى سنتين 30 ألفا شهرياً، وتركيب عدادات ليتضح الأمر للناس، فلغة التهديد بقطع الكهرباء لا تنفع، وإذا رفعتم السقف ستواجهون تصعيداً من الناس، نحن نقدّر خدماتكم لكن الناس وقفوا معكم وتضامنوا معكم وانتصروا لكم، وحان الوقت لأن تشعروا بمعاناة الناس”.

شارك المقال