داخل ثانوية المرج الرسمية، التي فتحت أبوابها لاستقبال النازحين في البقاع، تجلس الحاجة أم حسين على حافة الدرج، وقد قدمت من منطقة الجنوب هرباً من القصف العنيف والحزن في عينيها، وتقول بصوت خافت ومنهك: “الخروج من الجنوب لم يكن سهلاً، وفي بعض الأوقات ونحن في طريقنا كنت أعتقد أننا لن نصل إلى أي مكان آمن بسبب القصف العنيف، نزحنا بسرعة أنا وأولادي وأحفادي ولم نجلب معنا سوى بعض حاجياتنا الضرورية جداً بسبب كثافة الغارات”.
وتعرب في حديثها عبر “لبنان الكبير” عن خوفها من “أن تطول مدة الحرب، ونصبح عبئاً كبيراً على الذين فتحوا لنا منازلهم ومدارسهم مشكورين. نترقب بكل خوف ما سيحدث، ونصلي من أجل خلاصنا بخير”.
ويواصل الجيش الاسرائيلي تنفيذ أعنف وأوسع هجوم له منذ 8 تشرين الأول الماضي مستهدفاً مناطق الجنوب والبقاع وبعلبك وصولاً الى الهرمل. وفي ظل هذا التصعيد، يشهد بعض المناطق الآمنة في البقاعين الغربي والأوسط موجة نزوح كبيرة وتم تحويل العديد من المدارس إلى مراكز إيواء للعائلات النازحة، وسارعت البلديات والجمعيات المحلية إلى تقديم المساعدات الانسانية الضرورية.
مدير “ثانوية المرج” في البقاع الغربي أحمد شموري يؤكد عبر “لبنان الكبير” أن “الوضع مستقر في المدرسة، التجهيزات اللوجيستية كاملة، لدينا حمامات كافية في المدرسة تستوعب الأعداد، ووصلتنا أعداد فرش كافية أيضاً، والأيادي البيض الخيّرة تقدم وجبات ترويقة وغداء، منها مبادرات فردية ومنها جمعيات كشفية وإنسانية”.
ويوضح أن “بامكاننا إستقبال ٥٠ شخصاً بعد كحد أقصى، والوضع حتى الآن يعتبر جيداً جداً، ونحن نساعد بكل الامكانات لأنهم نازحون رغماً عنهم وبالتالي يجب أن نتضامن جميعاً للمساعدة، وعلى أمل أن لا تطول الحرب ويعم الأمان كل لبنان”.
وفي قب الياس بالبقاع الأوسط فتحت المدارس والمنازل أبوابها، ويقول رئيس البلدية جهاد المعلم: “أصبح هناك ما يقارب ٢٠٠٠ نازح في البلدة والرقم مرشح للارتفاع في كل ساعة. نحاول تأمين كل المستلزمات للموجودين في المدارس والتي تعتبر مراكز الإيواء العامة بصورة أساسية، وفي حال كان هناك فائض في التبرعات نقوم بتأمين بعض حاجات العائلات في الشقق والمنازل”.
وبحسب المعلم “هناك متبرعون يقومون بتوزيع ثلاث وجبات في اليوم على النازحين بالتنسيق مع البلدية، أما بالنسبة الى أعداد الحمامات فهي غير كافية وغير مؤهلة للاستحمام مثلاً لأنها حمامات مدارس ننسق مع الجمعيات غير الحكومية UNHCR و MEDARلتأمين ما يلزم، ففي حال ساءت الأوضاع أكثر يمكن أن نشهد حالات مرضية وجلدية بسبب هذا الموضوع لذلك نحاول أن نتفادى هذه المشكلات”.
وبلدة برالياس في البقاع الأوسط فتحت مدارسها بالاضافة إلى تعلبايا وسعدنايل، وتستقبل النازحين في الشقق والمنازل، وهناك الآلاف منهم موجودون اليوم في برالياس تحديداً، ويؤكد بلال عراجي مدير “ثانوية الأمين الرسمية” في برالياس أن “هناك حوالي ٥٠ عائلة في المدرسة، وتم تأمين فرش للجميع، ونحاول التنسيق مع الجميعات للمساعدة في تأمين الطعام، وتقوم جمعيات كشفية من بلدة المرج بتوزيع حصص غداء يومياً، ونحن مستعدون لتقديم كل ما يلزم حتى نهاية هذه الحرب فنحن أبناء وطن واحد ويجب أن نضع كل خلافاتنا السياسية بعيداً عما يحصل، والتضامن الانساني واجب وطني”.