… لعل الخارج يرأف بنا

جنى زينون
جنى زينون

في بلد شهد اضطرابات اجتماعية وسياسية، ومزقته الحرب الأهلية التي دامت 15 عامًا حتى كادت تدمره بالكامل، كانت معدلات معرفة القراءة والكتابة فيه، من بين أعلى المعدلات في الشرق الأوسط. وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، إذ تم تصنيف لبنان عالميًا باعتباره عاشر أفضل دولة في جودة التعليم. ولكن هل سيتغير هذا؟.

يتكلّف الطالب اللبناني حوالي 8000 دولار إلى 12000 دولار لكل عام دراسي في جامعة خاصة. أي ما يعادل 12.000.000 ليرة لبنانية إلى18.000.000 ليرة لبنانية عندما كان الدولار يساوي 1515 ليرة. في الوقت نفسه، كان معدل الرواتب 2،280،000 ليرة لبنانية شهريًا أو 1520 دولارًا أمريكيًا والحد الأدنى للأجور 675،000 ليرة لبنانية أي 450 دولارًا. فكان من الممكن لأغلبية الطبقات دفع الرسوم الدراسية.

مع الأزمة الاقتصادية والمالية الرهيبة التي يمر بها لبنان، تم تثبيت سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية على 3900 ليرة لبنانية للدولار الواحد في البنوك. بينما في الوقت نفسه، ارتفع سعر الدولار الواحد الى 13000 ليرة لبنانية. أما بالنسبة للرواتب فلا تزال تدفع بمعدل 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد، بينما تباع جميع السلع والحاجات الأساسية على أساس سعر السوق السوداء. نتج عن ذلك انخفاض في قيمة الرواتب والأجور في كل من القطاعين العام والخاص، حيث بلغ الحد الأدنى للراتب الشهري 675 ألف ليرة لبنانية أي ما يعادل 52 دولارًا. ومع هذا الانخفاض الكبير في القدرة الشرائية، وزيادة معدل البطالة، رفعت بعض الجامعات معدلات الرسوم الدراسية من 1500 إلى 3900 ليرة لبنانية لكل دولار، فكيف يفترض أن تدفع العائلات مقابل التعليم، بينما هم بالكاد يستطيعون تحمل كلفة الضروريات؟.

يقال، اننا سنشهد انتقالًا كبيرًا للطلاب من الجامعات الخاصة إلى جامعة الدولة التي بالكاد تتحمل أرقام الطلاب الضخمة. ومع حكومة لا تملك المال لدعم البلد، لا يمكننا أن نتوقع أنها ستخصص لقطاع التعليم أموالاً “تدّعي” أنها تمتلكها. لقد كنا نتيجة مخطط بونزي على مستوى البلاد طوال عقد من الزمن، قادة فاسدين لا يهتمون سوى بأنفسهم ورفاهيتهم، قادة يواصل الشعب اللبناني انتخابهم. نريد التغيير؟ نريد حياة أفضل؟ فغيّر طريقتك وانتخب أشخاصًا أفضل.

ألم يكن من الرائع أن نسمع عن لبنانيين متفوقين في بلادهم وليس في الخارج؟ أمر محزن أننا وصلنا إلى الحضيض مع عدم قدرة الطلاب على تصور المستقبل في بلدهم، لأنهم ببساطة ليس لديهم مستقبل. أصبح التعليم امتيازاً وليس حقاً، أصبحت الهجرة هدف كل طالب لبناني لعلّ الخارج يرأف بنا.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً