شباب لبنان يعيد هيكلة طموحاته

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

بات المستقبل في هذا البلد مظلماً. الحلم ممنوع، والطموح جنحة. لم نطلب الكثير، بل لم نعد نطلب الكثير. صرنا نرضى بالقليل، بشيء ما يبقينا على قيد الحياة. أصبح طموحنا في هذا البلد تأمين لقمة العيش فقط، وباقي ما تبقّى من الكماليّات، لا بل الرّفاهيّات.

في بلد قدموس أصبح الحرف باهظ الّثمن. أصبح العلم كما وصفه شباب “لبنان الكبير” بالامتياز. جنون الدولار أغرقنا في دوّامة الإحباط. قضى على أحلامنا وأعاد هيكلة طموحاتنا، ليزيح العلم من درب الأولويّة الأولى.

صرخات الطلّاب واعتصاماتهم لم تنفع بوجه ظلم الجامعات الخاصة، فأقرّت تلك الأخيرة “رفع الدعم” عن أقساطها لتصبح الأقساط مسعّرة حسب دولار الـ3900. أمّا عن طلّابنا في الخارج فهم يعيشون “غربة في غربة”. يقاتلون وحدهم، يعيشون ذلّاً وهم الّذين هربوا من هذا البلد لعلّهم يجدون راحة البال في بلدٍ أخر. ولكن مع عدم امكانيّة تحويل الأموال إلى الخارج أصبحوا مكبّلي الأيدي هم أيضاً.

رواتب أهل الطلاب أو الطلّاب أنفسهم لم تعد تكفي. والدولة غائبة تماماً عن السّمع. لا بديل، لا حلول منها، لا خطّة لانقاذ ما تبقّى من هذا البلد الّذي لطالما اشتهر بنظامه التّعليميّ. هدرٌ مستمرّ للمال الذّي يمكن أن يتوظّف في دعم الطلّاب لاستكمال طموحاتهم. ما من أحد يرفع الصّوت ليساعد الطلّاب في هذه الأزمة.

أما عن الجامعة اللّبنانيّة. فالوضع مأسويّ هنا أيضاً. فقد شهدت هذه السنة نزوحاً طلّابياً كبيراً إليها. هذه الجامعة اليتيمة الّـتي تحارب وحيدةً، و”يلي فيها، مكفّيها”. فهي بالطّبع غير قادرة على تحمّل هذه النسبة التّي ستتزايد مع استمرار الأزمة.

شبابنا معرّضون لبيع مستقبلهم مقابل رغيف خبز. شبابنا معرّضون لهدم طموحاتهم مقابل علبة دواء. شبابنا لم يعودوا شباباً، هرموا بسرعة في هذا البلد. مع الارتفاع الجنونيّ للدولار، وغلاء المعيشة والأقساط، لم نعد نعلم ما ينتظرنا.

مقالات شباب “لبنان الكبير” لهذا الأسبوع عن أزمة الدولار والطّلاب، محاولات لايجاد معالجات وحلول، يأسٌ ما يتخللّه أمل خجول. ومقابلات عدّة مع أبرز وجوه هذه الأزمة لينقلوا لنا الصّورة بوضوح.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً