حريتنا المسجونة

جاد فياض
جاد فياض

“الإحباط ليس قدراً”. قالها سمير قصير ومشى.. اختصر يومها مستقبل الشباب في لبنان: لن يكون مصيرنا الإحباط.

تأخر تفتح الأزهار لا يعني عدم قدوم الربيع، هذا ما يؤكده يومياً الشباب اللبناني في رفضهم للممارسات القمعية التي ترتكبها السلطة ضاربةً بعرض الحائط حرية الرأي والتعبير، وحرية المشاركة في الحياة السياسية.

فلبنان يفقد ميزته متى فقد اللبنانيون الحق بالتعبير أو المشاركة في صنع القرار، عندها يتحوّل النظام إلى نظام بوليسي يتنافى بمبادئه مع التعددية والحرية. وفي هذا السياق، كان لافتاً إصرار الشباب على عدم التفريط بحقّهم المقدّس، وذلك عبر التأكيد على ضرورة ممارسة الحرية كل من موقعه، عبر المشاركة في التظاهرات والتحركّات وعبر التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من محاولات القمع التي تقودها السلطة والأجهزة الأمنية.

رأت عضو تجمّع نقابة الصحافة البديلة الإعلامية إلسي مفرّج، أكثر من سببٍ لاتّباع السلطة نهج قمع الناشطين، “فتلك السلطة أصبحت غير قادرة على تقديم أي جديد لشعب جاع يطالب بحقّه. كما أن وتيرة التظاهرات والتحركات زادت بعد 17 تشرين، فلجأت هذه السلطة إلى ثقافة القمع، لكن هذا الخيار يسيء إلى صورتها أكثر”، مذكّرةً بزيادة وتيرة العنف بعد انفجار 4 آب بسبب استشراس السلطة للدفاع عن نفسها.

وفي حديث مع “لبنان الكبير”، اعتبرت مفرّج أن “السلطة لن تنجح في إرهاب الناشطين وإخافتهم، إذ أسخف ما يمكن أن ترتكبه هذه السلطة هو قمع الحريات، لأن ذلك يستدعي ردّة فعل وتشّبثاً بالمطالب المحقّة. قد تنجح في ضرب تحرّكٍ معيّن، لكن سقف الشباب عالٍ، وهم يعودون دائماً إلى الشارع في أقرب فرصة”.

وبحسبها، فإن “لبنان ينزلق نحو النظام القمعي الأمني، والذي تتجلّى مظاهره باستدعاء الناشطين وقمع الحريات. كما أن الأجهزة الأمنية… تلعب دوراً كبيراً في هذا السياق. أما ظاهرة الديمقراطية التي عرفناها في لبنان، فهي مُقترنة بالنظام الطائفي، ومتى خرجت من هذا الإطار تصبح هدفاً للنظام، فلا حريات فردية عامة صحيحة”.

ولفتت مفرّج إلى خروقات كثيرة وخطيرة لحقوق الإنسان، “إذ تم توثيق ممارسات عديدة تمحوّرت حول استخدام أسلحة يُمنع استخدامها بمواجهة الأفراد، كبندقية الخردق، أو الكريات الحديد التي تتطاير منها الشظايا، وتم تسجيل إصابات مباشرة، فأحد المحامين يحمل حتى اليوم شظية حديد في جسده، ناهيك عن استخدام الرصاص المطاطي والقنابل والغازات المسيّلة للدموع”.

ووثّق عضو لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين المحامي أيمن رعد بين الـ1600 والـ1800 استدعاء منذ انتفاضة 17 تشرين وحتى اليوم، لافتاً إلى أن بعض الأشخاص قد تم استدعاؤهم أكثر من مرّة، حيث “تم اصدار 58 حكم براءة من أصل 60 في المحكمة العسكرية، في حين أن بعض القضايا تحوّلت إلى القضاء العدلي، وهي تحتاج إلى الوقت للبت بها”.

وفي اتصال مع “لبنان الكبير” اعتبر رعد أن معاملة الموقوفين تختلف بين فروع الأجهزة الأمنية، وتحدث عن تركيب الملفات للناشطين قائلاً: “لا يتم تركيب الملفات بمعنى تلفيق التهم الخطيرة، ولكن يحدث أن يتم استدعاء ناشطين بسبب تهمة لم يقوموا بها، كرشق الجيش بالحجارة في مظاهرة معيّنة لم يكونوا موجودين فيها أساساً، وبرأيي، فهذا العمل ليس بريئاً، خصوصاً وأن مخبرين مجهولين يقومون بوضع الأسماء ضمن برقيات سرية لا يمكننا الاطلاع عليها”.

وأشار رعد إلى مفارقة خطيرة، “فالقانون يسمح للموقوفين بطلب محامٍ أو الاستعانة بنقابة المحامين لتوكيل محامٍ له دون مقابل، وفي هذا الإطار، كانت تبرز بعض الحالات التي تُلزم فيها الأجهزة الأمنية الموقوفين بالتخلّي عن هذا الحق، وبرأيي هناك عمليات تزوير تحصل في هذا السياق ونحن نتابعها قانونياً، إذ وحسب المنطق، أيعقل أن يرفض الموقوف المساعدة القانونية المجانية؟”.

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً