عودة السفراء… حل أم تبريد للساحة؟

ياسين شبلي
ياسين شبلي

أثارت عودة سفيري كل من المملكة العربية السعودية ودولة الكويت إلى بيروت العديد من التساؤلات عن مغزى عودتهما وتوقيتها، خاصة أنه لم يلاحظ أي تغيير جوهري في المشهد السياسي اللبناني تجاه هاتين الدولتين في الفترة الأخيرة، سوى بيانات وتصريحات مكررة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهي تصريحات ومواقف سبق أن حملها الرد اللبناني على الورقة الكويتية التي قدمها وزير خارجية الكويت إلى لبنان.

اللافت في عودة السفيرين أنها أتت بعد ثلاثة تطورات على الساحة الداخلية اللبنانية: الأول تمثل في زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان، وسط مؤشرات الى تقدم كبير أُحرز باتجاه شبه إنجاز للإتفاق النووي مع أميركا، وتغيير في اللهجة تجاه التعاطي مع السعودية ما إنعكس نسبياً على السلوك الاعلامي للحلفاء في الداخل اللبناني من هذا الموضوع. التطور الثاني هو الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي مع ما يحمله هذا الإتفاق من مؤشر الى مدى الاهتمام الدولي بالوضع في لبنان، وامكان السعي الى الخروج من عنق الزحاجة المالي والإقتصادي. التطور الثالث هو إقفال باب الترشيح وتسجيل اللوائح في الانتخابات النيابية الذي أوحى بأن هذه الانتخابات حاصلة لا محالة، مع الأخذ في الإعتبار حالة التخبط والإرباك الحاصلة على الساحة السنية منذ إعلان الرئيس سعد الحريري عزوفه وتياره السياسي عن المشاركة في هذه الإنتخابات، من دون أن ننسى قرب موعد الإستحقاق الأهم في لبنان وهو إنتخابات الرئاسة، التي يفترض أن يبدأ التحضير لها قبل شهرين من إنتهاء ولاية ميشال عون في نهاية شهر أكتوبر المقبل كما طالب البطريرك بشارة الراعي مؤخراً، وهو ما يعطي أهمية قصوى للاجتماع الذي جمع منذ يومين الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله – الذي كان إستقبل عبد اللهيان – والمرشحين العتيدين للرئاسة جبران باسيل وسليمان فرنجية، والذي يُعتقد أنه كان أبعد واشمل من أن يكون مخصصاً للإنتخابات النيابية، خاصة وأن التحالفات واللوائح كانت قد رُكِّبت وانتهى الأمر، أو أنه مجرد لقاء مصالحة للرجلين بعد طول جفاء، بل كان لأمر أهم وقد يكون لتوصيل رسالة ما تتعلق بالتطورات الاقليمية المتسارعة وتداعياتها على الوضع اللبناني الداخلي.

على المستوى الأقليمي أيضاً برز التطور الأهم ألا وهو الهدنة التي اتفق عليها في اليمن وترافقت مع حوار داخلي يمني في السعودية برعاية خليجية أدت إلى تغيير على المستوى القيادي، ما يؤشر إلى بصيص أمل قد يلوح في الأفق، وإذا ما إكتمل تكون المنطقة قد دخلت فعلاً في مرحلة تسوية النزاعات أو تبريدها على أقل تقدير، لا سيما بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً، وما تبعها من إتصالات وإجتماعات على مستوى المنطقة، وكذلك التطورات الميدانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تصاعدت فجأة وبقدرة قادر وكأن هناك من يسعى الى خلق سباق بين الإنفراج والإنفجار.

كل هذه التطورات المتلاحقة تفتح المجال لطرح سلسلة من التساؤلات عن آفاق المرحلة المقبلة إقليمياً ولبنانياً، فهل هذه التطورات مثلاً هي بداية حل للمشكلات العالقة في المنطقة، أم هي مجرد تبريد للساحة بانتظار ما ستسفر عنه التطورات الدولية المتمثلة بالحرب الروسية على أوكرانيا التي وضعت أوروبا لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية على خط النار؟ وبالنسبة الى لبنان هل كان لعودة السفيرين وخاصة السعودي علاقة بخروج الرئيس سعد الحريري من السباق الإنتخابي الذي لا بد أنه سيكون له مردوده على دوره السياسي في المرحلة المقبلة؟ وكيف سيكون المشهد السياسي اللبناني في السادس عشر من أيار المقبل؟ وهل سيتمكن اللبنانيون من تشكيل حكومة جديدة قياساً الى ما كان يجري سابقاً من مناكفات، لا سيما وأن هذه الحكومة ستتسلم هي السلطة في حال لم يتم التوافق على رئيس جديد للجمهورية؟ أسئلة كثيرة ستبقى الأجوبة عليها معلقة بإنتظار ما ستسفر عنه التطورات – ربما – في كل من فيينا حيث محادثات الإتفاق النووي، وكييف حيث الحرب “العالمية” المصغرة حتى الآن… فهل سننتظر طويلاً؟

شارك المقال