التشكيلة في بعبدا… والكرة في ملعب باسيل

هيام طوق
هيام طوق

كما كان متوقعاً، زار رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي قصر بعبدا أمس لاطلاع رئيس الجمهورية ميشال عون على نتائج الاستشارات النيابية، وسلمه تشكيلة الحكومة التي يراها مناسبة في هذه الظروف ما يؤكد حرص الرئيس ميقاتي على عدم استنزاف الوقت، فإما تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن من دون تسرع كما تقول مصادره، وإما العودة الى تفعيل حكومة تصريف الأعمال لانجاز بعض الملفات الملحة خصوصاً الاقتصادية منها.

وتشير المعلومات الى أن الرئيس المكلف سيكثف تواصله واتصالاته خلال هذا الأسبوع، مع مختلف القوى السياسية لأن ليس لديه “فيتو” على أي طرف لا بل على عكس ذلك، فهو يسعى ولديه الرغبة في أن يتمثل الجميع في الحكومة في حال كتبت لها الولادة حتى الذين لا يريدون المشاركة فيها لا من قريب ولا من بعيد سيكونون راضين عن الأسماء التي ستُطرح. وميقاتي حريص على تشكيلة تحظى بموافقة رئيس الجمهورية أو يمكن تعديلها لأنه يعلم جيداً أن الوضع لا يحتمل الاستفزازات، ويريد أن يأكل العنب لا أن يقتل الناطور من خلال التوافق على حكومة كاملة الصلاحيات. مع العلم أن أحد المواكبين لعملية التشكيل، أكد لـ “لبنان الكبير” أن التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية لن تكون يتيمة انما سيلحقها أكثر من نسخة لكن ليس الى أجل غير مسمى.

وإذا كانت كل المؤشرات تدل على أن بقاء الحكومة الحالية مع تعديلات على الأسماء قد يشكل مخرجاً للتعقيد الحكومي، ووضع حد للشروط والابتزاز بحيث أن التعديلات ستشمل وزراء الطاقة والخارجية والاقتصاد والمهجرين، فإن توجه عدد كبير من الكتل كما الرئيس المكلف هو الى عدم إعطاء وزارة الطاقة لـ “التيار الوطني الحر”، وطرح موضوع المداورة في مختلف الحقائب الا أن لا شيء محسوماً في هذا الاطار.

وفي حال أبصرت الحكومة النور، فإن عناوينها الأساسية ستتركز على جملة أولويات لاستكمال ما بدأته حكومة تصريف الأعمال ولوضع خطة التعافي على السكة الصحيحة باعتبار أن المرحلة اقتصادية بامتياز، ومن هذه الأولويات: خطة النهوض بقطاع الكهرباء واستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ومتابعة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل اضافة الى ملف الأمن الغذائي.

وفيما يسلك ملف التشكيل مساره الصعب، تخوف المراقبون والمحللون السياسيون من كلام النائب جبران باسيل بعد لقائه الرئيس المكلف خلال الاستشارات غير الملزمة حين صوّب على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وسط تساؤل عما اذا كان الهدف منه المزيد من الابتزاز والمطالب خصوصاً أن باسيل ترك باب المشاركة في الحكومة من عدمها مفتوحاً ما يدل على أنه ينتظر ما سيعرضه عليه ميقاتي من حقائب، للسير في الحكومة أو عرقلتها. كما تمنى أن تحصل مداورة شاملة أو جزئية وألا تكون الحقيبة في حيازة أي فريق سياسي أو طائفة معيّنة، لكن السؤال الأساس هنا: هل يقبل باسيل بالتخلي عن الطاقة ومقابل ماذا؟

أشار الوزير السابق رشيد درباس الى أن “الرئيس ميقاتي لن يبقى طويلاً في المرجوحة بمعنى أنه لن يكرر كثيراً مشاويره الى القصر الجمهوري، وهو يريد التشاور والنقاش مع رئيس الجمهورية وجاهز للتعديل لكن ليس الى أجل غير مسمى. وفي حال رفض عون التشكيلة الجديدة، سينصرف ميقاتي الى حكومة تصريف الأعمال”، لافتاً الى أن “توجه ميقاتي السريع الى القصر وتقديم لائحة بالوزراء يعني أنه حسم الأمر بينه وبين نفسه أنه لن يكون عرضة للمساومة لا سيما أن اجتماعه مع تكتل لبنان القوي كان فاشلاً حسب التصريحات”.

وقال: “يمكن أن تتم بعض التعديلات الا أن معظم الوزراء باق في التشكيلة الجديدة، وميقاتي ليس في وارد تلبية متطلبات النائب باسيل”. واعتبر أن “ما صرح به باسيل بعد لقاء ميقاتي خصوصاً في ما يتعلق بالتصويب على حاكم مصرف لبنان دليل على أن هناك صعوبة في تشكيل الحكومة. والرئيس ميقاتي لا يبني حكومته على افتراض أننا ذاهبون الى الفراغ على المستوى الرئاسي”.

أما الكاتب الصحافي والناشط السياسي بشارة خير الله، فرأى أن “تشكيلة ميقاتي متوازنة والرئيس المكلف يعلم أن تشكيلته قابلة للحياة، والكرة اليوم في ملعب رئيس الجمهورية”، لافتاً الى أن “التيار لو لم يشارك في الحكومة فلديه حصة فيها، والبقاء على أسماء الوزراء في الحكومة الحالية، مشاركة غير معلنة”. وأعرب عن اعتقاده أن “باسيل لم يحسم المشاركة من عدمها لأن ليست لديه مصلحة في حسمها سلباً لأنه يريد أن يكون موجوداً في سلطة تنفيذية تواكب انتهاء الولاية الرئاسية. كل ما يصرح به باسيل نصفه شعبوي والنصف الآخر يخدم وضعيته السياسية. لا يستطيع إخبار جمهوره بأنه يريد حصة وفي الوقت نفسه لا يمكنه التخلي عن الحصة، وهذا الغموض والتهرب من اعلان الموقف الواضح دليل على عدم الشفافية والوضوح. وكل ما قاله عن المداورة للاستهلاك لأنه حين لا يقبل الثنائي بالمداورة والتخلي عن وزارة المالية فيعود الى المطالبة بوزارة الطاقة حتى لو قبل باستبدال الوزير”.

وشدد على وجوب “ألا تستمر وزارة الطاقة مع التيار الوطني الحر لأن هذا الفريق لم ينجح بمعزل عن الأسباب، وهو عمليا يجب أن يتنازل عنها”، مشيراً الى أن “هناك محاولات لازاحة وزير الداخلية وميقاتي مصر على بقائه”.

رئيس تحرير “جنوبية” الصحافي علي الأمين أوضح أن “هناك تشكيلة حكومية تتضمن بعض التعديلات بحيث أن الجو العام للتأليف كان يوحي بأن هناك أسماء جديدة لكن القسم الأكبر من الحكومة الحالية سيبقى على ما هو عليه، ولا ندري ما اذا ستكون هناك مفاجأة بحكومة جديدة بكل وزرائها”، لافتاً الى أن “أجواء التيار الوطني الحر توحي بأنه ليس متمسكاً بوزارة الطاقة لكن في حال تمسك الثنائي الشيعي بوزارة المالية، فهل سيعود الى المطالبة بها؟ قد يكون التيار في إدراكه أنه يتخلى عن الطاقة على قاعدة أنه لن يحصل أي انجاز على هذا الصعيد أو يكون لديه نوع من القرار فيها، وبالتالي، يحصل التغيير في الشكل وليس في المضمون بمعنى أن يكون هناك مخرج تقبله كل الأطراف والاتيان بشخصية مرضي عنها من الجميع، وتتحول هذه الشخصية الى شخصية تعطيلية وليس انتاجية لأن أي انجاز في الكهرباء سيظهر أن سبب التعطيل هو التيار الوطني الحر الذي لن يسمح بأي انجاز يكون هو خارجه”.

أضاف: “التيار قد لا يعرقل من خلال التصادم والكباش على الحصص انما من خلال ايجاد أسباب ربما ميثاقية أو دستورية بما معناه أنه يستخدم كل أوراقه في هذا الاطار”. ورأى أن “ميقاتي الحلقة الأضعف في الحكومة، ويقوم بتسويات وتنازلات وهو لا يريد المواجهات”، مؤكداً أن “حصول الفراغ الرئاسي باتت فرصه قليلة لأن القوى التي كانت لها مصلحة في الفراغ لم تعد لديها هذه المصلحة في المرحلة الحالية. والمعطيات الدولية والاقليمية تشير الى أنها لن تسمح لا لحزب الله ولا للتيار الوطني الحر بالذهاب الى التعطيل”.

شارك المقال