“مسيرات كاريش”… ربما عدّلت الأجواء!

رواند بو ضرغم

لماذا لا تُؤخذ مسيرات “حزب الله” باتجاه “كاريش” من منطلق قوة لا ضعف؟ بغض النظر عما إذا كانت رسالة إيرانية بواسطة “حزب الله” أم نتيجة مماطلة الوسيط الأميركي في مفاوضات الترسيم لصالح الجانب الاسرائيلي… فالمهم هو النتيجة. صحيح أن الأطر الديبلوماسية تبقى خياراً أفضل من المسيرات الاستفزازية، لكن ألا يُعد رفض الجانب الأميركي تسليم القيادات اللبنانية كتاباً بالرد الاسرائيلي على الطرح اللبناني استفزازاً وتنصلاً من الالتزامات التفاوضية؟

تقول مصادر مطلعة على مسار المفاوضات والتصعيد الحدودي، إن “حزب الله” استُفز من المماطلة الأميركية، وتحديداً بعدما قامت السفيرة الأميركية دوروثي شيا، باطلاع رئيس الجمهورية ميشال عون ونائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، على الرد الاسرائيلي وإبلاغهما بالايجابية وإمكان الحل، لكنها لم تتقدم منذ ذلك الوقت حتى اليوم بأي كتاب رسمي ليُبنى على الموقف الاسرائيلي مقتضاه لبنانياً.

مماطلة الجانب الأميركي في المفاوضات والاستخفاف بالدولة اللبنانية، أكدا المؤكد لدى “حزب الله” بأن الطرق الديبلوماسية لا تمشي مع اسرائيل، إنما يبقى للقوة وقع في تصويب تعاملها مع الملفات اللبنانية. فما إن أرسل “حزب الله” المسيرات حتى توالت المواقف الأميركية وعاد ملف المفاوضات البحرية الى الواجهة، وأصدرت الخارجية الأميركية بياناً اعتبرت فيه أن الادارة تعتبر الحل ممكناً. وكذلك أعلن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين من اسرائيل أنه جرى تقليص بعض الفجوات جراء المفاوضات التي وصفها بـ “الجيدة”.

هوكشتاين الذي رافق رئيس بلاده جو بايدن الى اسرائيل كان يتحسس المخاطر التي حملتها المسيرات وفكك شيفراتها، وأبرزها أن أمن بايدن وأمانه غير مضمونين جراء ضعف الاسرائيليين، اضافة الى أن اسرائيل لن تستخرج النفظ بقوة المسيرات الجدية هذه المرة طالما لم يُبت بملف الترسيم البحري وما لم يُستخرج النفط اللبناني.

أما كل من يضرب على صدره أمام الأميركيين ويوحي لهم بأن مهمة إقناع “حزب الله” عنده، وأنه يستطيع أن ينتزع من السيد حسن نصرالله الضمانات في عدم التصعيد كالنائب الياس بوصعب وغيره، فهو واهم ولا يمون على أصغر عنصر في الحزب، إذ أن المناسب هو الذي يراه نصرالله، مناسباً ولا يكترث لأي من الذين يعتبرهم حاملي رسائل من الأميركيين. نصرالله يدرس امكان أي خطوة، ويقرر وينفذ من غير العودة الى بوصعب ولا الى رئيسه. ولا يستطيع أحد أن يتوقع أو يتكهن ما إذا كان “حزب الله” سيستمر بإرسال المسيرات أو سيتوقف، وما إذا كان سيصعد الى حد الحرب أم سيهدئ التصعيد. فما نقله بوصعب الى الأميركيين بأن نصرالله أعطى ضمانات بأنه لن يصعد الا بالتنسيق مع فريق رئيس الجمهورية، تنفيه المصادر نفياً قاطعاً، وتقول لموقع “لبنان الكبير” بأن هدف المسيرات هو منع الاسرائيليين من استخراج نفط “كاريش” قبل إتمام الترسيم، وليس الهدف منه استدراج الأميركي لاستكمال التفاوض. وتؤكد هذه المصادر أن اسرائيل لن تخوض مجدداً حرباً في لبنان، أما “حزب الله” فمستعد لأي سيناريو وخصوصاً اذا حاولت اسرائيل استخراج النفط قبل البت بنفط لبنان. فالحزب استُفز من مماطلة الأميركيين في الملف وهم يتأخرون في حسم الجواب وكأنهم يضحكون على الدولة اللبنانية. ولا تخفي المصادر أن “حزب الله” مستاء من طريقة المفاوضات التي تديرها الدولة اللبنانية، وتبدي عدم رضاها على أدائها في هذه المفاوضات، واعلانها المسبق أن الحزب خلف قرار الدولة لا يعني عدم تدخله لتصويب المفاوضات.

يبدو أن الافضل لدى “حزب الله” أن يعود ملف الترسيم البحري الى كنف الرئيس نبيه بري، الذي يرى الحزب فيه أكثر واقعية وحنكة في التفاوض، ولا يهادن مع الأميركيين ولا يثق بأقوالهم، إنما يسعى الى نزع القرائن.

شارك المقال