بيروت تجمع الأعلى والأسوأ

هدى علاء الدين

كشفت دراسة نصف سنوية للعام 2022 أعدّتها قاعدة البيانات العالمية Numbeo عن تكلفة المعيشة حول العالم، احتلال بيروت المرتبة اﻟ 12 عالمياً والمرتبة الأولى عربياً. الدراسة التي اعتمدت الأسعار في مدينة نيويورك كقاعدة المؤشر للمقارنة مع الأسعار في المدن الأخرى، صنّفت بيروت المدينة الأكثر غلاءً بين 73 مدينة ضمن الدول ذات الدخل الأدنى إلى المتوسط التي شملها المسح.

فما هي تكلفة المعيشة؟

تُعرَّف تكلفة المعيشة بأنها القيمة المالية المطلوبة لتغطية النفقات الضرورية للحفاظ على مستوى معين من نمط الحياة في مكان ما ووقت معين، بحيث تشمل هذه النفقات السكن والطعام والضرائب والرعاية الصحية والملابس والتعليم والترفيه والنقل. وترتبط تكلفة المعيشة بالدخل وتستخدم لمقارنة إمكان العيش في مدن مختلفة، ونظراً الى اختلاف الأسعار من مدينة إلى أخرى حول العالم، فإن تكلفة المعيشة تساعد على تحديد مدى تحمل تكلفة العيش في مدينة أو منطقة معينة.

أعلى تكلفة

وبالعودة إلى الدراسة، ووفقاً لمؤشر كلفة المعيشة الذي يُعدّ المؤشر النسبي لأسعار السلع الاستهلاكية والتي تضمّ محال البقالة، والمطاعم، ومراكز النقل والمرافق العامة مقابل القدرة الشرائية للسكان، فقد سجلت كلفة السلع الاستهلاكية في بيروت نسبةً أعلى من تلك التي حققتها مدينتا سان فرنسيسكو وأوكلاند في الولايات المتحدة الأميركية، وأوسلو عاصمة النروج، والأعلى بين المدن العربية كافة التي شملتها الدراسة عند 95.65 نقطة. ولناحية مؤشر الإيجارات (قيمة إيجار الشقة مقارنة بقيمة الإيجارات في مدينة نيويورك)، فقد صُنفت بيروت في المركز الـ 223 عالمياً، والسابعة بين المدن العربية، والثالثة بين مدن الدول ذات الدخل الأدنى إلى المتوسط عند 24.19 نقطة. أما لجهة مؤشر البقالة (تقدير للأسعار في محال البقالة مقارنة مع تلك في مدينة نيويورك)، فقد أدرجت العاصمة اللبنانية في المرتبة اﻟ38 عالمياً، والأولى بين المدن العربية ومدن الدول ذات الدخل الأدنى إلى المتوسط عند 109.65 نقطة. وجاءت بيروت في المركز اﻟ 104 عالمياً، والأول بين المدن العربية ومدن الدول ذات الدخل الأدنى إلى المتوسط على مؤشر المطاعم، والذي يقارن بين أسعار الوجبات والمشروبات في المطاعم والنوادي الليلية مع مدينة نيويورك عند 68.22 نقطة أي أقل بـ 31.78 في المئة من تلك في مدينة نيويورك.

أسوأ جودة

عالمياً أيضاً، احتلت بيروت المرتبة الأخيرة بين المدن العربية والمرتبة 242 في قائمة 248 مدينة في العالم عند قياس مؤشر جودة الحياة، بحيث تم رسم النتائج وفقاً لثمانية مؤشرات رئيسة تقيس مستوى جودة الحياة تشمل مؤشر القوة الشرائية، مؤشر الأمان، الرعاية الصحية، وتكلفة المعيشة، نسبة سعر المنزل إلى الدخل التي تعكس القدرة على تحمل تكاليف السكن، مؤشر حركة المرور أو وقت السفر، مؤشر التلوث، وأخيراً مؤشر المناخ.

أما محلياً ولجهة أسعار المستهلك في لبنان، فقد سجلت نسبة 210.08 في المئة خلال عام واحد في الفترة الممتدة من حزيران 2021 إلى حزيران 2022، في حين ارتفعت الأسعار الإجمالية بمقدار 12 ضعفاً منذ تشرين الأول 2019. وبحسب إدارة الاحصاء المركزي، فإن الرقم القياسي لأسعار الاستهلاك في لبنان لشهر حزيران 2022 سجل ارتفاعاً وقدره 9.23 في المئة مقارنة مع شهر أيار 2022.

وفي قراءة للأرقام والتصنيفات الواردة أعلاه، يبدو واضحاً أن الوضع الاقتصادي والمالي الذي يعاني منه اللبنانيون تزامناً مع التحديات الخارجية أسهمت بصورة سلبية في تراجع المؤشرات كافة المتعلقة بتكلفة المعيشة وجودة الحياة. كما أن ارتفاع معدلات التضخم الذي أدى إلى انخفاض القيمة الشرائية للرواتب والأجور، وارتفاع تكلفة الغذاء والوقود الذي أسهم في ارتفاع كل أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية أوصلا المعيشة في لبنان إلى نقطة اللاعودة إلى حين وضع سياسات جذرية تغير المؤشرات السلبية إلى إيجابية وتعزيز وجود الأمنين الغذائي والاجتماعي من جديد. وإلى حين النهوض من جديد والذي يبدو أن لا موعد زمني له في القريب العاجل، لن يكون مستغرباً أبداً حصول لبنان على أدنى التصنيفات وأسوأها بعدما فقد شعبه مقومات الحياة الكريمة كافة.

شارك المقال