انقسام طرابلسيّ حول الغواصة

إسراء ديب
إسراء ديب

انقسم الطرابلسيون هذه المرّة حول جودة الغواصة التي استقدمت من الخارج بأموال طائلة سعياً إلى ضرورة البدء بعملية البحث عن المركب والضحايا الذين قد يزيد عددهم عن 30 شخصاً وفق تقديرات تبقى غير مؤكّدة حتّى بعد مرور 4 أشهر على الفاجعة التي ضربت المدينة وأهلها. 

ولم يقتصر هذا الانقسام حول جودة الغواصة التي يبلغ طولها 5.68 أمتار وعرضها 2.24 مترين وقد تصل إلى عمق 2180 متراً فحسب، بل يُمكن القول انّ هذا الملف سرعان ما تحوّل إلى قضية سياسية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالنائب أشرف ريفي تحديداً الذي واكب هذه الرحلة ووصول الغواصة بالتعاون مع النائب إيلي خوري. ومع تأكيد ريفي أنّ هذا الملف كان ولا يزال ضمن إطار إنسانيّ بحت، إلا أنّ متابعين كانوا قد رفضوا هذه المبادرة أساساً لارتباطها به وبنائب “القوات”، معتبرين أنّ الغواصة تفيد “الاستعراض السياسي” لا القضية، الأمر الذي حوّل الغواصة إلى “كارت” سياسيّ محروق، في وقتٍ كان الكثير من الطرابلسيين يشجعون هذه المبادرة التي ترتبط بالمغتربين ومساعيهم مادياً ومعنوياً للإسهام في انتشال الجثث، وتلفت معطيات “لبنان الكبير” إلى عدم تصديق بعض عائلات الغرقى ووثوقهم بهذه المبادرة، فيما يُشدّد البعض الآخر على ضرورة إتمامها عسى أن تُؤدّي إلى نتيجة “تفاؤلية” وفق ما يتوقعون.

ولم تسلم هذه الغواصة من التعليقات السلبية التي اعترضت على طريقة عملها، لا سيما بعد إعلان الجيش اللبناني من خلال حسابه عبر “تويتر”، “تأجيل مهمّة البحث عن المركب الغارق قبالة مدينة طرابلس بسبب ارتفاع موج البحر ما قد يُهدّد سلامة الغواصة وطاقمها”، وذلك بسبب شدّة الرياح، التي أكّد بعض الذين توجهوا إلى هذه الرحلة أنّها منعت الغواصة من إتمام عملها بصورة صحيحة، في وقت كانت أشارت معطيات إلى أنّ الغواصة لم تتمكّن من تحديد موقع المركب “الذي يبدو أنّه تحطّم في قعر البحر وانتشرت أجزاء منه بطريقة متفرّقة وعشوائية وهو أمر مجهول حتّى اللحظة، خاصّة بعد الضربة التي تلقاها المركب عندما اصطدم بخافرة للجيش اللبناني كانت تلاحقه حينها، ما أضرّ به وستُؤذيه أيضاً هذه المياه”، وفق ما يُشير مصدر أمنيّ لـ”لبنان الكبير”، مشدّداً على أهمّية الدور الانساني الذي تلعبه قيادة الجيش اللبناني في هذه القضية.

ولا ينفي هذا المصدر التطوّر التقني الذي تتمتّع به الغواصة، مؤكّداً أنّها تعدّ من أحدث التقنيات ضمن هذا المجال “الذي لن يُدرك الناس مدى فعاليته أو تطوّره، فهم ليسوا خبراء بهذا الملف، ولا بهذه التقنيات التي جاءت مع طاقم متخصّص بها يُدرك تماماً ما يفعله”. 

وأكّد بعض الإعلاميين الذين تواجدوا في البحر أنّ الأمواج لم تكن بهذا المستوى من القوّة التي يُمكن أنْ تمنع الغواصة من استكمال عملها، في ظلّ انقسام واضح بين هؤلاء الذين تعدّدت آراؤهم حول هذه الغواصة وشدّة الرياح في مكان عملها، وبالتالي وعد القائمون على هذه الغواصة باستكمال عملهم حين تهدأ الأمواج بصورةٍ تسمح لها بالغوص في قعر البحر.

في الواقع، أسف بعض المراجع الطرابلسية لتحويل هذا الملف إلى ملف “ساخر” يتهكّم فيه البعض، لا سيما بعد حصول حالات إغماء بين الاعلاميين في الجولة التي ضمّت أكثر من 100 وسيلة إعلامية محلّية، عربية وأجنبية، وذلك بسبب عدم وجود مياه في المركب مع ارتفاع درجات الحرارة ومعاناة بعضهم من “دوار البحر”، فضلاً عن حصول بعض حالات السخرية من شكل الغواصة التي وصفوها بأنّها تُشبه اللعب الموجودة في الملاهي وغير ذلك من الأساليب، التي يلفت الكثير من المتابعين إلى أنّها تجرح الأهالي الذين ينتظر الكثيرون منهم خبراً ولو كان بسيطاً عن أحبائهم الذين نزلوا إلى عالم مجهول ولم تستخرج أيّ جثة أو على الأقلّ “عظمة” واحدة من أجسادهم التي نهشها البحر.

شارك المقال