ثالوت الترسيم قبرصي… العونيون يحتفلون بخيبة اللبنانيين

لبنان الكبير

فيما كان رئيس الجمهورية ميشال عون يبرئ ذمته الرئاسية أمام البلاد والعباد خلال الاستقبالات الوداعية، معتبراً غلطته الوحيدة أنه واجه الجميع في محاربته للفساد، وأن الفشل والانهيار والجوع وتفتت الدولة ومؤسساتها تعود الى الصعوبات ونتائجها، رامياً كرة التعطيل في ملعب الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي لم يوحد معاييره في التشكيل، واصل رئيس الوزراء الاسرائيلي يائير لابيد حملة التمريك والتزريك للجانب اللبناني، مهللاً بالترسيم البحري بين لبنان واسرائيل، الذي اعتبره ضربة كبيرة لـ”حزب الله”، وأن اسرائيل نجحت في لي ذراعه به.

ومن اسرائيل الى قبرص حيث زار وفد منها لبنان بهدف اعادة الترسيم بين البلدين استناداً الى الخط 23، وأطلق رئيس الجمهورية، مسار التفاوض الذي لن يكون صعباً وليس بحاجة الى وساطات وضمانات، ما يعني أن الترسيم سالك مع الجارة الجزيرة بعكس ما هو عليه مع الشقيقة القريبة التي رفضت زيارة الوفد اللبناني لمناقشة موضوع الترسيم، لكن وفق نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب “ثمة سوء تفاهم لا سوء تواصل مع النظام السوري. والوضع مع قبرص يختلف عن الوضع مع دولة عدوة كاسرائيل. هناك نقاط أخرى ستبقى عالقة، وتتعلق بالحدود التي تفصل بين لبنان وسوريا شمالاً”. أما الموفد الرئاسي القبرصي الخاص تاسوس تزيونيسو، فأعرب عن تفاؤله بتسوية كل مسائل الترسيم البحري، “وهو أمر ليس صعباً، والتوقيت مناسب جداً”.

وأوضح أحد الخبراء العسكريين أن هناك نقطة ثلاثية بين قبرص ولبنان واسرائيل. والترسيم البحري بين لبنان واسرائيل حتّم اعادة الترسيم بين لبنان وقبرص، اذ أنه وفق قانون البحار يجب أن يكون الخط الوسط بين البلدين بناء للخط 23 الذي تم ترسيمه مؤخراً. وبالتالي، النقطة الثلاثية بين لبنان وقبرص واسرائيل والتي حددت سنة 2007، أصبحت اليوم ضمن الخط 23 ما يعني ضرورة التفاوض مع الجانب القبرصي لأن المفاوضات متوقفة منذ العام 2007. والقبارصة يقبلون بكل رضى بإعادة الترسيم مع لبنان لأنهم سيربحون مساحات في البحر باتجاه الجنوب، أي سيكون ذلك على حساب اسرائيل وليس على حساب لبنان. والتفاوض مع قبرص ليس صعباً لأنه تفاوض تقني وليس سياسياً بعكس المفاوضات مع اسرائيل التي كانت سياسية أكثر منها تقنية. وقبرص ولبنان يعترفان بقانون البحار، أما اسرائيل فلا تعترف به. وبالتالي، التفاوض مع قبرص سهل وتقني ولا يتطلب وقتاً لانجازه.

أما على صعيد الترسيم للنهاية الرئاسية، فإن مناصري “التيار الوطني الحر” يتعدون لاقامة المراسم البروتوكولية والشعبية على ايقاع “معك مكملين”، من بعبدا الى الرابية حيث اقامته بعد انتهاء الولاية. وأوضح أحد كوادر “التيار” أن يوم غد الأحد سيكون طويلاً وينطلق باكراً بحيث ستتوافد الحشود الشعبية من مختلف الأقضية الى القصر الجمهوري، وسيلقي الرئيس كلمة أمامها بين الحادية عشرة والحادية عشرة والنصف من قبل الظهر ثم ينتقل الى مقر اقامته في الرابية حيث ينتظره المناصرون. ومن غير الواضح ما اذا ستكون هناك كلمات أو استقبالات شعبية فقط. أما الكلمة التي سيلقيها في بعبدا وتكون عفوية، فستحدد عناوينها العريضة، التطورات على الصعيد الحكومي خلال الساعات القليلة المقبلة. المضمون يتغير حسب سعي المعنيين بالتأليف، إن كانوا سيشعرون بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم، ويعملون على حلحلة العقد أو سيستمرون في توجيه الرسائل عبر البيانات. أما في ما يتعلق بتواجد الناس على الطرقات مواكبة للرئيس، فليس هناك من برنامج محدد في هذا الاطار لأن الاجراءات الأمنية تتطلب تدابير معينة. على أي حال، تبقى المحطتان الأبرز غداً في القصر الجمهوري وفي قصر الرابية.

ويستغرب البعض مغادرة الرئيس عون على وقع شعارات استفزازية، ومسيرات يحضّر لها لتجوب المناطق والأحياء خصوصاً في مناطق بعبدا والمتن وكسروان. انها نهاية مرحلة ما يعني أن ذلك لا يتطلب ابتهاجاً واحتفالاً الا اذا كان ذلك تعبيراً عن احتقان داخلي. ثم لا بد من السؤال: ماذا يعني شعار “معك مكملين”؟ هل سيتابعون معه المسيرة في المزيد من الانهيار والفشل؟ العدد الأكبر من الناس استفزهم هذا الشعار بعد 6 سنوات من العذاب، وما حصل في المناطق الشمالية خصوصاً في طرابلس وعكار من تمزيق لصور الرئيس عون والتي كتب عليها شعار المغادرة خير دليل.

وفي هذا السياق، تتخوف المناطق المسيحية من مخطط ما في هذا اليوم قد يؤدي الى الفوضى أو الى اشكالات تتطور في بيئة تحتضن قوى متخاصمة، في حال استخدمت العبارات الاستفزازية والتصرفات التي تستدرج بعض المناصرين من القوى الأخرى، لكن الأحزاب المسيحية تنبهت الى هذا الأمر، وطلبت من مناصريها عدم ابداء أي رد فعل على الاستفزازات التي قد تحصل تلافياً للاستدراج نحو الفتنة خصوصاً أن هناك حملات وأجواء متشنجة على مواقع التواصل الاجتماعي، والحرص على عدم السماح لها بالانتقال الى الشارع، لتمرير هذا اليوم بسلاسة .

ويشير مصدر سياسي الى أن يوم الاحد ليس يوماً عادياً بل تاريخي ومفصلي، لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن ننكر أنه سيكون خطيراً، على أمل أن يمر هذا القطوع على خير خصوصاً أن نغمة التهديدات بالفوضى تكثفت في الآونة الأخيرة.

وأكد أحد نواب “التيار” أنهم عمموا توصية بعدم التعرض لأي شخص أو اللجوء الى الاستفزاز، معتبراً أنه بمثابة عرس لطرف معين، ومن لا يعجبه الأمر يلتزم منزله، ومن يشعر أنه غير قادر على ضبط أعصابه وانفعالاته، لا يخرج الى الشارع. هذه النشاطات نظمت يوم الأحد وليس في بحر الأسبوع تفاديا لحصول أي زحمة أو ارباك على الطرقات ما يعني أن الناس تكون مرتاحة في منازلها، ومن ليس لديه أي أمر طارئ، يلتزم البيت. نقوم بكل الاجراءات لعدم حصول أي اشكال، لكن في حال رغب أي شخص في القيام بذلك، يكون ما باليد حيلة .

أما أحد النواب السابقين المعارضين لسياسة “التيار”، فرأى أن يوم الأحد سيكون يوماً عادياً، ويمر بسلاسة من دون أي فوضى أو اشكالات أمنية. يحق للتيار التعبير عن انكساره واحباطه، واعطاء رئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل جرعة دعم معنوي خصوصاً أن العهد انتهى من دون أن يتمكن من الحصول على الحصة التي كان يرغب بها في الحكومة. الحشود تعويض نهاية الخدمة، ولا معنى لها في السياسة، والبروباغندا بلا معنى الا اذا شعروا أنهم مخطئون بحق اللبنانيين. كلها قنابل دخانية تعويضاً عن الخسارة، لكن لا أحد يريد خوض لعبة الشارع لأن البلد على كف عفريت، ولا أحد يتحمل تداعيات أي مغامرة أو رعونة في التصرفات. نحن طلبنا من مناصرينا عدم الرد على أي استفزاز خصوصاً أن مؤيدي “التيار” يائسون ومحبطون، وربما يفتعلون اشكالات لاستغلالها اعلامياً.

واعتبر أحد المحللين أنه لا يمكن أن نتنبأ بما يمكن أن يحصل الأحد، لكن الأحزاب المسيحية المعارضة لـ “التيار الوطني الحر”، توجه التعليمات الى مناصريها بضرورة عدم الاختلاط بالجموع أو ابداء أي رد فعل أو حتى عدم التواجد في الطرقات. واذا كان هناك فريق ينوي التسبب بفوضى أو افتعال الاشكالات، فهذا الأمر وارد، لكن الأجهزة الامنية تأخذ كل احتياطاتها لعدم السماح بأي تطورات أمنية أو فتنة على الأرض. ولن تسمح بتطور أي اشكال فردي كما لن تسمح بأن تكون له ذيول في المستقبل. وبالتالي، لا شيء سيتغير يوم غد، ولن يشهد منعطفاً خطيراً، وستنتشر القوى الأمنية على الطرقات بشكل لن يسمح بحصول أي احتكاك. ليس من مصلحة “التيار” أن يدخل في فوضى واشكالات في الشارع لأن ذلك يؤدي الى خسارة في شعبيته على أساس أن التحركات تخصه، كما أن الفريق الآخر أي “القوات” و”الكتائب” والمستقلين ليست لديهم مصلحة بالفوضى. المواكبة الشعبية تهدف الى ايصال رسالة أن رئيس الجمهورية لا يزال يحافظ على شعبيته وعلى نسبة مؤيديه كما في السابق. أما بالنسبة الى الفوضى الدستورية التي يتحدث عنها النائب جبران باسيل، فتعنيه وحده لأن الدستور واضح بأن هناك حكومة ستكمل المسيرة، وفي السياسة وفي العمل الوطني ليس هناك من فراغ. هل يسيّر أمور البلد المخاتير ورؤساء البلديات؟ اذاً، الحكومة دستورية، والفوضى الدستورية إن حصلت تكون مفتعلة لا أساس قانونياً لها.

وفي وقت حاول النائب باسيل، الحصول على جرعة دعم نفسية ومعنوية وروحية من بكركي خلال زيارة قام بها عصر أمس الى البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، مجدداً التأكيد أنه لا يمكن القبول بحكومة فاقدة للشرعية البرلمانية والشعبية، والله يستر ماذا يحضرون، عمم مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، بياناً حول برنامج يوم الأحد وتغطيته الاعلامية، اذ سيودع رئيس الجمهورية عند الحادية عشرة والنصف كبار الموظفين، ثم تؤدي له التحية كتيبة من الحرس الجمهوري، وتعزف موسيقى الجيش النشيد الوطني وموسيقى عرض حرس الشرف. وبعد الانتهاء من المراسم الرسمية، يتوجه الرئيس الى منصة خاصة أمام المواطنين الذين سيشاركون في وداعه ويلقي كلمة في المناسبة. بعدها يغادر في السيارة الرئاسية قصر بعبدا الى منزله في الرابية.

شارك المقال