هل فقدت إدارة بايدن فرصتها في إيران؟

حسناء بو حرفوش

تعاملت السياسة الأميركية لفترة طويلة، مع إيران من زاوية البرنامج النووي حصراً وأغفلت الجوانب الأخرى، حسب ما كتب المحلل الايراني شاي خاطري في موقع The Bulwark الالكتروني المتخصص في الشؤون السياسية. ووفقاً للمقال، “لقد آن الأوان لتعالج الادارة الأميركية المشكلة الايرانية. ولطالما أملت إدارة (باراك) أوباما في أن توقف خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، التقدم النووي لايران على مدى الخمسة عشر عاماً المقبلة، وهي فترة كافية إما للاصلاح أو الانهيار في الجمهورية الاسلامية. وعلى العكس منها، لم تنظر إدارة جو بايدن أبداً الى سياسة إيران بخلاف برنامج الأسلحة النووية. وللتذكير، بعد أسبوع من تولي بايدن منصبه، أكد مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان، في حديث لصحيفة (واشنطن بوست) أن الواجب الأول للادارة هو إيجاد حل لبرنامج الأسلحة النووية الايراني قبل الانتقال إلى بقية المشكلات التي تسببها إيران. ولكن في منتصف فترة ولاية بايدن، فشلت الادارة في تحقيق الهدف الأول حتى. وفي بعض الأحيان، يبدو أن فريق بايدن قد قفز عن المشكلة الايرانية تماماً.

وحجبت كل النقاشات التي دارت على مدى العقد الماضي حول البرنامج النووي حقيقة وجود قضايا أخرى مع النظام بخلاف أسلحته النووية. والآن بعد أن اندلعت ثورة ديموقراطية في إيران، تفسح إدارة بايدن المجال في انسلال الفرصة لمساعدة البلاد في التحول إلى الديموقراطية من قبضتها. وفي الأصل، لم تكن محاولات الولايات المتحدة لدعم المحتجين إلا متقطعة وقليلة ومتباعدة. وأبدت الادارة رغبتها بوضوح في الانسحاب من الشرق الأوسط الكبير ومن (الباحة الخلفية) لروسيا كي تتمكن من التركيز على الصين. وحاول الأفراد أنفسهم (التمحور نحو آسيا) والابتعاد عن الشرق الأوسط الكبير خلال إدارة أوباما. لم تنجح السياسة من العام 2009 إلى العام 2017.

وعلى الرغم من الفشل الواضح لسياسة أوباما في الشرق الأوسط، الناجم جزئياً فقط عن قرار دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، يبدو أن إدارة بايدن راضية عن الاستمرار بالنهج نفسه والتعامل مع إيران كبرنامج نووي فقط، يمكن فصله تماماً عن سلوكها الآخر ومنطقتها وعن بقية العالم. ومن الأسباب التي تجعل إدارة بايدن تركز بشدة على برنامج إيران النووي هو أن هذا البرنامج يشكل بالنسبة اليها، مشكلة منفصلة وقابلة للحل نظرياً، بينما يعتبر التعامل مع النطاق الكامل للسلوك الايراني مشكلة أكثر صعوبة. وخلف الكواليس، يعتبر مسؤولو الادارة أن الاحتجاجات تندلع في إيران بانتظام ثم سرعان ما تخفت. ولذلك، فشلوا في إعداد أنفسهم للافادة من المعارضة الداخلية، مع تخيل سيناريوهين، إما سقوط النظام بسرعة أو زوال الاحتجاجات. وكان هذا بشكل أو بآخر نهج إدارة أوباما تجاه الحرب الأهلية السورية. وتندلع الاحتجاجات في إيران بانتظام، وفي حال وجدتها الادارة (مخيبة للآمال)، فربما لأنها لا تحصل على دعم من واشنطن. ويمكن ملاحظة أحد مؤشرات خيبة الأمل التي يشعر بها الايرانيون، من خلال توقفهم عن حمل لافتات باللغة الانجليزية.

ويشير الالتزام قصير النظر لادارة بايدن بالمفاوضات إلى أنها لا ترى اتفاقية نووية جديدة كوسيلة لتعزيز المصالح الأميركية والأمن الإقليمي، ولكن كغاية في حد ذاتها. وتمثل الاحتجاجات في إيران أول احتمال حقيقي منذ عقود، للتغيير الأساسي للنظام الأصولي، والذي يمكن أن يحل المشكلة النووية، إلى جانب المشكلات الدولية وانتهاكات حقوق الانسان المحلية ودعم الحرب الروسية أيضاً. ويبدو أن إدارة بايدن عاجزة عن تلقف الفرصة التي يعرضها عليها الشعب الايراني.

وهذا يعني أن الادارة لديها نزعة التدمير الذاتي لتجزئة المشكلات، في وقت لا يجب نسيان أن إيران مورد نفط رئيسي للصين، كما كانت مورداً رئيساً للنفط لحلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا قبل العقوبات الأميركية. وزعمت إدارة بايدن أن إيران ستزود روسيا بصواريخ باليستية، الأمر الذي تنفيه طهران. وأبرمت الجمهورية الاسلامية مؤخراً اتفاقية أمنية لمدة 25 عاماً مع الصين، وفي آذار 2021، علق بايدن بالتعبير عن قلقه. لقد كان من السخيف أن تبني إدارة بايدن، عند توليه منصبه، سياستها تجاه إيران على قراءة الثورات كأحداث روتينية تتكرر بين الفينة والأخرى. كما يشير التعاطي مع التمرد الحالي إلى إغفال اتجاهات الاحتجاجات المتزايدة والمكثفة على مدى العقد الماضي. وتركز إدارة بايدن بشدة على تكرار سياسة عهد أوباما لدرجة أنها لم تعد ترى إلى أي مدى تغيرت إيران، داخلياً وفي سلوكها الخارجي”.

شارك المقال