“ثورة التغيير” تحتاج الى ثورة

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

يبدو أن شعار “كلن يعني كلن” الذي كان عنواناً لثوار 17 تشرين على تنوعاتهم السياسية وفئاتهم الاجتماعية وانتماءاتهم الحزبية، أثار الجدل في السابق في الشارع الشعبي وداخل مجموعات ما سمي “ثورة” أو تواضع البعض فأطلق عليها “انتفاضة”، لكن الجدل حوله اشتد ما بعد الانتخابات النيابية وتشكل ما سمي بـ “التغييريين”، الا أن “الأخطاء” التي إرتكبها هؤلاء في الممارسة جعلتهم عرضة للشكوك والانتقادات العنيفة، ويكفي في هذا المجال متابعة وسائل التواصل الاجتماعي ليدرك المرء حجم الخيبة الشعبية من أداء النواب الذين اعتبروا ممثلين للثورة، ودبّت بينهم الخلافات التي فسرت بأنها ممارسة ديموقراطية وحق تعبير، لا سيما ما بدا واضحاً في جلسات انتخاب الرئيس، وكأن هذا التكتل يملك مفتاحاً سرياً لفرض من يريده، وظهر من طرح أسماء مرشحين غير مرشحين أن “اللعب ماشي” وهم جزء من حفلات التسلية والمرح في الجلسات التي كان من المفترض أن تؤدي الى سد الفراغ في كرسي بعبدا.

والواضح أن نواب التغيير تأخذهم رياح من هنا ومن هناك، وبعضهم أدرك أن شعار “كلن يعني كلن” غير واقعي في التجاذبات السياسية الحاصلة في لبنان، وأن السياسة شعارها “فن الممكن” وليس “عنزة ولو طارت”، ومن هنا يمكن تفسير انتقال نواب أربعة نحو التحالف مع 23 نائباً آخرين، بينما اختار 9 آخرون عدم حضور اللقاء معهم بحجة لا 8 ولا 14.

النقاشات داخل مجموعات الثورة على “الواتس اب” مستمرة بوتيرة متصاعدة، والواضح أن البعض من يساريي الأحزاب “العلمانية” من بقايا الممانعة أو ما يسمى “اليسارويين التجدديين” ما زال يتمسك بشعار “كلن يعني كلن” وفي رأسه العقيدة الالغائية نفسها التي تمارسها أحزاب السلطة في صراعاتها بين بعضها البعض وحتى في تقديس شخصية الزعيم، ويتجلى ذلك في الدفاع ورفض الانتقادات التي توجه الى نواب التغيير والقول باعطائهم فرصة، فيما بدا البعض الآخر أكثر عقلانية في التعامل مع الواقع السياسي والحلول الاقتصادية وعدم الهروب الى الأمام بطرح شعارات تعيد الصراع الى نقطة الصفر.

يرى البعض في مجموعات الثورة أن الحقيقة لا بد أن تقال وأن نقد واقع الحال كان قاسياً بالنسبة الى بعضهم لأن الثورة لم تراكم الانجازات وانما خيبات الأمل.

وتعتبر مصادر أن ممارسة نواب التغيير للعمل البرلماني كانت تتم وفق العقلية اللبنانية ولم يتقبلوا النقد ولم يمارسوا داخل تكتلهم الديموقراطية بالتصويت على القرارات ولم تكن قراراتهم موحدة.

وتشير الى أن الجمهور الذي انتخبهم ومن أيدهم خاب أمله من هذا الأداء وربما ندم على انتخابهم، وهو أمر ليس مبالغاً به، فمن كان رافضاً للسلطة وأحزابها صار يعبّر عن رفضه لنواب التغيير أيضاً، وبهذا يذهب “الصالح بعزا الطالح”، بسبب المواقف الفردية والأنا للتكتل كمجموعة.

كان جمهور الثورة ينتظر نتائج نضاله بعد 3 سنوات، ويبدو أنه بات عليه انتظار 4 سنوات أخرى علَّ الانتخابات النيابية المقبلة تأتي بنواب جدد على قدر المسؤولية والمعرفة من أجل التغيير. ويرى البعض “أننا حالياً بفعل أداء النواب عدنا الى انقسامات ما قبل الثورة، وكثير مما كانوا معها في الشارع عادوا الى 8 و 14 بعدما شهدوا على خلافات التكتل والمواقف والقراءات المتباينة و(الولدنة)، ووجود كثير من الشخصيات المتطرفة التي ترفض الرأي الآخر وتريد فرض ما تراه مناسباً لها على الجميع، ولا تتنازل عن مواقفها، لذلك سيعود فريقا 8 و14 الى قوتهما السابقة”.

وتشدد المصادر على “أهمية الحوار حتى مع الخصم السياسي فواقع البلد لا يحتمل انقسامات جديدة وتوترات، وذلك من أجل الوصول الى نتائج أفضل والعمل مع الناس حتى نستطيع في الانتخابات المقبلة ازاحتهم وفرض توجهاتنا، علماً أنه لا يمكن لأحد اختصار رأي الكل ولا يجب حصول ذلك أيضاً. هناك من يحاول تصوير الصراع بأنه بين اليسار واليمين ولا يريد أن يتلاقى الثوار على نقاط محددة ويجترحون النقاشات اللامنطقية واللاعقلانية ويريدون أخذ الناشطين باتجاهات سياسية معينة أحياناً يسار بطابع يسار اسلامي مقابل يمين بطابع مسيحي، يعني العودة الى صراعات ما قبل الحرب الأهلية وهذا تسييس خطير يعيدنا الى خطاب هذه الحرب”.

في ظل هذا الواقع تطرح تساؤلات بين الناشطين كيف يمكن أن نستمر اذا لم تكن لدينا الشجاعة الكافية لاصلاح المسار؟ ولكن من يملكها لتحقيق ذلك؟

شارك المقال