التواصل الداخلي قائم… وانتخاب الرئيس رهن التوافق

هيام طوق
هيام طوق

صحيح أن الحركة الرئاسية الداخلية، والتشاور القائم بين مختلف الكتل النيابية، والمبادرات المتعددة والمتنوعة لم تؤد الى أي نتيجة، وأن تبلورها بحاجة الى المزيد من الوقت لدرس الخيار الأفضل وايجاد القواسم المشتركة حوله، الا أن عدداً كبيراً من النواب والفاعليات السياسية يعتبر أن خرق الجدار الرئاسي وارد لأن كل الجهود والنقاشات تتمحور حوله، والكل يدرك أهمية انتخاب الرئيس في أسرع وقت ممكن لأن الوضع لا يحتمل المزيد من الشغور والتعطيل. وبحسب أحد المراقبين، فإن هناك ناحية ايجابية يجب التوقف عندها وتتمثل في الليونة التي تبديها الأطراف كافة في المواقف والترشيحات بعد أن كان الكل يتشبث بآرائه، وذلك يترافق مع ضغط دولي، واتصالات ولقاءات خارجية تهدف الى تسهيل المهمة على اللبنانيين.

وبعد الكثير من الرسائل التي وصلت الى اللبنانيين بضرورة الاتكال على أنفسهم في انتخاب الرئيس، فإن هناك جهوداً حثيثة في الداخل في هذا السياق حتى أن البعض يذهب في تفاؤله الى امكان الانتخاب بين شهري شباط وآذار. وبين من يقول ان رئيس مجلس النواب نبيه بري سيحدد موعداً لجلسة انتخابية أولى في السنة الجديدة، الخميس المقبل، ومن يعتبر أنه سيحاول تمرير المرحلة بتفعيل عمل اللجان النيابية المشتركة إلى حين إنضاج الحركة الداخلية والسعي الخارجي على اعتبار أنه لم يعد مقبولاً الاستمرار في الجلسات الأسبوعية التي باتت توصف بالمهزلة والمسرحية. وبالتالي، سيحاول تجنيب البرلمان الصراعات افساحاً في المجال أمام إنجاح المشاورات وسط حديث عن امكان تسريع وتيرة الجلسات خصوصاً أن بري وعد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه معه عشية عيد الميلاد، بالسعي الحثيث للوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، اذ قال له سيد بكركي: “يا دولة الرئيس نريد أن تنتخب لنا رئيساً للجمهورية لأن الوضع لم يعد يُحتَمَل”. فردّ عليه بري، بالقول: “أنا أتمنى أن يُنتخب الرئيس غداً، ولكنني لست من يُعطِّل الإستحقاق الرئاسي، وأنت تعرف الجهة التي لا تريد إنتخاب الرئيس، وتعمل على التعطيل والتسويف، وأنا الأكثر حرصاً على أن ينتخب الرئيس المسيحي”. وأوفد بري أحد مسؤولي حركة “أمل” الشيخ حسن المصري، الى البطريرك الراعي ووضعه في تفاصيل الحركة التي يقوم بها.

وفي هذا السياق، لفتت مصادر مقربة من عين التينة الى أن “الحركة مطلوبة وضرورية وأساسية لأن نقيضها هو الجمود، وبالتالي، أي حركة في اتجاه الاستحقاق الرئاسي خطوة ايجابية وجيدة لأنه لا يمكن التفاهم الا من خلال التواصل، لكن هل التواصل يؤدي الى تفاهم؟ هذا ما تحكمه المسارات. نحن أضعنا فرصة كبيرة بعدم الاستجابة الى دعوة الرئيس بري الى الحوار”.

وشددت على أن “دعوة مجلس النواب الى انتخاب الرئيس واجب دستوري وميثاقي يلتزم به الرئيس بري الذي قال منذ اليوم الاول انه لا يمكن انتخاب رئيس للجمهورية ما لم يحصل التوافق، لكن هذا لا يعني أن بإمكانه عدم الدعوة الى جلسات انتخاب الى حين التوافق لأنه اذا لم يحصل التوافق الا بعد سنتين، هل يبقى مكتوف الأيدي؟. الرئيس بري يكرّس المعادلة الدستورية الطبيعية في المجلس النيابي، ويدعو الى انتخاب رئيس للجمهورية، لكن إن طلبت الكتل النيابية الاستمهال ريثما يتم الاتفاق على اسم الرئيس، فالرئيس بري يفتح ذراعيه لهذا الأمر، وفي نهاية المطاف، التوافق هو الذي سيؤدي الى الانتخاب وليس عدد الجلسات”.

وأوضحت المصادر أن “هناك جلسة لانتخاب الرئيس مبدئياً الخميس المقبل، لكن ليس هناك من جديد على هذا الصعيد. ولا يمكن أن نحدد أو نتوقع ماذا يمكن أن يحصل غداً، وأعتقد أن ليس هناك أي مسعى جدي وحقيقي حتى الآن يمكن البناء عليه لانتخاب الرئيس بحيث أن الكل يطالب بضرورة الانتخاب وأن لا يستمر الشغور لكن لا حركة فعلية. اما المساعي الخارجية فلم تصل الى نتيجة الى اليوم، ولا شيء جدي في هذا الاطار”، مشيرة الى أن “تسريع الجلسات أو تقريب مواعيدها، أمر وارد لكن اذا لم يحصل التوافق، فلا نتيجة من ذلك. الحوار هو الأساس في انتاج رئيس الجمهورية، والتوافق على المواصفات التي تطمئن كل الأطراف”.

وقال الوزير والنائب السابق إيلي ماروني: “أمام المأساة المعيشية في لبنان، والفراغ السياسي الذي لا مثيل له حيث لا رئيس للجمهورية وحكومة مستقيلة، والخلاف الكبير حول دستورية اجتماعاتها والمراسيم والقرارات الصادرة عنها، نلاحظ أن هناك استهتاراً بمصير الوطن والمواطنين وتقاعس عدد كبير من النواب عن القيام بواجباتهم في انتخاب رئيس للجمهورية. في فترة الأعياد، شهدنا اجتماعات واتصالات وزيارات، نأمل أن تكون هذه الحركة تجسد حالة وعي عند الكتل النيابية بأن لا بديل عن الحوار وعن التوافق وانتخاب رئيس للجمهورية واعادة تكوين المؤسسات في السلطة. نأمل لهذا التواصل خصوصاً لناحية حركة حزب الله باتجاه المراجع المسيحية أن يكون بداية وعي لمحاولة انقاذ ما تبقى من الوطن”.

أضاف: “نحن على مشارف انتهاء عطل الأعياد، وسنرى في الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس في السنة الجديدة، مواقف الكتل وأصحاب الأوراق البيض ان كانت ستتغير أو تبقى على ما هي عليه، وحينها كما يقال (المياه تكذب الغطاس) بحيث سيظهر ان كانت الحركة التواصلية على الاعلام فقط، ولالهاء الناس عن همومهم أو أنها جدية نحو الانقاذ”. وأشار الى أن “الاتجاه الدولي اليوم، الضغط لانتخاب رئيس للجمهورية، وحركة الرئيس بري مطلوبة، وهو يدرك أهمية دوره في انتخاب الرئيس وأهمية الانتخاب قبل فوات الأوان، كما يدرك الضغط الدولي والاقليمي لاعادة انتظام عمل المؤسسات”، داعياً الى “أن ننتظر الأيام المقبلة لنرى كيفية ترجمة هذا الحوار وهذا التواصل”.

ورأى أن “الجلسات الفولكلورية انتهى دورها، وهي تزيد من خيبات الأمل لدى المواطنين، والرئيس بري ألمح الى تأخير الجلسات على أمل التوافق بين الكتل كما دعا الى الحوار من أجل ذلك”، آملاً “أن يحصل التوافق وأن تكون هناك جلسة نهائية ووحيدة، ينجم عنها انتخاب رئيس للجمهورية”. واعتبر أن “الكلام عن تواريخ لانتخاب الرئيس لا يستند الى مؤشر، لكن ما يمكن أن نقوله انه اذا لم يحصل التوافق فليس هناك من رئيس. لذلك، في الأوضاع السيئة، فليذهب النواب الى جلسة مفتوحة، ليلاً نهاراً، لانتخاب رئيس للجمهورية”.

شارك المقال