هستيريا الواحد والعشرين من آذار

هدى علاء الدين

دخل 21 آذار 2023 التاريخ في لبنان، ليس لتزامنه مع عيد الأم أو بداية فصل الربيع، بل لأن الليرة اللبنانية وصلت إلى أدنى قيمة لها بعد أن سجلت حوالي 143 ألف ليرة للدولار الواحد. الدولار الأسود، الذي دخل مرحلة الأصفار الستة، أصبحت السيطرة عليه مكلفة جداً، خصوصاً وأن العملة الخضراء حوّلت لبنان إلى عصفورية يتغير فيها الدولار من حال إلى حال في ساعات معدودة.

جنون الدولار الذي ارتفع في ساعات قليلة حوالي 35000 ليرة للدولار، دفع المواطنين المحتجين إلى قطع الطرقات احتجاجاً على الارتفاع الهائل، في حين أغلقت الصيدليات أبوابها وأجبر العديد من المحال والمتاجر على الاقفال، ليُصدر بعدها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بياناً أشار فيه إلى أنه “بناءً لقانون النقد والتسليف وللمواد 75 و83، وبناءً لموافقة دولة رئيس الوزراء ومعالي وزير المالية، سيتم إجراء عملية مفتوحة ومستمرّة لشراء الأوراق النقديّة اللبنانيّة وبيع الدولار نقداً على سعر صيرفة، ويُحدد بـ90 ألف ليرة مقابل كل دولار ابتداءً من تاريخه”. وأوضح البيان أنّه يمكن للجمهور أن يسلم الليرة النقدية إلى الصرافين من فئة “أ” أو إلى المصارف العاملة على أن يتسلم الدولار بعد ثلاثة أيام، لافتاً إلى أنّه يمكن للمصارف التي تعود عن اضرابها المشاركة في هذه العملية، والهدف منها هو الحد من ارتفاع سعر صرف الليرة في السوق الموازية، والمحافظة على قيمة الودائع بالدولار المحلي.

وما إن صدر بيان الحاكم حتى تراجع الدولار بوتيرة متسارعة مسجلاً مساءً سعر صرف يتراوح بين الـ 105000 و108000 ليرة انخفاضاً من 143000 ليرة، في حين انخفض سعر صفيحة البنزين إلى 1,999,000 تراجعاً من 2,300,000 ليرة للصفيحة الواحدة.

من جهتها، استجابت المصارف لبيان الحاكم الذي رأت فيه فرصة سانحة لشراء الدولار عبر سعر منصة “صيرفة”، معلنة تعليق الاضراب المستمر منذ قرابة الأسبوع، وذلك بمناسبة بداية شهر رمضان الكريم وتسهيلاً لأمور المواطنين كافة، وفي ضوء الاتصالات الجارية مع السلطات المعنية لمعالجة الخلل في المرفقين القضائي والتنظيمي.

أنهى الدولار الثلاثاء جولة من الارتفاع المخيف بانتظار جولة جديدة، لتكون بذلك بروفة مصغرة لما هو آتٍ في ظل حال من الفوضى وأزمة دولارية خانقة لا يوجد من يردعها حتى الآن. فلعبة الدولار بين مصرف لبنان والصرافين ومنصة “صيرفة” والمضاربين أصبحت اللعبة الكارثية الوحيدة التي تتحكم بمسار العملة الخضراء، وتلهب معها أعصاب اللبنانيين وجيوبهم بعدما باتوا يدركون أن الانخفاض الوهمي للدولار سيتبعه ارتفاع مخيف بعد أيام قليلة. ومع انتهاء هستيريا 21 آذار الدولارية ولجم شرارة الانفجار التي قد تشتعل في القريب العاجل، يبقى الموعد الجديد رهن انتهاء مفعول البيان التخديري للحاكم.

شارك المقال