الموسيقى سلاح فتّاك في مسلسلات رمضان

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

مع قُرب انتهاء شهر رمضان، بدأت الصّورة العامة لكلّ مسلسل تكتمل، والحبكة تظهر بصورة أوضح، واقتربت النهايات.

اللّافت هذه السّنة توارد الأفكار بين العديد من كُتّاب المسلسلات، أو ربما افلاس بعض الكُتّاب الّذين أصبحوا يدورون في فلك الأحداث نفسها. ولكن في نظرة سريعة على أبطال المسلسلات وشخصيّاتهم، نرى هذه السّنة أنّ من بينهم موسيقيون، وأنّ الحبكة موصولة بفكرة الموسيقى الّتي ظهرت في بعض الأحيان بصورة “شرّيرة”.

عازفة البيانو المجرمة

أطلّت علينا هذه السّنة الممثّلة ورد الخال في مسلسل “للموت” بجزئه الثالث كاضافة قيّمة لمسلسل بات ينازع للبقاء على الشاشة في جزء آخر، فجسّدت دور “كارما”، عازفة البيانو المشهورة الّتي تُخبّئ خلفها شخصية مجرمة، امرأة عصابات، تُتاجر بالممنوعات، تقتل وتؤذي. فنراها تعزف البيانو بصورة هادئة في منزلها وفي القبو الّذي تُمارس فيه عملها المشبوه.

تظهر الموسيقى هنا بصورة معكوسة، فلطالما ارتبطت صورتها بالشّخص الحسّاس، الرومانسي، الهادئ والّذي يتجنّب المشكلات، أمّا هنا فالموسيقى تظهر مشكلات نفسية دفينة، حوّلت الموسيقي الى مجرم، اذ نرى “كارما” تعزف البيانو وسط الخضّات والعنف والموت.

الموسيقى سلاح يُرعب النّظام

يلعب الممثّل جورج خبّاز دور “عزيز” في مسلسل “النّار بالنّار”، وهو عازف وأستاذ بيانو يحاول أن يصل الى حقيقة مصير والده الّذي اختفى خلال الحرب. يحمل بداخله حقداً على السّورييّن لأنّه يعتقد أنّ والده خطف على أيديهم.

نرى “عزيز” في المسلسل، عازفاً يحاول أن يُخرج غضبه عبر الموسيقى. ولكن اللّافت في الموضوع مع تقدّم القصّة أنّ والد عزيز، والّذي كان بدوره عازفاً أيضاً، ربّما خُطف أو قُتل بسبب لحن أغنية استفزّت أحزاب السّلطة. وهنا يظهر الجانب الآخر للموسيقى أيضاً، ففي جملةٍ خلال المسلسل يقول خبّاز: “ما في شي بخوّف بالحرب أكثر من الفنّ”. هذه الجملة تُعيد لنا مشاهد من الثّورات العربيّة والأنظمة الّتي حاربت الموسيقى والموسيقيين لقدرتهم عبر الأغاني على حثّ الشّعوب على الثّورة ضدها.

للموسيقى تاريخ حافل في عالم الثّورات، بدءاً من الشيخ امام الّذي اعتُقل أكثر من مرّة بسبب ألحانه وأغانيه التي كانت تدعو الى الثورة، مثل “شيد قصورك”. حاربت الأنظمة الموسيقيين حتّى لجأ البعض الى قتلهم للتخلّص منهم، فمنذ اندلاع الثورة السورية، بدأت تصدح الأناشيد المناهضة للنظام السوري وعلى رأسها نشيد للناشط عبد الباسط الساروت الّذي عُرف بـ”أيقونة الثّورة السّورية”، حتّى انتهى به الحال مقتولاً على أيدي النظام السّوري.

شارك المقال