الدخان الأبيض للقطاع العام يتصاعد… بانتظار التمويل

هدى علاء الدين

بعد طول انتظار ومناقشات استمرت لأسابيع، أقرت الحكومة يوم أمس الزيادات وبدل التعويضات التي وعدت بها القطاع العام بالتزامن مع رفع بدل النقل لموظفيه إلى 450 ألف ليرة، شرط الحضور 14 يوماً على الأقل شهرياً وفقاً للدوام الرسمي ما لم يكن الغياب مبرراً قانوناً على ألا يتعدى الحضور 18 يوماً شهرياً، وذلك على وقع تظاهرات مطلبية للمتقاعدين وموظفي القطاع في رياض الصلح، فضلاً عن رفع الحد الأدنى للأجور للعاملين في القطاع الخاص أسوة بالقطاع العام، ليبقى الفارق بينهما هو الدولار الفريش الذي يتقاضاه القطاع الخاص كنسبة مئوية من الراتب.

ووفقاً لمقررات الحكومة، يُعطى العاملون في القطاع العام بما فيه السلك القضائي والمجلس الدستوري والمؤسسات العامة (ومن ضمنها الجامعة اللبنانية والمستشفيات الحكومية وتعاونية موظفي الدولة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) والمصالح المستقلة، تلفزيون لبنان، البلديات واتحادات البلديات، وسائر أشخاص القانون العام، المستخدمون وأجراء الخدمة في المشاريع المنبثقة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، وكل من يتقاضى راتباً أو أجراً أو مخصصات من الأموال العمومية، تعويضاً مؤقتاً يسدد اعتباراً من نهاية شهر أيار المقبل، يتضمن:

– أربعة أضعاف الراتب الذي يتقاضاه موظفو الملاك في القطاع العام والمتعاقدون والأجراء لديه، على أن لا يقل هذا التعويض المؤقت عن 8 ملايين ليرة شهرياً. ويُعتمد لاحتساب هذا التعويض المؤقت راتب العامل في القطاع العام الذي كان يتقاضاه في 1/1/2020 وتُضاف إليه الدرجات التي استحقها والمرتبطة بعدد سنوات خدمته الفعلية.

– ثلاثة أضعاف الراتب الأساس ومتمماته الذي تتقاضاه الأسلاك العسكرية على أن لا يقلّ هذا التعويض المؤقت عن 7 ملايين ليرة لبنانية شهرياً.

– ثلاثة أضعاف المعاش التقاعدي للمتقاعدين في جميع الأسلاك الذين يستفيدون من معاش تقاعدي (على أن يتم احتساب معاش العسكري المتقاعد على أساس المعاش بالإضافة الى كامل المتممات).

– مضاعفة بدل الساعة أو البدل الشهري المقطوع لمقدمي الخدمات الفنية وكذلك بدل ساعة التعليم للمتعاقدين مع الجامعة اللبنانية والمتعاقدين بالساعة في المعهد الوطني العالي للموسيقى (الكونسرفتوار).

– إضافة 50 في المئة على بدل الساعة للمتعاقدين في التعليم الأساسي والتعليم المتوسط والتعليم الثانوي والتعليم المهني والتقني والتعليم الزراعي الفني الرسمي.

وقد اشترطت الحكومة ألا يجوز أن يتجاوز التعويض المؤقت المبين أعلاه والمعطى للمستفيد الـ 50 مليون ليرة لبنانية شهرياً. وفي حال استفاد أي من المذكورين في الفقرة الأولى أعلاه من أكثر من تعويض أو مساعدة اجتماعية يتوجب على المستفيد إبلاغ الادارة المعنية عن الازدواجية ويستحق عندها فقط المساعدة الأعلى، باستثناء الأسلاك العسكرية في الخدمة الفعلية. كما أن هذا التعويض المؤقت يتسم بالطابع الاستثنائي، وعليه فهو لا يعتبر في أي حال من الأحوال ضمن المبالغ الخاضعة لاحتساب تعويض نهاية الخدمة أو معاشات التقاعد أو أي تعويض آخر، ريثما تنجز الحكومة مشروعاً متكاملاً لتعديل الرواتب والأجور. ويُعفى موظفو السلك الديبلوماسي المعينون في البعثات اللبنانية في الخارج من بدل التعويض هذا، وكذلك كل من يتقاضى بحكم وظيفته تعويضات بغير الليرة اللبنانية.

أما في ما يتعلّق بالقطاع الخاص، فقد أقرت الحكومة إعطاء جميع المستخدمين والعمال الخاضعين لقانون العمل زيادة غلاء معيشة بقيمة 4،5 ملايين ليرة لبنانية، على أن يُعيّن الحد الأدنى الرسمي للأجر الشهري بمبلغ 9 ملايين ليرة لبنانية (أي ما يُعادل 410,00 ليرات كحد أدنى رسمي للأجر اليومي). أما في ما يتعلق بتعديل قيمة بدل النقل اليومي فقد تحددت قيمة بدل النقل اليومي الذي يتوجب على صاحب العمل دفعه للأجير عن كل يوم عمل حضوري بـ 250 ألف ليرة، على أن يتم تعديله لاحقاً إلى 450 ألف ليرة أسوة بالقطاع العام. كذلك أقرت مضاعفة المنح التعليمية 3 مرات والتعويضات العائلية لتتخطى قيمتها الـ 3 ملايين ليرة لبنانية.

وعما إذا كانت كل هذه الزيادات ستنعكس على ارتفاع معدلات التضخم، كشف وزير الاعلام زياد المكاري أن الأموال مؤمنة وهي سترد من الدولار الجمركي ومن إيرادات المرافق العامة، مشيراً إلى أنه عندما تعود الادارات التي تُدخل أموالاً إلى العمل، فإن ذلك سيُسهم في حصول الدولة على موارد مالية إضافية.

بهذه الزيادات تكون الحكومة قد أزاحت عن كاهلها عبء اتخاذ القرار الذي يُنصف القطاع العام في ظل تدهور حاد في قدرته الشرائية، إلا أن الأهم يبقى في إيجاد مصادر تمويل مستدامة لهذه التعويضات وإن كانت الحكومة تُعوّل بصورة أساسية على الدولار الجمركي الذي سيشهد المزيد من الارتفاع كونه السلاح الأوحد الذي تمتلكه للحصول على الايرادات بعيداً عن اللجوء إلى مصرف لبنان وطبع المزيد من الليرة الذي تُبقي عليه كخيار يمكن اللجوء إليه في حال فشلت في تأمين ما يلزم من الأموال. إذاً، سيكون أمام الحكومة حوالي 40 يوماً لتأمين أموال القطاع العام، لتكون العين في المرحلة المقبلة على مصادر التمويل وانعكاسها على كل من سعر الصرف ومعدلات التضخم.

شارك المقال