“ابن المتسطحة” و”يسعد الله ومنتجاته”… “أفيهات مفتعلة” لركوب “الترند”

رحاب ضاهر
رحاب ضاهر

“الافيه” أو “اللازمة” في الأعمال الفنية، سواء في السينما أو الدراما ليست بالأمر الجديد والطارئ، فهي جملة كوميدية أو دعابة تأتي ضمن سياق العمل الفني، وتصبح متداولة بين الناس بسبب طرافتها، وتشتهر كثير من العبارات التي وردت في الأفلام والمسلسلات، ويرددها الجمهور في مواقف يناسبها “الافيه”. ومن أشهر الجمل التي وردت في الأفلام وتجري على ألسنة الناس مجرى الحكم والأمثال، جملة توفيق الذقن “أحلى من الشرف ما فيش” التي قالها في فيلم “أحبك يا حسن”، اما الفنان عادل امام فلديه قاموس من الكلمات التي استخدمها في أفلامه، ويرددها الناس ولعل أشهرها “أنا شربت حشيش يا سعاد”، و”سلملي عالبتنجان” و”خالتي بتسلم عليك” لنادية الجندي وغيرها الكثير والكثير من “الافيهات” التي راجت بين الناس، قبل عصر مواقع التواصل الاجتماعي و”الترند” و”الهاشتاغ”، وكانت تأتي بعفوية وخفة ظل من دون افتعال أو تصنع.

هذه اللازمة مع عصر “السوشيال ميديا”، تحولت الى افتعال من أجل “الهاشتاغ” وركوب موجة “الترند”، وكان أول من روّج لها النجم السوري تيم حسن في مسلسل “الهيبة”، بحيث كان يردد جملة “ما تهكلو للهم” و”ارميها على الله” و”فرج”، فكان توظيفها مناسباً ولقيت رواجاً بين الناس، بل أصبح هناك قاموس خاص بكلمات جبل في “الهيبة”، وكانت تتصدر “الترند” وقت عرض المسلسل.

رواج هذه المفردات في “الهيبة” أغرى صنّاع الدراما المشتركة بـ “افتعال” لازمة في الأعمال المشتركة “لزوم الترند”، فجاء بعضها “مقبولاً” و”خفيفاً” من دون تكلف، فمثلاً في مسلسل “عشرين عشرين” اعتمد الممثل قصي خولي على تكرار عبارة “يا عفو الله”، بينما شريكته نادين نسيب نجيم اشتهرت بكلمة “منهنهة”، وتحولت هاتان العبارتان حينها الى “ترند”، وكان لها قبول لدى الجمهور، ولم يخلُ “صالون زهرة” من عبارات “الترند” مثل “يا ما شاءالله” و”منتوف يا دجاج”.

في دراما رمضان 2023 تبدو هذه اللازمة حاضرة و”ضرورة ملحة” في أكثر من عمل، ولكن بعضها خرج عن سياق الطرافة، فجاء مفتعلاً ويخلو من خفة الظل، كالعبارات التي يستخدمها قصي خولي في مسلسل “وأخيراً” وهي “حبيب هارتي” و”يسعد الله ومنتجاته”، بينما تستمر ماغي بوغصن في استنزاف كلمة “يا صغيّر” في الموسم الثالث من “للموت”، اما كارول عبود فقد فقدت عفويتها وخفة ظلها بمبالغتها في استخدام عبارة “أين الرزق؟” وأصبحت نوعاً من التكرار الممل والمستهلك، وخرجت عن نطاق الكوميديا.

النجم تيم حسن، كان له نصيب من العبارات الرائجة في مسلسله “الزند: ذئب العاصي”، ولكن هذه المرة لم يكن موفقاً كثيراً في مفرداته التي اختارها لتكون “معجماً” خاصاً به كما في “الهيبة”، اذ استعان بكلمات فجة وسوقية كـ “ابن المتسطحة”، و”ابن المفرشخة”.

“الافيه” لدى تيم حسن في “الزند” لم يتوقف عند الكلمات السابقة، بل وعلى سبيل “الاستظراف”، أقحم اسم الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، بطريقة “هزلية” حين قال: “الفرصة وقت اللزي بتمدلك راسها، لا تتحيون وتعطيها ضهرك”، مع العلم أن نيتشه توفي في العام 1900 ميلادي، في حين أن أحداث مسلسل “الزند” تعود الى القرن الثامن عشر والعهد العثماني، اضافة الى أن طبيعة شخصية عاصي كقاطع طريق لا “تتقاطع” مع فلسفة نيتشه ولو كان على سبيل الدعابة، فجاء “الافيه” خالياً من الكوميديا، التي يحاول تيم حسن تمريرها بين حلقة وأخرى في المسلسل، على غرار ما كان يفعل في مسلسل “الهيبة”.

وعلى العكس من مسلسلي “وأخيراً” و”الزند”، فاللازمة في مسلسل “النار بالنار” جاء توظيفها مناسباً وضمن السياق وملائماً للشخصيات والمواقف التي تقال فيها، من دون افتعال أو اقحام من أجل “الترند”، فتأتي كلمة “الله يحن عليك” التي ترددها كاريس بشار في مكانها. اما الممثل جمال العلي الذي يؤدي دور “أبو رضا” فيردد كلمة “انشنتايم” بطريقة كوميدية تناسب طبيعة الدور، وتحظى باعجاب الجمهور.

شارك المقال