لبنان يودّع ARDMORE ويستقبل DARK MOON

ساريا الجراح

لم ينتهِ العراك بين “تطاول الطاقة” و”كوميسيون الحكومة”، بل تطوّر حتّى فرض احتمالية العتمة الشاملة التي قد يواجهها اللبنانيون في مطلع تشرين الأول. وقبيل مغادرة باخرة الغاز أويل “ARDMORE” المياه الاقليمية اللبنانية من دون أن تترتب على الدولة أي غرامات أو تكاليف عالية تاركة خلفها مصير قطاع الكهرباء واحتمالية دخول لبنان في “النفق المظلم” الذي لطالما خشيه الشعب اللبناني، أعرب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن رفضه التام لمطالبة وزارة الطاقة بفتح اعتمادات لباخرة الفيول نهاية الشهر الماضي. وعلى أثر القرار الحكومي أطلّ علينا وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض بكتاب رسمي ألغى على أثره عقد الشراء الموقع مع شركة coral energy DMCC المتعلق بشراء شحنة الغاز أويل، وذلك لعدم وجود امكان فتح الاعتماد المطلوب لتغطية ثمن الشحنة. واللافت هنا التحذير الذي أتى في كتابه، مبشّراً اللبنانيين بأن وضعية المخزون قد تصل الى مستوى حرج مع شهر تشرين الأول، ما يؤدي الى احتمال انقطاع التيار الكهربائي بصورة كبيرة وشاملة.

وأكد فياض في حديث لـ “لبنان الكبير” أن الموضوع الرئيس يتمحور حول عدم إعطاء الأولوية لتأمين الرصيد مقابل الليرات لفتح الاعتمادات اللازمة التي تساعد في بدء عمليات التغذية، موضحاً أن “المعني الأساس اليوم بعدم صرف الاعتمادات هو مصرف لبنان بغطاء من الحكومة اللبنانية ما أجبرنا على تبديل الفيول لأن ما في حل تاني”.

وعن أسباب إعادة الفيول وإلغاء عقد الشراء، قال فياض: “الحكومة والمصرف لم يلتزما بقرار مجلس الوزراء الذي أعطى للخزينة مبلغ ثلاثمئة مليون دولار”. وأشار الى أن “السؤال الأهم اليوم هو كيف سنزيد التغذية بغياب الفيول؟ وعلى الرغم من وجود كميات من الفيول العراقي تغطي فترة أربع ساعات يومياً ولا بأس بها الا أن طموحنا لا يقف عند تأمين ساعات اضافية للكهرباء، بل زيادة التغذية واعطاء كهرباء من شركة كهرباء لبنان لفترة تصل الى 12 ساعة وهذا لن يحصل في ظل غياب الفيول وامتناع المعنيين عن توفير الاعتمادات”.

وكشف وزير الطاقة أسباب امتناع ميقاتي ومصرف لبنان عن إقرار الاعتمادات، لافتاً الى أن “السبب الأول يعود الى ادراجهم أولويات أخرى مثل الدولار الذي ينفق على الدولة بقيمة أربعين مليوناً، ومن جهة ثانية رواتب القطاع العام التي تستند عملتها الى الليرة اللبنانية والتي تم تحويلها الى الدولار”. وشدد على أن استراتيجيته ستوفّر المازوت على الدولة بقيمة مليارين ونصف المليار دولار، متوجّهاً الى من يدعمون مشروع عدم زيادة التغذية، بالقول: “أنتم تناصرون المولدات الخاصة ليس الا!”.

“أنا قلتلو بدي ياها وهوّي قال لأ، ما بقى ترشّوا الرماد بالعين”، هكذا عبّر فياض عن غضبه حيال الذين لا يريدون توفير الفيول للكهرباء، كما أن امكان تحويل الليرات الى دولار مستحيل لديهم نسبة الى اصرارهم على اعتماد المولدات الخاصة.

وفي ما يخص قرار ميقاتي، أكد النائب السابق علي درويش لـ “لبنان الكبير” أن رئيس الحكومة يتّبع الأصول بكل شفافية، مشدداً على أن الباخرة لم تأخذ الموافقة المسبقة بفتح الاعتماد في ظل حاكم جديد لمصرف لبنان يعتمد المنهجية الصارمة في سياسة الصرف. وأشار إلى أن القرار الذي اتخذه ميقاتي صائب الاتجاه.

وحول امكان دخول لبنان في “النفق المظلم”، أجاب درويش: “الفيول الموجود متوافر الى فترة زمنية مقبولة نسبياً الى حين استحضار أخرى”.

اذا بقيت الباخرة ARDMORE معلّقة في المياه الاقليمية اللبنانية فستكلّف الدولة أعباء هي بغنى عنها، وإذا أدخلت يردعها ميقاتي ولا يصرف اعتماداتها، وفي حال لم يصرف الاعتماد يوقع فيّاض كتاب الغاء عقد شرائها ويطمر حلم اللبنانيين بساعات كهرباء اضافية، وفي ضوء هذه التعقيدات يقع المواطن ضحية العتمة والتقنين والمفاوضات.

شارك المقال