النمو في لبنان عند 3% في 2024 مقابل 3 أولويات

هدى علاء الدين

أصدر البنك الأوروبي لاعادة الإعمار والتنمية (EBRD) تقريره الاقتصادي السنوي لمنطقة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط، والذي يتضمن توقعات لنمو الاقتصاد اللبناني في العامين 2023 و2024. وبحسب التقرير، لا يُتوقع نمو الناتج المحلي الاجمالي في لبنان عام 2023، وسط تقاعس سياسي وتعثر الاصلاحات وتزايد حالة عدم اليقين المحيطة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي بعد توقف الاصلاحات الأساسية، ما أدى إلى إبقاء لبنان خارج الأسواق الدولية واستنزاف الاحتياطيات الأجنبية.

وأشار البنك في تقريره الانتقالي 2022 و2023 الى أن لبنان يغرق أكثر في أزمة مالية واقتصادية، بحيث أدت هذه الأزمة إلى انخفاض قيمة العملة اللبنانية بصورة حادة، وارتفاع معدل التضخم إلى مستويات قياسية وزيادة معدلات الفقر والبطالة، فضلاً عن زيادة الضغط على المالية العامة للحكومة. وفي الوقت الذي يقدم فيه تحسن التحويلات المالية وعائدات السياحة بعض الراحة، إلا أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة أضاف المزيد من الضغوط الى الاحتياطيات المستنفدة من العملات الأجنبية في مصرف لبنان.

ولم يتمكن لبنان من إقرار الاصلاحات المنصوص عليها في اتفاقية نيسان 2022 على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي. وقد أدى ذلك إلى تأخير التوصل إلى اتفاق نهائي معه والذي من شأنه أن يفتح المجال أمام الوصول إلى الكثير من موارد التمويل اللازمة وغيرها من المصادر.

وفي العام 2024، يمكن أن يعود الاقتصاد إلى النمو المتوقع بنحو 3 في المئة، شرط التغلب على العقبات السياسية، والتقدم في الاصلاحات والمضي قدماً ببرنامج صندوق النقد، والذي سيسمح أيضاً باستئناف المفاوضات مع الشركاء الدوليين. وبحسب البنك، تضمنت الأولويات الرئيسة لعام 2023 ثلاث نقاط أساسية، من أجل تحقيق النمو المرجو العام المقبل وشملت:

  1. تلبية متطلبات برنامج الاستقرار والاصلاح البنيوي الذي يدعمه صندوق النقد الدولي، إذ من شأن الاتفاق أن يساعد في إعادة بناء المصداقية بشأن الالتزام بالاصلاح وتوفير الوصول إلى التمويل الخارجي اللازم.
  2. إنشاء شبكة أمان اجتماعي شاملة حتى تتمكن الأسر من الحصول على الطاقة والغذاء بصورة أفضل. صحيح أن التغطية الأوسع ونظام البطاقة التموينية الأكثر شفافية يشكلان ضرورة أساسية لنجاح إعانات الدعم الموجهة لمكافحة مستويات الفقر المتفاقمة، إلا أن الدعم من جانب المانحين سوف يشكل أهمية بالغة.
  3. إحراز تقدم في إصلاحات قطاع الطاقة يعدّ أمراً ضرورياً لإطلاق العنان للتمويل اللازم لتطوير قدرة القطاع. فالالتزام الأقوى بإنتاج طاقة أكثر مراعاة للبيئة وتحسين الكفاءة من شأنه أن يساعد إلى حد كبير في معالجة النقص الحاد والحد من الاعتماد على الواردات.

ومع ذلك، يواجه الاقتصاد اللبناني تحديات كبيرة في المستقبل، بما في ذلك استمرار التضخم، وانخفاض الاحتياطي الالزامي، والحاجة إلى إصلاحات هيكلية عميقة في العديد من المجالات والقطاعات، بحيث يبقى من الضروري أن يكثف لبنان الرسمي جهوده لتحقيق هذه التحديات إذا ما أراد تحقيق نمو اقتصادي مستدام.

من جهة أخرى، يتوقع البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، نمواً اقتصادياً متواضعاً في العام 2023 في منطقة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الاجمالي في هذه المنطقة بمتوسط 3.7 في المئة في العام 2023 و3.9 في المئة في العام 2024، وهو أقل بقليل من التوقعات السابقة، ما يعكس التأخير في الاصلاحات الهيكلية وزيادة نقاط الضعف المالية والخارجية.

ومع ذلك، فقد تمكنت اقتصادات المنطقة من الصمود في وجه البيئة العالمية الصعبة بصورة جيدة نسبياً، وذلك على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم وتشديد شروط التمويل، الأمر الذي أدى إلى زيادة الضغوط السيادية. ولا يزال ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء يؤثر على الموارد المالية للأسر والحكومات، على الرغم من أن معظم الاقتصادات في المنطقة قد عاد إلى ضبط أوضاع المالية العامة في العام 2023.

شارك المقال