مسار الليرة والدولار… لا مزيد من الانهيار!

منى مروان العمري

احتمال توسع حدود المواجهة بين “حزب الله” واسرائيل جنوباً والانزلاق نحو حرب شاملة، لا يزال يثير مخاوف كبيرة من اتجاه الأمور نحو الاسوأ، لا سيما أن البلد لا يمكنه احتمال ذلك ولا قدرة لديه على الاستمرار في ظل الوضع المنهار على الأصعدة كافة، وخصوصاً على الصعيد الاقتصادي والنقدي في أجواء تتخللها حالة من عدم الاستقرار السياسي، الأمر الذي يستدعي القلق من تدهور أكثر لسعر صرف الليرة مقابل الدولار وبالتالي فقدان السيطرة في مجالات عدة. فهل تتجه الأمور نحو كارثة نقدية في هذه الحالة؟

جابر: الدولار سياسي خرج من القواعد الاقتصادية

أشار الخبير الاقتصادي أحمد جابر لموقع “لبنان الكبير” الى أن “العملة الوطنية ترتبط بالعديد من العوامل، منها ميزان المدفوعات ومدى إيجابية رصيده، كونه يؤدي الى زيادة احتياط العملات الصعبة ما يعكس واقعاً ايجابياً على سعر صرف العملة الوطنية، بالاضافة الى العوامل السياسية في ظل غياب الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان والذي يؤدي إلى غياب الاستقرار النقدي، وفي حالة لبنان بات معروفاً أن الدولار هو دولار سياسي خرج من القواعد الاقتصادية ليدخل في القواعد السياسية”.

ان سعر صرف العملة الوطنية لا يزال حتى الآن مستقراً ما يشير إلى أن الليرة لن تتأثر بصورة كبيرة كما يظن الناس، بحسب جابر الذي أوضح أن “كمية النقود الورقية من العملة الوطنية هي أقل مقارنةً بالدولار، فالناس تخلّت عن الليرة اللبنانية كمستودع للقيمة أو كأداة للإدخار واستبدلتها بالدولار، وبالتالي ما يملكه المواطن اليوم هو الدولار وليس عليه القيام بعملية بيع وشراء في هذه الظروف، أما لو كان يملك الليرة لتخلى عنها وبالتالي التخلي يؤدي إلى تراجع قيمة الليرة ما يؤدي الى زيادة الطلب على الدولار، وهذا لم يحصل لأن ما يملكه اللبناني هو الدولار وليس الليرة، وما ساعد على هذا الأمر اعطاء مصرف لبنان رواتب بالدولار في وقت حجب فيه التداول بالليرة ومنع تجارها وتجار الدولار من أن يحققوا مكاسب من خلال البيع والشراء ما أدى الى استقرار العملة ومنع انهيارها”.

وكانت مصادر معنية بالوضع الاقتصادي أكدت في حديث صحافي أن “الأمور في حال انزلقت  إلى مزيد من التصعيد وذهبنا إلى حرب شاملة وترتّب عن ذلك شح كبير في العملة الدولارية، عندها لن تكون هناك عمليات شراء كبيرة للدولار من الشركات والجمهور، وهذا يمكن أن يؤثر على سعر الصرف، وقد لا يكون التأثير كبيراً كما يظن البعض، ربما لأن مصرف لبنان لا يضخ كميات كبيرة في السوق فتبقى العملية متوازنة”، معتبرة أنه لا يمكن الجزم بما إذا كان الدولار سيتأثر بصورة كبيرة في حال إندلاع الحرب، “وربما لن يكون الارتفاع كبيراً في سعر الصرف، لأن متطلبات السوق ستحسم مدى الحاجة الى الدولار وشحه في الأسواق”.

مارديني: انعدام الاستقرار الأمني ينعكس على النقدي

أما الخبير الاقتصادي باتريك مارديني فقال لـ “لبنان الكبير”: “ان انعدام الاستقرار الأمني سينعكس على الاستقرار النقدي وبالتالي يؤدي إلى حدوث أمر من اثنين، إما خسارة إحتياط العملات الأجنبية لمصرف لبنان في حال قرر المصرف أن يحافظ على استقرار سعر الصرف وباستطاعته الحفاظ على هذا الاستقرار ولكن سيجعله يخسر دولاراته ما يؤدي إلى تفاقم أزمة الودائع وأزمة المصارف، وبالتالي تزداد الأزمة التي نعيشها اليوم، وإما أن يقوم بالحفاظ على احتياطه من الهدر لكنه سيسمح لسعر صرف الليرة بالانهيار، وبالتالي الخيار الأكثر ترجيحاً – في حال دخل لبنان الحرب – هو خيار هدر الاحتياطي، وهذه السياسة متبعة للحفاظ على استقرار سعر الصرف”.

ولفت الى أن “هذه السياسة مؤقتة لا تعطي نتيجة مستدامة لذا يفضلها السياسيون ليوهموا الناس بالاستقرار”.

شارك المقال