ارتفاع تكلفة المعيشة يهدد الأمن الغذائي اللبناني

هدى علاء الدين

يشكل ارتفاع تكلفة المعيشة تهديداً خطيراً للأمن الغذائي في لبنان، حيث أدى ارتفاع الأسعار إلى انخفاض القدرة الشرائية للسكان، ما جعل العديد من الأسر اللبنانية تواجه تحديات كبيرة في توفير الغذاء بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة.

فقد أظهر تقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي ارتفاع تكلفة سلة إنفاق الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة في لبنان بنسبة 3 في المئة في آب 2023 مقارنة بشهر تموز لتصل إلى 31.4 مليون ليرة لبنانية شهرياً لأسرة مكونة من خمسة أفراد. وترجع هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بحيث ارتفع معدل تضخم أسعار المواد الغذائية على أساس سنوي إلى 274 في المئة.

وسجلت تكلفة السلة الغذائية وحدها زيادة بنسبة 5 في المئة، لتصل إلى 2.9 مليون ليرة لبنانية شهرية للشخص الواحد. كما ارتفعت تكلفة السلة غير الغذائية بنسبة 1.3 في المئة. ويأتي هذا الارتفاع في تكلفة المعيشة وسط تباطؤ في التضخم الاستهلاكي، الذي سجل 0.9 في المئة في آب 2023، مقارنة بـ 7 في المئة في تموز 2023.

كما أظهرت تقديرات التصنيف المرحلي المتكامل الثاني للأمن الغذائي في لبنان أن 25 في المئة من السكان الذين تم تحليلهم (1.4 مليون فرد) يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينما يكافح 45 في المئة منهم للحفاظ على استهلاك غذائي كافٍ.

وعلى الرغم من ذلك، انخفض معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي من 37 في المئة في أيلول 2022 إلى 25 في المئة في أيار 2023. ويرجع ذلك إلى زيادة تغطية المساعدات الغذائية الانسانية، وتعزيز استقرار سلسلة الامدادات الغذائية، وزيادة فرص العمل للمواطنين، وعوامل أخرى.

وبجسب برنامج الأغذية العالمي لعام 2023، بلغ إجمالي التمويل المطلوب للبنان 1.8 مليار دولار، تم استلام 30.7 في المائة منه حتى الآن. وأشارت تقديرات البرنامج إلى أن 3.1 ملايين فرد في لبنان بحاجة إلى مساعدات غذائية، وقد تمت مساعدة 1.8 مليون فرد بحلول أيلول 2023.

وبالتفاصيل، فقد دعم البرنامج 72,300 عائلة لبنانية محتاجة (270,600 فرد) بطرود غذائية، ويخطط لمساعدة 100,000 طالب في المدارس العامة بالوجبات المدرسية في العام الدراسي 2023 -2024، بالاضافة إلى 407,400 مواطن لبناني من خلال البرنامج الوطني لاستهداف الفقر. كما أنهى المدفوعات المقدمة لـ 334,000 فرد تمت مساعدتهم في إطار برنامج شبكة الأمان الاجتماعي الطارئة بحلول آب 2023، مع مستحقات نقدية إضافية لـ 73,800 فرد في إطار البرنامج في أيلول.

وفي الوقت نفسه، أجرى برنامج الأغذية العالمي تقويمات لمتاجر 200 من تجار التجزئة، بناءً على أدائهم وفاعليتهم واحتياجاتهم التشغيلية، وقام بتمديد العقود مع 165 تاجر تجزئة. كما تم تقويم 17 من تجار التجزئة المتعاقدين للمشاركة المحتملة في برنامج التغذية المدرسية التابع للبرنامج.

على صعيد آخر، ونظراً الى استجابة برنامج الغذاء العالمي للأزمات من خلال المساعدات النقدية للاجئين، فقد قدم البرنامج مساعدات نقدية لأكثر من مليون لاجئ من خلال ثلاث طرق شملت النقد متعدد الأغراض، والنقد مقابل الغذاء، وبطاقات الطعام الالكترونية.

واعتبر التقرير، أن لبنان يعيش حالياً عامه الرابع من الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ما أدى إلى وجود مناصب شاغرة متعددة في الحكومة ومؤسساتها، الأمر الذي يؤخر تنفيذ خطة التعافي الاقتصادي. وقد أثر عدم الاستقرار هذا بصورة كبيرة على الأمن الغذائي لكل من الأسر اللبنانية والسورية.

تُعد الأزمة السياسية والاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ العام 2019 من أبرز التحديات التي تواجه البلاد، بحيث أدت إلى تعطيل النظم الغذائية وانتشار سوء التغذية بين السكان، لا سيما الفئات الأكثر هشاشة المتمثلة في الأسر الضعيفة والنازحين الذين يجدون صعوبة كبيرة في تأمين احتياجاتهم الأساسية. ونتيجة لهذه التحديات، بات انعدام الأمن الغذائي مشكلة خطيرة في لبنان، حيث يُنذر هذا الوضع بتفاقم الأزمة، التي من المتوقع لها أن تستمر مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية بوتيرة تفوق القدرة الشرائية بكثير.

شارك المقال