العملات المشفرة ملاذ آمن للاستثمار أم فقاعة؟

ندى الحوت
ندى الحوت

ظهرت العملات المشفرة في سوق التداول وأصبحت محط تجاذبات متكاملة وجزءاً من اللعبة المالية العالمية على الرغم مما أثارته من تساؤلات، فهل هي فقاعة إقتصادية؟ وما هو مستقبل هذه العملة في ظل تحريمها من أزهر مصر عام 2021 وتعزيز دورها في النظام المالي والمؤسسات في الامارات؟ وأين لبنان منها في ظل غياب دور البنوك وتعقيد المعاملات اليومية للبناني؟

إنتشرت العملة الرقمية في لبنان بحثاً عن الأمان وتحصيل الودائع، وتكمن خطورتها في أنها غير مرتبطة بنظام مالي، وتعدينها أي خلقها يؤدي الى أزمة وحاجة إضافية من الطاقة بحسب الخبير الاقتصادي والمالي د.محي الدين الشحيمي، فنتيجة الأزمة وحجز الودائع اتجه بعض اللبنانيين إلى المال الرقمي كونه لا علاقة له بالدولة ولا بالقانون، حتى أنه، غير ممسوك، وهنا الخطورة.

الشحيمي: الخطر الأكبر في التفكير بالأرباح لا الخسائر

والخطر الأكبر بحسب الشحيمي “تفكير اللبناني في الأرباح فقط، فيما عليه التفكير في الخسائر والخطورة هي انتاج المال الرقمي بصورة مستقلة ومتحررة عبر الانترنت وهو ما يسمى التعدين، الذي هو ملاذ في مكافحة التضخم والهروب من إنخفاض القدرة الشرائية نتيجة تدهور العملة الوطنية في لبنان ومن خلال إعتماد الفرد على العملة الصعبة في حياته اليومية”.

ويشير الشحيمي الى أن “المخاطر عالية لتداولها في لبنان وهي: أولاً: المخاطر التقنية حيث سهولة خسارة العملات الافتراضية وذلك بسبب الخطأ في كتابة العنوان الصحيح لعملة البيتكوين أو غيرها أو حتى فقدانها، وكذلك عبر تعرضها للسرقة وعدم القدرة على تتبع السارق لمجهولية الخريطة التتبعية، وهنا أعني بصورة خاصة ومباشرة تلك العملات التي لا تعتمد على تقنية بلوك تشين في عملية تداول العملات الافتراضية – اذ يسود إمكان اختراق المحافظ أو حتى المخازن الرقمية للعملات الالكترونية الافتراضية. وهنالك كذلك الازدياد في خطر هجمات القرصنة على عملية التداول التي تتم من المستهلكين. يتضاعف أيضاً خطر تعطل خطوط الانترنت والكهرباء، لاعتماد العملات الافتراضية عليها فقط، مع إحتمال سيطرة شركات التعدين على العملات الرقمية الافتراضية بطريقة احتكارية، ومع عدم مقدرة المعدنيين على التعامل مع التطور وحماية عملاتهم من الاختراق؛ لأسباب مادية أو سياسية أو اقتصادية”.

إستخدام البيتكوين لاخفاء أصول الأموال غير القانونية

ويضيف: “ثانياً: المخاطر الاقتصادية وتتجلى في إعتراف الدول العظمى بالعملات الرقمية الافتراضية كالبيتكوين كوسيلة للتبادل والدفع لتسوية المدفوعات التجارية الدولية، وهذا ما يرتب فقد القيمة النقدية للعملات الوطنية مع صعوبة الحفاظ على المعروض النقدي. ويتجلى كذلك في إتساع الهوة بين الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد المالي مع تزايد مشهود للتعاملات المالية بالنقود الافتراضية، إذ تتزايد الهوة بين الاقتصاد الحقيقي أي البنوك التقليدية التي يتم فيها إيجاد وتبادل السلع والخدمات، وبين الاقتصاد المالي أي الكريبتو الذي تباع وتشترى فيه المنتجات المالية لغرض رئيس وهو الربح المالي فقط من فروق الأسعار”.

أما ثالثاً، وفق الشحيمي فهي “مخاطر عملية التعدين وتنقسم الى شقين، الأول: إستخدام عملة البيتكوين واستهلاكها مرتين من مستخدم للعنوان نفسه، وتدعى باستخدام العملة مرتين ما دعا المطورين الى استخدام تقنية بلوك شين لحماية المستخدمين من خطر تكرار الاستخدام، للتحقق من البيانات الخاصة. اما الشق الثاني فيتمثل في الخطر الثاني من المعدن غير الشريف بقيامه بإدراج صندوق سجلات وهمية عبر النظام، يترتب عليه حصول المعدن على عدد من عملات البيتكوين الجديدة من دون وجه حق”.

وعن المخاطر المتعلقة بسوق المال الأسود، يوضح الشحيمي أنها “في إستخدام عملات البيتكوين لاخفاء أصول الأموال التي تم الحصول عليها بطريقة غير قانونية والأشخاص الذين يعملون في الأسواق السوداء، في محاولة للحصول على تسوية الدفع. في غسيل الأموال يقوم الوسطاء بتجميع الأموال من مصدر ونقلها إلى مصدر آخر من خلال البيتكوين. ولا يسعنا الا التنبيه على أنها وسيلة مع عدم وجود بيانات شخصية خاصة للتداولات المشبوهة مثل تجارة السلاح وغيرها من التداول المشبوه”.

لبنان غير جاهز لحماية المتداول من عمليات النصب

وحول المخاطر التي تطال المتعاملين بالعملات الافتراضية، يؤكد الشحيمي أن “لا جهة رقابية يمكن للشخص أن يرجع اليها للاحتكام في حالات النصب والغش في لبنان. المستخدم مسؤول بصورة مطلقة عن أمواله الافتراضية الرقمية، فالثقة التي تعد أهم قيمة للعملات تتلاشى في لحظة نتيجة هشاشة عملية التتبع التي تضمن إتمام المعاملات، كما أن العملة الرقمية يمكن أن تتوقف تماماً ما يعني خسارة القيمة بالكامل. ولأن هذه الفئة من العملات وتداولها لا يخضعان لقواعد محددة، فليس هناك أي سند لها في حال خسارة المتعامل ثروته وآخرون لديهم مهارات اختراق أوسع تمكنهم من سرقة ثروة غيرهم وقرصنتها. ولا بد في النهاية من اضافة نوع آخر من المخاطر وهي المخاطر المتعلقة بحرمان الدولة وتفلتها من حقها بتقاضي حتى الضرائب وجمعها، بحيث أنها لا يمكنها هنا تقاضي ضرائب على العمليات التجارية المتعلقة بالعملات الافتراضية في لبنان أو غيره من البلدان”.

شارك المقال